رقدت الأسطورة صباح، مساء اليوم، في مدافن العائلة في بدادون، بعد يوم وداع طويل، اختلط فيه الحزن على رحيلها، بالفرح الذي أوصت بأن يكون عنوان جنازتها.
فبعد الحازمية والجناز في وسط بيروت، وصل موكب تشييع صباح الى الفياضية عند الساعة الرابعة و45 دقيقة، وكانت الحشود الشعبية في إستقباله، وقد أضيئت كنيسة السان تيريز وقرعت الأجراس بشكل متواصل، كما نثرت الزهور على سيارة دفن الموتى البيضاء التي كانت تقل الجثمان.
ومن الفياضية إلى وادي شحرور التي زينت ساحاتها وطرقاتها بالأعلام اللبنانية وصور “الصبوحة”، وصل الموعد عند الخامسة إلا خمس دقائق، حيث استقبل بالزفة وقرع أجراس الكنائس وعزف الموسيقى، ثم أنزل الأهالي النعش المغطى بعلم لبنان ورفعوه على الأكف، وسط إطلاق المفرقعات النارية تحية وفاء لكل ما قدمت هذه العملاقة للبنان والعالم. ورافقت الموكب سيارات الشرطة البلدية، ورفعت اللافتات التي كتب عليها “يا صباح أرزة خالدة كما أرز لبنان”، “سيبقى صوتك ملوناً أيامنا بألوان المحبة والعطاء يا شحرورة الوادي”.
وإلى حومال حيث رفعت أقواس النصر عند مدخلها، وصل الجثمان عند السادسة وسط الزغاريد والتصفيق من قبل الأهالي تلبية لوصية صباح بأن يكون يوم دفنها يوم فرح، لأنّها لا تحب الحزن. وقد واكبت القوى الأمنية الموكب ورافقته وسط إجراءات مشدّدة.
وكانت المحطة الأخيرة في بدادون مسقط الفنانة الراحلة، حيث وصل الموكب الساعة السادسة والنصف مساء، وأنزل الأهالي النعش وحمل على الأكف، وسارت أمامه الصلبان المقدسة وصورة العذراء مريم وأعلام الأخويات المريمية والأعلام البابوية الصفراء وأعلام لبنان، وعزفت موسيقى الجيش الموسيقى التكريمية، كما نثر الأرز والورود على الموكب واطلقت الألعاب النارية وسط حماية من القوى الأمنية والشرطة البلدية. كما رفعت صورة كبيرة لصباح فوق مدخل الكنيسة.
ورافق الجثمان أهالي البلدة وفرق الكشافة، على وقع الأغاني ورقص الدبكة كما أوصت، فعمت الأفراح جنازة “الصبوحة”، التي أوصت بأن “يضعوا الدبكة ويرقصوا في يوم موتي”، وهذا ما حصل فعلاً.
ثم أدخلت الى كنيسة البلدة ورفعت صلاة البخور لراحة نفسها، وسط قرع الأجراس من دون توقف وذرف الدموع، بعد ذلك سجي الجثمان في صالون الكنيسة، وألقى رئيس البلدية قصيدة للمناسبة وسط حضور الآلاف من الأهالي والإعلاميين والشخصيات.
كذلك ألقى شقيق الراحلة صباح، روجيه فغالي، قصيدة باللجهة العامية، ختمها بالقول: “اللي بكون عندو أخت متلك، بالدني بيشوف حالو على الخلايق كلها”.
وأعلن رئيس البلدية في الختام عن أنّ بلدية بدادون خصّصت قطعة من الأرض لبناء متحف يجمع أعمال تخلد الشحرورة صباح، وطلب من وسائل الأعلام “مواكبتنا لتفعيل عملنا في متحف صباح لنتعاون جميعاً، ونأمل أن تنتهي الأعمال بالمتحف خلال سنة، لأنّ صباح تستحق أن تكون أكثر من أسطورة”. وكشف عن انّ مؤسسة “غينس” إتصلت وقرّرت إعطاء جائزة لصباح “خصوصاً وأنّها أعطت أكثر من أربعة آلاف أغنية، 85 فيلما، 27 مسرحية وعشرات آلاف المقابلات التلفزيونية والإذاعية”.
ثم تحدث إبن عم الشحرورة نبيل فغالي، قائلاً: “صباح خسارة لا تعوض، وهي إن غابت عن العيون، فمحبتها باقية في القلوب”.
ومن الكنيسة أخرج النعش على الأكف، ثم ووري جثمان الراحلة الكبيرة في مدافن العائلة، حيث أضيئت الشموع ورفعت الصلوات.