نجلي رافال
وزير الطاقة في واحد من أكبر البلدان المصدرة للنفط أعطى لمحة نادرة عن تفكير البلدان الغنية القوية قبيل الاجتماع الحاسم لـ “أوبك” في فيينا الأسبوع الماضي.
قال سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة في الإمارات: “لم تعد أوبك وحدها التي تنتج النفط. هناك زيادة في العرض، لكن هذه ليست مشكلة سببها أوبك”. وقال ينبغي للولايات المتحدة أن تدرك دورها في دفع الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات.
تراجع سعر خام برنت 40 في المائة منذ منتصف حزيران (يونيو)، وهو يحوم الآن حول مستوى 72 دولارا للبرميل.
ولاحظ المزروعي أن صناعة النفط الصخري الأمريكي “بدأت مثل منتِج متواضع”، وهي الآن “مساهم رئيس في العرض العالمي”، مضيفا أن “القادمين الجدد بحاجة إلى العمل وفق الأساسيات”.
الإنتاج المتواصل بلا هوادة من حقول النفط الصخري الأمريكي والعرض من “أوبك” الذي تجاوز الأهداف، اقترنا بطلب ضعيف من أوروبا وآسيا، ما أدى إلى فائض في العرض.
ووفقا لمحللين، كانت الكتلة الخليجية – بقيادة السعودية – هي التي أمْلت القرار المتخذ يوم الخميس بالمحافظة على مستوى إنتاج عند 30 مليون برميل يوميا، خصوصا أن هناك عددا كبيرا من البلدان لم تكن هي نفسها مستعدة لتخفيض الإنتاج. وهذا يعد على الأقل أعلى بواقع مليون برميل يوميا من توقعات “أوبك” للطلب في النصف الأول من 2015.
هذا القرار يعتبر خروجا لا يستهان به عن سياسة “أوبك” التقليدية المتمثلة في تقليص العرض للحد من هبوط الأسعار. ففي خلال الأزمة المالية عام 2008/2009، نفذت المنظمة تخفيضات كبيرة من أجل الحؤولة دون انزلاق الأسعار أكثر. هذه المرة قررت تأجيل القرار، وهو ما يعمل على الضغط على ناتج النفط الصخري الأمريكي والأنواع الأخرى من النفط عالي التكلفة– من الرمال النفطية في كندا، والقطب الشمالي، وآبار المياه العميقة في البرازيل والمكسيك.
وقال المزروعي قبل الاجتماع: “لدينا لاعب جديد في السوق. هذه لحظة تاريخية بالنسبة إلى أوبك. عام 2008 كان أيضا لحظة تاريخية، لكن تغيرت الأمور منذ ذلك الحين”.
مايك ويتنر، وهو محلل نفطي لدى بنك سوسييتيه جنرال، قال إن القرار يُظهِر أن المنظمة “لم تعد هي الآلية التي تعمل على موازنة السوق من جانب العرض”. وأضاف: “لقد تخلوا عن هذا الدور. بدلا من ذلك، السوق نفسها – أو الأسعار بعبارة أخرى – ستكون هي الآلية التي تعمل على موازنة السوق”. وتابع: “لا نستطيع أن نبالغ في وصف أهمية هذا التغير العجيب والأساسي بالنسبة للسوق”.
والبلدان التي تنتج النفط بتكاليف قليلة، بما في ذلك السعودية – زعيمة أوبك وأكبر منتج فيها – والكويت وقطر والإمارات، راغبة إلى حد كبير في تحمُّل فترة من الأسعار الرخيصة من أجل المحافظة على حصتها السوقية على الأمد الطويل.
وأوضح إشارة بخصوص هذه الاستراتيجية جاءت من على النعيمي، وزير البترول السعودي، الذي قال قبل الاجتماع إنه يتوقع أن تعمل سوق النفط “على تثبيت نفسها في نهاية الأمر”. ومن جانبه، قال علي صالح العمير، وزير النفط الكويتي، إن الكويت “ستتعايش” مع سعر السوق، سواء “كان 60 أو 80 أو 100 دولار للبرميل”.
ويتعارض هذا الموقف مع بلدان مثل فنزويلا وإيران، التي تحتاج إلى أسعار نفط أعلى حتى تتمكن من موازنة ميزانياتها وتعزيز أوضاعها المالية العامة على الأمد القصير. وهي حريصة على أن تعمل المنظمة على إيقاف هبوط الأسعار، وكانت غارقة في نشاط دبلوماسي من أجل التوصل إلى تخفيض للإنتاج. لكن تبين هذا النشاط بلا جدوى.
ولو أن المنظمة اتخذت قرارا بتخفيض الإنتاج الأسبوع الماضي، لكان عليها أن تتبعه على الأرجح، بسلسلة تخفيضات لاحقة، على اعتبار أن إنتاج النفط الصخري الأمريكي كان سيستمر في النمو، في حين يظل الطلب ضعيفا، كما قال ويتنر. ومن رأيه أن إجراء تخفيض كبير بحدود مليون إلى 1.5 مليون برميل يوميا من شأنه أن يدفع بسعر خام برنت صعودا إلى 90 دولارا. وقال: “في هذه الحالة كان بإمكانهم كسب المعركة من خلال تثبيت الأسعار بصورة مؤقتة، لمدة سنتين حسب تقديري. لكن سيكون في حكم المؤكد أنهم في النهاية سيخسرون الحرب”.
ولا يزال من غير الواضح مدى الفاعلية التي ستكون عليها هذه الاستراتيجية. وقال بعض المراقبين إن الأسعار ربما تهبط أكثر من اللازم – أسعار التعادل بين التكاليف والإيرادات بالنسبة لكثير من حقول النفط الصخري أدنى بكثير من المستويات الحالية – ويمكن أن تُحدِث أضرارا لا يمكن إصلاحها لكثير من منتجي “أوبك”. وقال آخرون إن القرار يمكن أن يضع الأساس لأسواق تفتقر إلى الاستقرار بصوة كبيرة واندفاع كبير، إذا عملت الأسعار المنخفضة إلى دفع الاستثمار والإنتاج إلى مستويات قليلة دون الحد المطلوب.
جيمي وبستر، وهو محلل نفطي لدى IHS Energy، قال إن تكتيك “أوبك” من النوع التجريبي. وأضاف: “قرار “أوبك” الأخير ليس القول الفصل، بل هو مقدمة لمشاورات واجتماعات لاحقة، في الوقت الذي تحاول فيه (السوق) أن تتقبل بالتدريج حقائق السوق الجديدة”.
وفي مقابلة مع مجلة الطاقة “آرجوس ميديا” قال بيجان زنجانه، وزير النفط الإيراني، إن معظم أعضاء “أوبك” يرون أن الحجم الكبير من الإنتاج ذي التكلفة العالية سيكون في خطر بحلول الوقت الذي يحل فيه الاجتماع المقبل لـ”أوبك” بعد ستة أشهر. وحين سئل إن كان يتفق مع هذا التحليل قال: “لا. أنا أختلف مع هذا. هذه قضية مليئة بمخاطر كبيرة للغاية”. وذكر أن الأمر سيستغرق “سنوات، وليس بضعة أشهر” من أجل أن يتراجع إنتاج النفط الصخري بصورة كبيرة.
وقالت ديزاني أليسون مادويكي، وزيرة النفط النيجيرية، إن التوصل إلى قرار “احتاج إلى قدر كبير من المداولات”. وأضافت أن الأمر سيحتا ج إلى بعض الوقت من أجل رؤية ما إذا كانت الاستراتيجية ناجحة: “بصرف النظر عما سيحدث في الأجل المتوسط، يتعين علينا أن نتشارك في المسؤولية”.