IMLebanon

مستشفى الحريري ضحية إداراته المتعاقبة… فمتى التغيير؟

Hopital-Rafic-Hariri
سلوى بعلبكي

أضاء الفيديو “الفضيحة” الذي تم تسريبه من غرفة العمليات في مستشفى رفيق الحريري على التجاوزات الكثيرة التي تحصل في هذا الصرح نتيجة غياب الادارة الحازمة وانشغال وزارة الوصاية بملفات سلامة الغذاء على اهميتها بالنسبة للبنانيين عموما.
بعد امتناع اغلبية أعضاء مجلس إدارة المستشفى عن حضور جلسات المجلس منذ أكثر من شهر ونصف الشهر على خلفية إدارة رئيسه، الدكتور فيصل شاتيلا، لملف تعيين رئيس لمصلحة إدارة المواد والمشتريات الذي استسلم الى الضغوط التي مورست عليه، ووافق أخيراً على التسوية التي قضت بتخليه عن موقعه الوظيفي لمصلحة تعاقد المستشفى مع آخر من طائفة أخرى لممارسة مهمات هذه الوظيفة. وقد قبل رئيس المصلحة تخليه عن منصبه في مقابل شراء خدماته كمستشار للإدارة، علما انه كان تسلم موقعه استنادا إلى نتائج مباريات مجلس الخدمة المدنية التي فاز فيها بالمرتبة الاولى.
وإذا كان البعض يتمنى أن تؤدّي هذه “التسوية” الى إعادة بث الروح في مجلس الإدارة، السلطة التقريرية في المستشفى، فكثيرون باتوا على اقتناع بضرورة إقالة الإدارة برمتها في ضوء أدائها في الأشهر الخمسة الأولى من عهدها.
ويستند هؤلاء في تقييمهم هذا إلى قرارات اتخذتها الإدارة، بسلطتيها التقريرية والتنفيذية، خلال هذه الفترة. فيعيبون عليها بدء عهدها بقرار يجيز للمدير العام، الذي يعمل بدوام جزئي أصلاً، القيام بأعمال إضافية مدفوعة، في ظل الأزمة المالية الخانقة التي يرزح المستشفى تحت وطأتها، بدل استرداد البدلات المدفوعة لبعض الموظفين عن أعمال إضافية وهمية، رغم أن هذه الامور باتت معروفة لدى الجميع.
كما يأخذون عليها القبول بإستحداث وظيفة رئيس دائرة لـ “نصرة المريض”، خارج الأطر القانونية والتنظيمية، وبشرط حيازة شهادة بكالوريا فقط ليتسنى تفصيل الوظيفة على مقاس مشرفة قسم الاستقبال في المستشفى، ما قلّل من قيمة وشأن وظيفة رئيس دائرة، على مستوى المستشفى خصوصا، وعلى مستوى مؤسسات وإدارات الدولة عموما.
ويرتاب هؤلاء من احتفاظها، خلافاً لما تسمح به الأنظمة المرعية الإجراء، ببعض الاستشاريين ممّن لا يستوفون أبسط الشروط حيال المؤهلات والعمر، ومن تكليفهم بمهمات تنفيذية ليسوا أهلاً لها أصلاً، خلافاً للقواعد والأنظمة المرعية الإجراء.
ويتساءلون عن أسباب تجاهل الإدارة لتقارير مفوضي المراقبة حول بيانات المؤسسة المالية والإدارية، وتعاقدها مع شركة Price Waterhouse Cooper، بأتعاب تناهز الخمسين ألف دولار، على خلفية قلة ثقتها بالبيانات التي ترفعها إليها الإدارة المالية في المستشفى، بدلاً من إقالة تلك الكوادر بسبب عدم توفيرها بيانات مالية صحيحة للإدارة السابقة ولوزراء الصحة والمالية المتعاقبين.
ولا يطمئنهم تكليف الإدارة لمجلس الخدمة المدنية إجراء مباريات لوظيفتين معيّنتين، هما رئاسة مصلحة إدارة المواد والمشتريات ورئاسة دائرة الهندسة الطبية، من دون الالتفات الى وظائف شاغرة ومهمة أخرى، كرئاسة مصلحة الشؤون الطبية ورئاسة قسم المحاسبة العامة ورئاسة قسم شؤون الموظفين ورئاسة قسم التخطيط والموازنة، التي يشغل بعضها حالياً، خارج أي مسوغ قانوني، موظفون محسوبون على تيارات سياسية مختلفة.
ويطرحون علامات استفهام حول أسباب تجاوز الإدارة لسلطتها من خلال توجّهها لإبراء ذمة المدير العام السابق، الدكتور وسيم وزان، وذمّة أحد مستشاريه، من ديون على عدد كبير من المرضى تبلغ، وفق قرارات الإدارة ذات الصلة، “بنحو أربعة مليارات ونصف مليار ليرة”، لم يتمّ تحصيلها، ويستغربون عدم إحالة الملف على القضاء المالي.
ولا يتوسمون خيراً من تأليف لجان داخل مجلس الإدارة يقوم بعض أعضائها بتجاوز حد سلطته ليمارس صلاحيات تنفيذية تصل إلى حد التفاوض المباشر مع الموردين.
ولا يفهم هؤلاء أسباب محافظة الإدارة على الامتيازات التي أغدقت بها الإدارة السابقة على بعض الموظفين دون أي مسوغ قانوني، كاحتفاظ رئيسة قسم المحفوظات مثلاً، بالراتب الذي حدّده لها المدير العام السابق دون استشارة أي جهة رسمية صالحة، في حين أنها تمارس مهمات سكرتيرة إدارية فقط، أو دفع بدلات تكليف لموظفين وحجبها عن موظفين آخرين.
أمام هذا الواقع المتعثر، لا يسع المتابع للمسيرة الادارية في هذا الصرح إلا طرح السؤال عينه: متى سينتهي التعاطي مع ملف مستشفى رفيق الحريري الجامعي خارج إطار أي توجّه إصلاحي؟