رنا سعرتي
أكد الخبير الاقتصادي مروان اسكندر انّ تراجع أسعار النفط عالمياً له تداعيات ايجابية وأخرى سلبية على الاقتصاد اللبناني، من ناحية فاتورة الاستيراد النفطية والتحويلات المالية إضافة الى القدرة الشرائية.
بعد قرار منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك الاسبوع الماضي، إبقاء سقف انتاجها من دون تغيير، تراجعت أسعار النفط الى أدنى مستوى لها منذ 4 أعوام لتصِل الى ما دون 72 دولاراً للبرميل.
هذا القرار أثار عاصفة في الاسواق المالية بسبب تراجع سعر صرف عملات البلدان المنتجة للخام الاسود وأسهُم الشركات النفطية.
كيف يمكن أن يتأثر اقتصاد لبنان سلباً او إيجاباً جرّاء هذا التراجع الدراماتيكي في أسعار النفط عالمياً؟
فاتورة الاستيراد
على صعيد فاتورة الاستيراد ووقعها الداخلي، أوضح الخبير الاقتصادي د. مروان اسكندر لـ»الجمهورية» انه وفقاً لميزان المدفوعات، استورد لبنان في العام 2013 ما قيمته 6 مليارات و500 مليون دولار من المشتقات النفطية، مشيراً الى انّ سعر نفط الخام سيتراجع بنسبة 30 في المئة هذا العام، لكن ليس سعر المشتقات النفطية التي يزيد سعرها حوالى 20 في المئة عن سعر الخام بسبب كلفة التكرير والنقل وغيرها.
نتيجة لذلك، توقع اسكندر أن يحقق لبنان وفراً في ميزان المدفوعات في العام 2014، يبلغ في الحدّ الاقصى حوالى 20 في المئة من الكلفة الاجمالية لفاتورة الاستيراد النفطية، اي ما يعادل ملياراً و300 مليون دولار. بمعنى آخر، سينخفض عجز ميزان المدفوعات بقيمة مليار و300 مليون دولار.
في موازاة ذلك، سيحقق المستهلك اللبناني وفراً بقيمة 500 مليون دولار، نتيجة تراجع أسعار المشتقات النفطية في السوق اللبنانية، «والنقطة الايجابية في ذلك انّ هذا المبلغ سيُضاف الى القدرة الشرائية للبنانيين».
التحويلات المالية
على صعيد تحويلات المغتربين اللبنانيين، اكّد اسكندر انها ستتراجع حتماً جرّاء تراجع النفقات المالية في السعودية وقطر والعراق التي تضمّ استثمارات لبنانية كبرى، والتي ستخفّض تعويضات اللبنانيين الموجودين فيها وأرباحهم.
ورأى انّ الدول الرئيسية التي يتلقى منها لبنان أكبر التحويلات المالية هي نيجيريا والغابون المنتجتان للنفط، حيث تتواجد اكبر من جالية لبنانية، خصوصاً نيجيريا التي خفضت أسعار عملتها، النيرا، بنسبة 30 في المئة لتصِل الى أدنى مستوياتها منذ سنوات، وذلك بسبب تراجع اسعار النفط التي أثّرت سلباً على المداخيل.
ولفت اسكندر الى انّ تداعيات تراجع اسعار النفط وخيمة على نيجيريا التي تضمّ اكبر الاستثمارات اللبنانية، حيث يبلغ حجم استثمارات مقاول لبناني واحد هناك، على سبيل المثال، اكثر من 3 مليارات دولار. لذلك، من المرجّح ان تتراجع التحويلات المالية من نيجيريا وانغولا فقط، بحوالى مليار دولار كحدّ أدنى.
وأشار الى انّ الوفر الذي ستكون الدولة اللبنانية قد حققته في ميزان مدفوعاتها ستفقده من التحويلات المالية، ليكون الاقتصاد قد فقد في مكان ما جَناه في مكان آخر!
الاستثمارات الخليجية
وحول امكانية تراجع الاستثمارات الاجنبية وخصوصاً الخليجية في لبنان جرّاء خفض موازنات الدول الخليجية المنتجة للنفط، اعتبر اسكندر انّ ما يؤثر على الاستثمارات في لبنان هو الوضع الامني فقط.
وقال: «لو تأمّن الاستقرار الأمني في لبنان، لكان المستثمرون الخليجيون قد زادوا استثماراتهم بشكل ملحوظ وبنسَب أكبر من السنوات السابقة، لأنهم متخوّفون في هذه المرحلة من الحركات الاصولية، ما دفعهم الى توظيف استثماراتهم في لندن، اسبانيا، والبرازيل وغيرها من الدول المستقرة أمنيّاً».
برميل النفط عند 60 دولاراً
من جهة اخرى، أشار رئيس مجموعة محطات البراكس جورج البراكس لـ»الجمهورية» الى انّ أسعار المشتقات النفطية تراجعت في السوق اللبنانية حوالى 20 في المئة، حيث انخفض سعر صفيحة البنزين من 35 ألف ليرة الى 28 ألف ليرة.
ولولا الرسوم والضرائب التي تفرضها الحكومة على المشتقات النفطية، لكان سعر صفيحة البنزين يبلغ اليوم حوالى 20 ألف ليرة فقط، لأنّ قيمة الرسوم المالية والجمركية المفروضة تبلغ 7 آلاف ليرة.
واكّد البراكس ان تراجع اسعار البنزين والمازوت مستمرّ في الاسابيع المقبلة، بقيمة 300 ليرة هذا الاسبوع، و400 ليرة الاسبوع المقبل لتنخفض لغاية نهاية العام بحوالى 2000 ليرة اضافية.
في هذا الاطار، توقّع البراكس ان يصل سعر برميل النفط الى 60 دولاراً في المستقبل القريب «لأنه من الواضح انّ سياسة الضغط الجيو- اقتصادي على روسيا وايران، مستمرّة».
ورأى انّ هناك توجّهاً نزولياً للنفط عالمياً، قد يغيّره حصول أي اتفاق أميركي – ايراني غير متوقع. واعتبر انّ هناك قرارات استراتيجية سياسية بزيادة العرض في السوق لخفض الاسعار، نافياً وجود عوامل اقتصادية او اسباب تتعلّق بالانتاج أدّت الى هذا التراجع.
كما أشار البراكس الى انه في إطار هذه الاستراتيجية، تعمد السعودية الى بيع برميل النفط في آسيا بـ75 دولاراً بدلاً من 82 دولاراً على سبيل المثال، لحرق أسعار النفط الروسي والايراني، في سياق الحرب الاقتصادية الاميركية القائمة على البلدين.