Site icon IMLebanon

صندوق يونكر لن يعالج المشكلة… إنعاش منطقة اليورو يتطلب خطة «راشدة»

JunckerEurope
فولفجانج مونشاو

باعتباره أداة مالية، صندوق الاستثمار الجديد لجان كلود يونكر ذكي جداً. لكن باعتباره إجراء اقتصاديا، فهو لن ينجح.

أشاد رئيس المفوضية الأوروبية ببرنامجه الاستثماري البالغ 315 مليار يورو لإنعاش منطقة اليورو باعتباره “طريقة طموحة وجديدة لتعزيز الاستثمار بدون خلق ديون جديدة”.

إنها طريقة جديدة بالتأكيد، تذكّرني بمنتج كان شائعاً لفترة وجيزة في فقاعة الائتمان في العقد الماضي: التزامات الدين المضمونة ذات الهيكل التركيبي – وهي أداة معقدة بشكل مزعج، حيث الأصول الكامنة ليست حقيقية. لقد كانت محاولة للوصول من لا شيء إلى شيء ما.

ليست لدي مشكلات مع التمويل الهيكلي إذا كان بالإمكان تطبيقه على هدف اجتماعي مفيد، كما في حالة صندوق يونكر. اعتراضي قائم على أسس عملية، وليس على الأساسيات.

هذه هي الخطة: تبدأ المفوضية بمبلغ ثمانية مليارات يورو ضمن حدود ميزانيتها الحالية. وتضع هذا المبلغ جانباً على أنه رهان مقبوضة مقابل ضمان 16 مليار يورو. المنطق الذي يدعم هذا الرفع المالي هو أن ليس جميع المشاريع ستفشل في الوقت نفسه، لذلك بإمكانك ضمان أشياء أكثر مما لديك بالفعل. حتى الآن لا اعتراض لدي على ذلك. ويُضيف بنك الاستثمار الأوروبي خمسة مليارات يورو أخرى لهذه الضمانة. حتى هذه النقطة، لا أشعر بالقلق. بنك الاستثمار الأوروبي مؤسسة تُدار بتحفظ، مع كثير من المخزون الاحتياطي. بإمكان بنك الاستثمار الأوروبي استخدام مبلغ الـ 21 مليار يورو لجمع نحو 60 مليار يورو نقداً عن طريق إصدار السندات. هذا من شأنه أن يكون طبقة ثانية من الرفع المالي. الآن بدأت الأمور تبدو مضطربة، لكني لا أزال لا أشعر بالقلق. بعد ذلك بإمكانه استخدام مبلغ الـ 60 مليار يورو للمشاركة في تمويل الاستثمار الذي بقيمة 315 مليار يورو من القطاع الخاص. في تلك المرحلة، سيكون المبلغ الأصلي البالغ ثمانية مليارات يورو قد تم استخراجه ثلاث مرات وبعامل كلّي يبلغ نحو 40.

المرحلة الأخيرة- من 60 مليار يورو إلى 300 مليار يورو – هي المرحلة الأكثر أهمية والأقل تأكيداً. لو قلنا، مثلا، إن بنك الاستثمار الأوروبي يريد أن يستثمر في مشروع طاقة بقيمة عشرة مليارات يورو بين فرنسا وإسبانيا. فسيقوم بوضع استثمار أسهم بقيمة ملياري يورو؛ ويقوم المستثمرون من القطاع الخاص بتوفير المبلغ الباقي. في حال حدثت خسائر، فإن بنك الاستثمار الأوروبي هو من ينزف أولاً. مثل هذا التركيب قد ينجح. النقود تأتي مقدماً بسبب ضمانة الخسارة الأولى هي التي تحمي المستثمرين من القطاع الخاص. ونسبة الرفع المالي خمسة إلى واحد – إذا تجاهلنا للحظة أن مساهمة بنك الاستثمار الأوروبي من الأسهم قد تم بالفعل رفعها مالياً مرتين بحلول ذلك الوقت.

هذه الهيكلة تضمن أفضل النتائج. لكني أخشى أنه، بدلاً من وضع النقود مقدماً في أحد المشاريع، يمكن أن يقوم بنك الاستثمار الأوروبي بمجرد إصدار ضمانة. هذا من شأنه أن يؤدي إلى ثلاث مشكلات. بدون النقود المقدمة، قد يكون من الصعب اجتذاب المستثمرين. وإذا حقق المشروع خسارة، فكم تساوي الضمانة؟ هل بإمكان الضامن رفض الدفع، مثلا، في حال تبيّن وجود احتيال؟ هل تخضع الضمانة لأي شكل من أشكال التدخل السياسي أو القانوني؟ إن ميزة النقود المقدّمة هي أنها تختفي تلقائياً عندما تظهر الخسائر. لكن ينبغي في البداية طلب الضمانة.

الضمانة لديها نقطة ضعف ثانية. الهدف الاقتصادي من رأس المال ليس فقط تغطية المخاطر، لكن أيضاً توفير السيولة مقدماً لأي مشروع. عندما تكون النقود هنا، يكون من السهل جمع النقود الإضافية، وتسمح للمشروع بأن يبدأ في وقت مبكر.

المشكلة الثالثة هي أكثر أساسية. يونكر يرغب في تشجيع استثمارات بقيمة 300 مليار يورو على مدى ثلاثة أعوام، تُترجم إلى ما يقارب 0.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي سنوياً. هذا من شأنه أن يُحدث أثرا. لكن حتى لو تمكن من تحقيق هذا الرقم الرئيس، فليس من الواضح أنه سيقوم بتشجيع استثمارات جديدة.

المشكلة مع جميع عمليات إقراض بنك الاستثمار الأوروبي هي أننا لن نعرف أبداً حجم الاستثمارات الجديدة الصافية التي يقوم بإنجازها. بالطبع، نحن نعرف ماذا يُقرض، والمبلغ الإجمالي للتمويل المشترك من القطاع الخاص، لكن بعض هذا ما كان ليحدث بدون بنك الاستثمار الأوروبي. مثلا، بالنسبة لقرض شركة صغيرة، يمكن أن يكون الفرق في أسعار الفائدة بين القرض المدعوم من بنك الاستثمار الأوروبي والقرض التجاري قليلاً بمقدار 0.5 في المائة. اختبار هذا البرنامج ليس ما إذا كان بإمكان يونكر المطالبة بهدف يبلغ 300 مليار يورو، لكن ما إذا كانت استثمارات القطاع الخاص في منطقة اليورو سترتفع بنسبة 1 في المائة إضافية سنوياً. بإمكاني التنبؤ بثقة أن هذا لن يحدث.

ربما يتبيّن أن صندوق يونكر هو انتصار بيروقراطي وحدث اقتصادي مُخيب للآمال على حد سواء. وهذا من شأنه أن يكون واحداً من أفضل النتائج.

استنتاجي العام هو أنه لن يكون هناك أي تحفيز مالي في منطقة اليورو، ولا حتى تحفيز غير مباشر. الموقف المالي الإجمالي سيستمر ليكون انكماشيا بشكل معتدل.

الرفع المالي الكبير يجب أن يأتي من البنك المركزي الأوروبي- على شكل عمليات شراء سندات سيادية. حتى ينجح هذا، سيكون لا بد من وضع برنامج التسهيل الكمي الذي يختلف تماماً في الروح عن برنامج يونكر البالغ 300 مليار يورو. سيكون عليه الاستمرار بقدر ما يتطلب ذلك، كما أن عليه مشاركة المال الحقيقي مقدماً، بدون ضمانات، وبدون حيل. منطقة اليورو تحتاج إلى استجابة راشدة بالفعل إذا كان لا بد للنمو أن ينتعش.