حسب دراسة صادرة عن إدارة الاحصاء المركزي زادت نسبة التضخم قياساً لمؤشر الأسعار الاستهلاكي 1.5٪ إلى 100.97 نقطة في شهر تشرين الأوّل من العام الحالي، مقابل 99.5 نقطة في شهر تشرين الأوّل من العام السابق، وتنسب هذه الزيادة إلى النمو بنسبة 2.4٪ في أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية (تثقيل بنسبة 20.6٪) وبنسبة 3.8٪ في كلفة السكن (تثقيل بنسبة 16.6٪)، ترافقاً مع ارتفاع بنسبة 4.6٪ في كلفة التعليم (تثقيل بنسبة 9٪) وبنسبة 20.6٪ في أسعار الألبسة والاحذية (تثقيل بنسبة 5.4٪)، الأمر الذي طغى على التراجع بنسبة 1.7٪ في أسعار النقل (تثقيل بنسبة 13.1٪) والانخفاض بنسبة 0.9٪ في أسعار الماء والغاز والكهرباء (تثقيل بنسبة 11.9٪)، الاستجمام والتسلية والثقافة ارتفعت بنسبة 2.4٪ (تثقيل بنسبة 2.3٪)، المطاعم والفنادق ارتفعت بنسبة 0.1٪ (تثقيل بنسبة 2.60٪)، سلع وخدمات متفرقة ارتفعت بنسبة 2.0٪ (تثقيل بنسبة 3.9٪).
ولا يبدو ان المستقبل (بما يختص بتحسين إدارة النفقات الاجتماعية) مشرقاً، وعلى العكس فإنه يبشر بزيادة الضغوط على كاهل الطبقات المتوسطة الحال والمحدودة المداخيل، وذلك لعدد من العوامل اهمها:
1- الحديث عن رفع واردات الخزينة بزيادة الضرائب والرسوم غير المباشرة، ومعظمها له طابع تراجعي (رسوم البنزين، الميكانيك، الرسم البلدي ، الماء، الكهرباء..).
2- عصر نفقات الدولة، أو على الأقل خفض نسبة هذا الانفاق إلى الدخل القومي، مع ما يمكن ان ينتج عنه من خفض يشمل الانفاق على الشأن الاجتماعي والصحي..
3- تحسين الجباية ما يعني زيادة أعباء إضافية قد تكون مبررة على كاهل ذوي الدخل المحدود.
4- الإصلاح الإداري المطلوب مع ما يمكن ان يوجبه من انعكاس على بعض فئات الدخل المحدود.
5- مظاهر الفساد الإداري وازدهار الرشوة والممارسات السياسية الكابحة لتطوير الإدارة وتفعيل انتاجيتها.
ومنذ الإعلان عن ارتفاع معدل الفقر وازدياد عدد الفقراء ونسبتهم من مجموع السكان ظهر نقاش حول توزيع خارطة الأحوال الاجتماعية، وارتفعت حدة النقاش وعلت وتيرته، خصوصاً ان البعض ردّ أسباب احداث طرابلس إلى الفقر الموجود داخل الاحياء التي شهدت الاشتباكات الأمنية مؤخراً، بالإضافة إلى مناطق أخرى في عكار مثلاً، وظهرت دعوات تطالب بمراجعة أولويات الاعمار والإنماء المناطقي وخصوصاً لمدينة طرابلس ومنطقة عكار، في حين ان بعض المناطق دعت إلى عصيان مدني..
والواقع ان المجتمع اللبناني يختزن في داخله عدداً من المظاهر المتناقضة التي يتخذ منها كل من الطرفين، المؤيد للسياسات الحالية والمعارض لها حجة للدلالة على صحة رأيه، ويمكن إيجاز هذه المظاهر كالآتي:
< المؤشرات السلبية: وجود تذمر عام واضح لا يقتصر على الطبقة العاملة وممثليها، وهيئة التنسيق النقابية، بل يتعداها إلى الفئات الأخرى من تجار وصناعيين ومزارعين.
< ارتفاع الدين العام ونسبته من الدخل القومي، فضلاً عن ارتفاع كلفته.
< استمرار الهدر على مختلف المستويات، وهو الهدر الناجم عن الانفاق الحكومي، وسوء تحصيل الضرائب والرسوم (كما هو حاصل في المرافئ وخصوصاً مرفأ بيروت)، والإدارات العامة التي تعتمد الرشوة وسيلة للتخفيف من قيمة هذه الضرائب والرسوم على المكلف اللبناني.. وهناك الهدر غير المرئي الناجم عن تدني الكفاءة الانتاجية عند كثيرين من موظفي القطاع العام، وأخيراً الهدر الناجم عن ارتفاع معدلات الفوائد على سندات الخزينة.
< غياب العدالة من توزيع وتحصيل الضرائب والرسوم، أبرزها رسوم الكهرباء، تباطؤ الاستثمارات والعمليات التجارية وركود الاستهلاك.
المؤشرات الإيجابية
اما المؤشرات الإيجابية فهي:
- الاستقرار النقدي.
- نمو الناتج والدخل القوميين بنسب متفاوتة خلال الفترة الأخيرة.
- ارتفاع فائض احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية مع نهاية الفصل الثالث من العام 2014، وقد تخطى عتبة الـ4.22 مليار دولار أميركي وبنسبة 85.09٪.
- تخطت الميزانية المجمعة للمؤسسات المصرفية الـ1.86 مليار دولار أميركي مع نهاية شهر أيلول من العام 2014.
- تحسن مستوى التعليم في القطاع الخاص، وتراجعه في التعليم الرسمي.
- تحسن مهم وملحوظ في البنية التحتية.
- تحسن قدرة لبنان على الوصول إلى الأسواق المالية لتمويل خططه الإعمارية، وقد شهد على ذلك الاكتتاب الأخير في سندات اليورو بوند.
صعوبات مستمرة
وقد شككت دراسة أكاديمية في حصول انتعاش اقتصادي قريب في لبنان بسبب الكثير من العوامل السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية، ومصدر الشك الأساسي هو في استمرار صعوبات بينية الأعمال الداخلية والخارجية بالنسبة إلى المستثمرين.
وركزت الدراسة على تبيان الأمور التالية:
- عدم تخلص الاقتصاد اللبناني من صدمات عدم الاستقرار الأمني والسياسي، يضاف إلى ذلك صعوبة معالجة اختلالات الموازنة.
- إصلاح البنى الحكومية يندرج في إطار طويل الأجل.
- التدفقات المالية تنحصر في استثمارات في قطاعات اقتصادية ضيقة كالعقار والبناء.