عبدالله بارودي
شكّلت طرابلس ومعالمها الأثرية، مفاجأة من العيار الثقيل، في المنتدى المتوسطي للسياحة، الذي استضافته مدينة برشلونة الأسبوع الماضي، بمشاركة معظم الدول العربية والاوروبية المطلّة على البحر الأبيض المتوسط، ومن بينها لبنان الذي تمثّل بوفد اقتصاديّ وسياحيّ رفيع المستوى.
لبنان كان على موعد مع ندوة خاصة خلال المنتدى، لاظهار أبرز المقوّمات السياحية والاقتصادية التي يتمتع بها، وتشكّل نقطة جذب للسياح العرب والأجانب، وقد شارك فيها، كلٌّ من نورا وليد جنبلاط، التي تحدثت عن المعالم الأثرية التي يختزنها جبل لبنان، بالاضافة الى محميّة مزارع الشوف.
كما كان لرئيس بلدية جبيل زياد حوّاط محطة هامة قدّم خلالها للحاضرين صورة رائعة عن أقدم مدن العالم، وما تختزنه من معالم أثرية لعلّ أهمها الأسواق القديمة، والمتاحف والقلاع، والمنتجعات السياحية المنتشرة على طول شاطئها.
طرابلس، وعبر تجمّع رجال الاعمال في طرابلس والشمال، شاركت في المنتدى ممثلةً بالمهندس وسيم ناغي الذي عرض فيلماً وثائقياً قصيراً عن الفيحاء، يُظهر ما تحتضنه المدينة من مقوّمات سياحيّة، نال اعجاب وتصفيق الحضور.
مشاركة في اللحظات الاخيرة
يقول ناغي لـ»الجمهورية»: للأسف، لم نكن في الاساس من ضمن قائمة الوفد اللبناني المشارك في المنتدى. سمعت من رئيس الغرف اللبنانية الصديق محمد شقير خلال احدى اطلالاته الاعلامية بأنّ وفداً لبنانياً يستعد للسفر الى برشلونة للمشاركة في المنتدى المتوسطي للسياحة الذي كان مزمَعاً عقده في بيروت الشهر الماضي إلّا أنه جرى نقله الى برشلونة بسبب الأوضاع الأمنية.
حين استقصيت عن التفاصيل، وجدت أنّ طرابلس مغيّبة بالفعل عن الوفد الرسمي، فأجريت الاتصالات اللازمة، وتحديداً مع رئيس تجمّع رجال الأعمال في طرابلس والشمال، عمر الحلاب الذي قام بدروه مشكوراً بالتواصل مع شقير الذي أبدى كلّ مرونه وترحيب بمشاركة ممثل عن طرابلس ضمن الوفد اللبناني الرسميّ.
يضيف ناغي: أُبلغت بأنني سأمثل العاصمة الثانية في هذا العرس المتوسطيّ، باعتبار أنني أملك كلّ المعلومات الضرورية عن المقومات السياحية والترويجية التي تتمتع بها المدينة.
بالفعل سافرتُ الى برشلونة وكان لي شرف تمثيل مدينتي وأهلها، وتقديم مداخلة مصوّرة، عمدتُ خلالها الى التركيز على ثلاثة مرافق سياحية متميّزة وفريدة من نوعها في لبنان وحوض المتوسط:
1- المدينة القديمة، وأسواقها كثاني أكبر مدينة مملوكيّة بعد القاهرة، كما أنها المدينة المملوكيّة الوحيدة المطلّة على البحر الأبيض المتوسط.
2- محميّة جزر النخل، كونها الوحيدة غير المأهولة في المنطقة، وما تختزنه من مقوّمات السياحة البيئية.
3- معرض رشيد كرامي الدولي، هذه التحفة المعمارية، ذات الامكانيات المهولة سياحياً واقتصادياً، في حال جرى تفعيل هذا المرفق، بما يتلاءم والدور المنوط به والذي رسمه له مصمّمه المهندس البرازيلي الشهير الراحل أوسكار نيماير في أوائل ستينيات القرن الماضي.
ويشير، الى أنّ اختياره لمعرض طرابلس الدولي، جاء مواكبةً لاهتمام الأوروبيين بموضوع العمارة المعاصرة في أواسط القرن العشرين، الذي كان أحد أهم المساهمين فيه المهندس نيماير.
ويقول ناغي: شعرتُ بالفخر والاعتزاز، حين لاحظتُ أنّ عيون أعضاء الوفود الأجنبية المشارِكة تراقبني، وهي تحاول السؤال والاستفسار، عن بعض التفاصيل المتعلّقة بالمعالم السياحية الثلاثة التي عرضتها.
ويختم ناغي: لكني في الحقيقة، عاتب على وزراة السياحة، لأنّي فوجِئت لدى الخروج من قاعة المحاضرات، أنّ الوزراة قامت مشكورة بتوزيع كتيّبات عن المدن اللبنانية على سبيل الترويج السياحي. لكنّ المفاجأة الأكبر بالنسبة لي، هي أنّ طرابلس غير موجودة من ضمن الكتيّبات! وهو أمرٌ يجب على الوزراة بشخص الوزير فرعون والمديرة العامة السيّدة ندى السردوك معالجته فوراً.
ثمّة مَن يقول إنّ طرابلس لا تحتاج الى استقرار أمنيّ طويل ودائم، يعيد للحياة الاقتصادية نشاطها ودورتها الطبيعية فحسب، بل تحتاج الى مؤسساتٍ رائدة، وشخصيات فاعلة، مهمتها تنحصر في التسويق لها، عبر شبكة علاقات عامة سياسية، واقتصادية، واجتماعية، واعلامية ترسخ في أذهان الرأي العام الصورة الحقيقية والواقعية للمدينة.