IMLebanon

تنوع الغذاء.. قضية وجود عالمي

FAO

جوزيه غرازيانو دا سيلفا (مدير عام منظمة الأغذية والزراعة العالمية-فاو)

عقب دورها النشط خلال المنتدى العالمي في بالي، أصبحت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) جزءاً من مجموعة أصدقاء تحالف الأمم المتحدة للحضارات الذي يحرص على تحسين التفاهم والتعاون بين الأمم والشعوب عبر الثقافات والديانات، وفي نفس الوقت يساعد على مجابهة القوى التي تغذي الاستقطاب والتطرف.

في ضوء شعار منتدى هذا العام – “الوحدة في التنوع” – ولطبيعة تنوع ورحابة أفق ميثاقها، تتفهم الفاو أن هناك خطاً متمماً خاصاً للعمل يمكن تأديته مع تحالف الأمم المتحدة للحضارات لتشجيع استدامة الأمن الغذائي في محيط من التعاون والتراضي والتفاهم والسلام.

“الوحدة في التنوع” هو شعاع مشترك ينساب من خلال عملية اجتثاث الجوع.

الحرب ضد الجوع تحدث على العديد من الجبهات وتتطلب إنتاج الغذاء الكافي للجميع، كما تتطلب ضمان حصول البشر على الغذاء الذي يريدونه وليس فقط الغذاء الذي يحتاجونه، كما يتطلب التأكيد للناس بأن الغذاء صحي ومغذي، وفي نفس الوقت توفير فرص الحصول على الغذاء الذي ينتمي لثقافاتهم، وللمنتجات الذين هم قادرون على زراعتها وليس فقط السلع المتوافرة من خلال الأسواق العالمية.

هناك أربع طرق على الأقل يمكن أن تبنى من خلالها الأمم والمجتمعات الوحدة أثناء الاحتفال بتنوعها.

أولاً، أننا نحتاج إلى قبول واحترام الاختلافات بيننا.

ثانياً، أننا ينبغي أن نكون مستعدين لفهم الاختلافات الثقافية والاجتماعية والسياسية بيننا، ثم التعلم من بعضنا البعض. وهذه العملية تجعلنا أحكم وأقوى وأكثر انفتاحاً. إنها تساعدنا على النمو.

ثالثاً، أننا في حاجة إلى التوائم. بنفس الطريقة التي تحتاجها الخبرات من بلد واحد للتوائم مع صفات جغرافية ومناخية معينة في بلد آخر، فنحن يجب علينا أيضاً محاولة التوائم مع الخطوط التوجيهية للسياسات العامة كي تراعى اختلاف المعتقدات والثقافات والتقاليد.

ورابعاً، الاندماج الاجتماعي هو أيضاً أداة ضرورية لكل أجزاء المجتمع، بما فيها الأقليات والمجتمعات الصغيرة، والمهاجرين والنساء لتحقيق المستويات الأساسية للتنمية.

هناك مثال مادي عن كيفية تشجيع الفاو للتنوع الثقافي والحوار والتفاهم:

“تعاون الجنوب – جنوب”.

تعاون الجنوب – جنوب يقوم على مفهوم التضامن الذي يكسر الانقسام الثنائي بين الجهات المانحة والمستفيدين. إنها وسائل معترف بها على نطاق واسع، وميسورة الكلفة حيث تمكن البلدان من تبادل معارفها ومهاراتها ومبادراتها الوطنية للتنمية.

يسهم تبادل الحلول التنموية بقوة في تحسين الأمن الغذائي والحد من الفقر والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية. وهذا لأنها تشجع تقاسم الخبرات وفي نفس الوقت تؤكد على أن يستفيد كل الأطراف المشاركة وأن يتعلموا أيضاً من بعضهم البعض.

كل دولة لديها خبرة إيجابية لتتقاسمها مع الأمم الأخرى، تفعل ذلك في مجال الأمن الغذائي، الزراعة، الثروة الحيوانية، الثروة السمكية أو إدارة الموارد الطبيعية.

إنهاء الجوع وسوء التغذية في العالم هو في لب مهام الفاو وهو هدف يسمو على أي قضية تتعلق بالثقافة والديانة.

لم يكن صدفة إثراء هذه المهمة في الهدف الأول للألفية للتنمية. النجاح في التغلب على الجوع وسوء التغذية وشدة الفقر هو الأساس لتحقيق كل الأهداف التنموية الأخرى للألفية.

وبنفس الطريقة التي يضع بها إنهاء الجوع وشدة الفقر أهدافنا التنموية معاً، فإنه يمكنها أن تجمع معاً معتقداتنا ومبادئنا المختلفة.

اليوم، يرتكز 80% من وجبتنا الغذائية على أربع سلع – القمح، الأرز، الذرة، وفول الصويا – بينما أننا استخدمنا عير تاريخنا أكثر من 7000 منتج تعد أساس وجباتنا الغذائي المختلفة وثقافاتنا.

استعادة تلك المنتجات المفقودة واستحضار هذا التنوع ثانيةً إلى وجباتنا هو واحد من أعظم التحديات التي نواجهها اليوم أهمية. التنوع هو أمر جوهري لوجودنا.

هناك علاقة وثيقة بين الجوع والصراع، كما أن هناك ارتباطا وثيقا أيضاً بين الأمن الغذائي والسلام. الجوع يؤدى إلى الصراع والصراع يفاقم الجوع.

لن نستطيع الحصول على الأمن الغذائي إذا لم نكن ننعم بالسلام. ولن ننعم بالسلام إذا لم نحصل على الأمن الغذائي، هناك علاقة دائرية بينهم.
والسلام، بدون شك، هو أمر محوري لحضاراتنا.

تعزيز الأمن الغذائي هو طريقة هامة لكسر هذه الدائرة الشريرة. وكما قلنا في مؤتمر “20 عاما بعد ريو”، إنك لن تستطيع وصف التنمية بالمستدامة إذا تم إهمال الملايين من البشر. وهذا المفهوم يكرر القيم التي تشكل لب أغلب ديانات العالم.