رنا سعرتي
بلغ برنامج الأغذية العالمي نقطة فاصلة في استجابته الإنسانية للدول المجاورة لسوريا والمستضيفة للاجئين، حيث دفعه النقص الحاد في التمويل الى تعليق مساعداته الغذائية في لبنان، ما ينذر وفقاً للمسؤولين الامنيّين، بإثارة توترات وعواقب سلبية في البلد المضيف.
أعلن برنامج الاغذية العالمي، تعليق برنامجه للمساعدات الغذائية التي تتم بواسطة قسائم شراء لـ1,7 مليون لاجئ سوري في الدول الواقعة على حدود سوريا بسبب النقص في المال.
وأعلنت الوكالة المتخصصة التابعة للامم المتحدة ومقرها روما، انها «اضطُرت» الى تعليق هذا البرنامج المخصص «للاجئين السوريين الفقراء في الاردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر» الذين كان يمكنهم بواسطة هذه القسائم شراء المواد الغذائية من متاجر محلية.
واعتبرت مديرة برنامج الاغذية العالمي ارثارين كوزان أنّ «تعليق المساعدة الغذائية لبرنامج الاغذية العالمي سيعرّض صحة وسلامة هؤلاء اللاجئين للخطر وقد يؤدي حتى الى اثارة توترات جديدة والى عدم الاستقرار وغياب الامن في الدول الحدودية التي تستضيفهم».
درباس
في هذا الاطار، قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إنه منذ تسلّمه الوزراة شعر بـ«تعب المانحين» أيْ الدول الرئيسة المانحة. وأوضح لـ«الجمهورية» انّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان حصلت في العام 2013 على 52 في المئة فقط من المساعدات او المنح المقرّرة والمطلوبة. اما في العام 2014 فقد تراجعت هذه النسبة الى 43 في المئة من اجمالي المنح المطلوبة.
واعتبر درباس انّ نسب المساعدات الضئيل مؤشر الى برودة التعامل مع ملف اللاجئين السوريين. ولفت الى أنّ برنامج الاغذية العالمي سبق أن خفض في تشرين الاول الماضي قيمة القسائم الشرائية في لبنان من 30 الى 20 دولاراً لكلّ شخص، ما تسبّب بأزمة كبيرة وسط تزايد عدد اللاجئين السوريين.
درباس رأى انّ قرار تعليق المساعدات الغذائية رسالة واضحة للاجئين مفادها: «جوعوا». واعتبر انّ تفاقم الجوع «ينذر بوضع اكثر من خطير سنقبل عليه في لبنان»، كذلك فإنّ قرار تعليق المساعدات وتجويع اللاجئين هو تشريع لاثارة التوترات واهتزاز الاستقرار الامني.
واكد «أننا سننقل هذه المخاوف الى جنيف، وسنقول إنّ هذه البرودة في التعامل مع ملف اللاجئين مخيفة لأننا مقبلون على واقعٍ سيفرض علينا تأمين الغذاء والطبابة والتعليم وفرص العمل لشَعبٍ آخر، في حين إنّ وزارة الشؤون الاجتماعية استطاعت بالكاد تأمين بطاقات غذائية لـ27 ألف لبناني بدلاً من 100 ألف كانت مستهدفة».
ووجّه برنامج الاغذية العالمي نداءً لجمع التبرعات بصورة عاجلة بهدف جمع 64 مليون دولار على الفور للتمكن من مساعدة اللاجئين السوريين في الدول الحدودية في كانون الاول.
واشار الى انّ مبادرته سمحت بضخّ حوالى 800 مليون دولار حتى الآن في اقتصادات الدول الحدودية مع سوريا. وأعرب المنسق الاقليمي لبرنامج الاغذية العالمي مهند هادي عن قلقه «جراء العواقب السلبية التي ستنجم عن هذه الاقتطاعات على اللاجئين وعلى الدول التي تستضيفهم». واشار الى أنّ «هذه الاخيرة تحملت حتى الآن عبئاً ثقيلاً طيلة الأزمة».
ومن جنيف، قال المدير العام للمفوضية العليا للاجئين انطونيو غوتييريس «إنّ الشتاء هو اساساً مرحلة صعبة جداً للاجئين السوريين وتعليق المساعدات الغذائية ستكون له تداعيات كارثية».
تابع: «ستتأثر عشرات آلاف العائلات من اللاجئين بهذا الاجراء خصوصاً الاكثر هشاشة الذين يرتبطون بشكل كامل بالمساعدات الدولية».
ودعا غوتييريس المجتمع الدولي الى دعم برنامج الاغذية العالمي «لتجنّب تجويع اللاجئين».
واعربت الولايات المتحدة عن «قلقها» علماً أنها المساهم الاكبر على صعيد المساعدة الانسانية في سوريا بنحو ثلاثة مليارات دولار. ودعت الخارجية الاميركية المجتمع الدولي الى «القيام بالمزيد».
وقالت الخارجية في بيان «نضمّ صوتنا الى برنامج الاغذية العالمي لندعو جميع المانحين الى زيادة مساهماتهم بهدف تفادي النقص في هذه المساعدة الاساسية».