ذكرت صحيفة “المستقبل” أنّ أعمال مؤتمر الأزهر الدولي لمكافحة التطرف والإرهاب المزمع عقده الأربعاء والخميس ستنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول إسلامي يُعنى بتصحيح المفاهيم المتصلة بالعمل الفقهي التشريعي في سبيل منع استغلال الإسلام وتشويه صورته وتوظيفه في صراعات سياسية، بينما يقوم القسم الثاني على تعرية موضوع الإرهاب والتطرف ونبذه استناداً إلى الشريعة الإٍسلامية. أما القسم الثالث فهو مخصّص للتأكيد على المواطنة والحياة المشتركة والتعايش الإسلامي المسيحي في الدول الوطنية.
وعشية انعقاد مؤتمر الأزهر الدولي، أعرب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان عن تفاؤله بهذا الجمع العلمائي الرفيع في سبيل التصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف، وقال في تصريح لصحيفة “المستقبل”: “نرى في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها جميعاً هذه الهجمة غير المسبوقة من قبل مجموعات إلغائية لا تقبل بوجود الآخر، وتريد أن تفرض فكرها على الناس، ولذلك أعتقد أنه لا تكفي محاربة هذا الفكر الإلغائي بالأسلحة إنما لا بد أيضاً أن يُحارب بالفكر المتنوّر”، وأضاف: “من هنا جاءت فكرة انعقاد مؤتمر الأزهر الشريف لإعادة طرح الأفكار الصحيحة عن الإسلام الصحيح والمعتدل لا كما يفهمه هؤلاء المسلحون الذين يرتكبون المجازر والفظائع باسم الاسلام وهو بريء منهم”، مشدداً في هذا السياق على أنّ “الدين الإسلامي لم يأتِ رحمة للمسلمين فقط بل هو أتى رحمة للعالمين، وللإنسان كإنسان، انطلاقاً من قوله تعالى “لقد كرّمنا بني آدم”، ولذلك فإنّ الإنسان هو المكرّم في الدين ويجب عليه أن يعيش ويتعارف مع الآخر المختلف معه، بحيث تقام بالتعارف والتآلف والانفتاح العلاقات الصحيحة في المجتمعات”.
وإذ شدد على الحاجة إلى “أن نكون متعاونين متكاتفين كمواطنين في بلداننا المتنوعة في تكويناتها وفي نسيجها الاجتماعي”، أكد المفتي دريان أن “لا حلّ إلا بقبول الآخر كما هو، فلا نتدخل في الشؤون الخاصة للطوائف الأخرى والجميع يعيش صيغة المواطنة في ظل دول قوية وقادرة تحمي كل مواطنيها أياً كانت انتماءاتهم الدينية»، لافتاً الانتباه إلى أنه بهذا المفهوم “تتعزز العلاقات الإسلامية المسيحية بل وتتعزز أيضاً العلاقات الإسلامية الإسلامية في بلد متعدّد ومتنوع طائفياً ومذهبياً”.
ورداً على سؤال، ذكّر دريان بفتاوى تحريم التعرّض للمسيحيين ومقدساتهم الصادرة عن شيخ الأزهر الذي سبق وأعطى جملة فتاوى وصف فيها المجموعات التي ترتكب هكذا أفعال بـ”المجموعات الضالة”، وكذلك الأمر بالنسبة للفتاوى الصادرة عن المملكة العربية السعودية، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ “المقررات والتوصيات التي ستصدر عن مؤتمر الأزهر ستعبّر عن روح الدين الإسلامي وهي بالتأكيد ستحمل في طياتها فتاوى ضمنية واجب اعتمادها باعتبارها صادرة عن أكبر مرجعية في العالم الإسلامي أي الأزهر الشريف”. وأردف: “في هذه المناسبة، وبما أنّ المؤتمر يُعقد في أرض الكنانة، فإننا نقول إنّ مصر العروبة حاجة ضرورية كبرى للأمة العربية ونحن نحتاج اليوم إلى مصر القوية المتماسكة والآمنة لكي تحمل وتحمي القضايا العربية والإسلامية المحقة التي لطالما حملتها تاريخياً”.
وفي ملف العلاقات الإسلامية السنّية الشيعية، شدد دريان على أنه “طالما هناك رجال دين متنورون وحكماء سواءً كانوا سنّة أو شيعة، فلن تقع فتنة بإذن الله”، وقال: “سنعمل على وأد أسبابها، لكن حتى ننجح يجب أن تتحوّل شعارات الوحدة الإسلامية إلى ممارسات فعلية على الأرض من خلال الخطابات الدينية التي يجب ألا تكون مذهبية تحريضية مقيتة، إذ علينا أن نعمل كعلماء سنّة وشيعة على اعتماد الخطاب الديني الجامع انطلاقاً من الإيمان بأن ديننا واحد وهدفنا واحد وعدونا الإسرائيلي واحد لا يفرّق بين سنّي وشيعي”، مشيداً في معرض تشديده على أهمية الحوار السني الشيعي بمبادرة الرئيس سعد الحريري التي أعرب المفتي دريان عن قناعته بأنها “ستلاقي تجاوباً ليس فقط من “حزب الله”، بل أيضاً من بقية الأطراف حتى تكون مبادرة حوارية جامعة لكل الأطياف بما يؤدي إلى إخراج لبنان من هذه الأزمات المتلاحقة التي يمر بها في أدق مرحلة من تاريخه”.