Site icon IMLebanon

تفاؤل المركزي البريطاني المفرط إزاء النمو يحبط توقع رفع فائدة «الإسترليني»

BankEngland
كريس جايل

قدّم مارك كارني محافظ بنك إنجلترا “المركزي” توقعات يعتبر فيها أن التضخم ضعيف للغاية في تقرير فصلي متساهل، وهو ما دفع إلى الوراء توقعات السوق حول ارتفاع أسعار الفائدة في المملكة المتحدة إلى فترة أبعد حتى مما كان متوقعاً، لكنه أثار انتقادات من خبراء الاقتصاد لكونه مفرطا في التفاؤل بشأن النمو.

وقال محافظ بنك إنجلترا إن الأسواق كانت محقة في توقع أن تظل أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة، وهو ما عزز من موقف المستثمرين الذين ظلوا يراهنون على أن بنك إنجلترا لن يرفع أسعار الفائدة من نسبتها المنخفضة بشكل لم يسبق له مثيل، التي تبلغ 0.5 في المائة حتى خريف العام المقبل.

وأظهرت التوقعات الجديدة أن النمو في المملكة المتحدة سيبقى مرتفعا في العام المقبل– عند نسبة 2.9 في المائة- حتى مع ما يسميه المحافظ “شبح الركود الاقتصادي”، الذي يخيم على منطقة اليورو وضعف سوق الإسكان.

وقال كارني إن الاقتصاد البريطاني قد يستمر في النمو بقوة، لأن الأجور بدأت تنمو بشكل أسرع من التضخم، وبالتالي فإن إنفاق الأسر ربما يرتفع أسرع من الدخل والاستثمار من الشركات وقد يستمر في الارتفاع بسرعة.

توقع بنك إنجلترا أن يستمر التضخم في حد ذاته يدعو إلى الاكتئاب بسبب انخفاض أسعار السلع والواردات الأرخص، وأنه ربما سينخفض إلى ما دون 1 في المائة في الأشهر الستة المقبلة. ومن شأن ذلك أن يفرض كتاب تفسير من وزير المالية، قبل أن تزحف الأسعار إلى هدف 2 في المائة “بنهاية الفترة ذاتها من التوقعات” الموافقة لنهاية عام 2017.

أهم طريقة يمكن فيها للاقتصاد البريطاني أن يتصدى للآفاق الضعيفة للاقتصاد العالمي، كما قال كارني، هو أن تبقى أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول. بنك إنجلترا باستخدام افتراض يقول إن أسعار الفائدة لن ترتفع حتى تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وذلك في توقعاته الرئيسية، أنه سيبقى بمقدار 0.5 نقطة مئوية أقل في كل ثلاثة أشهر، مما كان يعتقد في توقعاته السابقة، التي كانت في آب (أغسطس).

وقال كارني “ومن المناسب، في حين لا يزال التشدد في السياسة النقدية يلوح في الأفق، أن تتوقع الأسواق الآن أوضاعا نقدية أسهل إلى حد ما على مدى فترة التوقعات مما كانت عليه الحال قبل ثلاثة أشهر”.

وأضاف أنه عندما يضطر بنك إنجلترا في نهاية المطاف إلى رفع أسعار الفائدة، “من المتوقع له أن يفعل ذلك تدريجيا فحسب، وأن تظل النسبة دون متوسط مستوياتها التاريخية لبعض الوقت في المستقبل”.

ومع ذلك، نفى المحافظ أن لديه اتفاقا مع جورج أوزبورن، وزير المالية لتجنب رفع أسعار الفائدة قبل الانتخابات. وقال إن الوضع الاقتصادي وتوقعات أسعار الفائدة قد تستمر في التطور “لكن ذلك يتم دون أن تكون له صلة على الإطلاق بالتوقيت السياسي… الطريقة الوحيدة لتكون بعيدا عن السياسة، هي أن تتجاهلها”.

مع عدم ميل البنك إلى رفع أسعار الفائدة، استجابت الأسواق المالية من خلال إرجاء توقعات أسعار الفائدة إلى أبعد من ذلك. قبل تقرير التضخم في آب (أغسطس)، كان من المتوقع أن يحدث أول ارتفاع في شباط (فبراير) من العام المقبل. والآن ليس من المتوقع أن يحدث حتى أيلول (سبتمبر) 2015، مع بقاء أسعار الفائدة عند أقل من 1 في المائة أيضا في عام 2016.

وأشار الاقتصاديون إلى أن كارني كان قد غيّر مرارا الأسباب التي دفعته للحفاظ على أسعار الفائدة، مع الاحتفاظ في الوقت نفسه بموقفه بخصوص السياسة النقدية.

في صيف 2013 حالت معدلات البطالة دون رفع أسعار الفائدة. وبحلول أوائل عام 2014 كان البنك قد حّول تركيزه إلى مؤشرات سوق العمل الأخرى مثل عدد العاملين بدوام جزئي، ولكن في آب (أغسطس) من هذا العام غير اهتمامه إلى الأجور.

الآن ينصب اهتمامه على الاقتصاد العالمي.

قال ريتشارد بارويل، من رويال بنك أوف اسكتلندا إنه مع هذا السجل من تغيير القصة وليس السياسة النقدية، فإن أعضاء لجنة السياسة النقدية كانوا يغامرون باتخاذ مخاطرة لا يستهان بها.

وأضاف “حتى تكون هذه التوقعات ذات معنى، يجب أن يكونوا واثقين من أنه إما أن الموقف الحالي بخصوص السياسة النقدية ليس قريبا ولا بأي حال من كونها سياسة متساهلة على النحو الذي تبدو عليه، أو أن الاقتصاد وسمعتهم يمكن أن يصمد في وجه زيادة نشطة في أسعار الفائدة في المستقبل، لكبح جماح الطفرة التي ربما يعملون على تأجيجها”.

وأشار كوستاس ميلاس من جامعة ليفربول إلى أنه ضمن توقعات البنك المركزي البريطاني، الذي يفترض أن أسعار الفائدة ثابتة عند 0.5 في المائة، فإن معدل التضخم لا يزال يرتفع ولكن إلى مستوى منخفض سيبلغ 2.45 في المائة بحلول نهاية عام 2017.

وقال البروفيسور ميلاس “بموجب نفس الافتراضات، ستكون نسبة البطالة 4.2 في المائة”. وأوضح أنه مع هذا المستوى المتدني من البطالة، التي لم تنحدر إلى هذه النسبة منذ أوائل السبعينيات التضخمية “لا أستطيع أن أرى كيف يمكن لهذين الرقمين أن يتماشيا مع بعضهما بعضا”.

وقال مايكل سوندرز من سيتي بانك “حتى حين يستبعد الانخفاض في التضخم على المدى القريب، فإن توقيت أول ارتفاع للجنة السياسة النقدية في ظل غير معروف إلى حد بعيد، فمع مرور الوقت نعتقد أن استمرار التشديد في سوق العمل يعني أن لجنة السياسة النقدية، ستحتاج إلى رفع الفائدة بمعدل أكثر مما تحتسبه الأسواق”.