حسين مهدي
أعلنت أمس الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد، نتائج مدركات الفساد التي تصدرها كل عام منظمة الشفافية الدولية. كما كل عام أيضاً، نتيجة لبنان متوقعة، ولا ينتظر المواطن اللبناني إلا أن تكون دولته من الدول الأكثر فساداً حول العالم. احتل لبنان المرتبة 136 من أصل 175 دولة شملتها دراسة مدركات الفساد (بعدما كان في المرتبة 127 من أصل 177 في العام الماضي)، فقد حاز لبنان الدرجة 27/100، مسجلاً تراجعاً في مستوى النزاهة بالنسبة إلى العام الماضي، حيث حاز الدرجة 28. وأكثر من ثلثي الدول المشمولة في المؤشر نالت أقل من 50 نقطة على مقياس يتراوح من صفر (حيث النزاهة مفقودة في المؤسسات ويسود الفساد فيها) إلى 100 (حيث الفساد معدوم في المؤسسات وتسود النزاهة).
هذه النتائج أعلنتها “لا فساد” بالتزامن مع الفروع الوطنية “لمنظمة الشفافية الدولية” في جميع أنحاء العالم. وهو المؤشّر العالمي الذي يُعلن كل عام قبل أيام من اليوم العالمي لمكافحة الفساد الموافق في 9 كانون الأول. وقد أشارت الدراسة إلى أن النمو الاقتصادي ينخفض وأن جهود وقف الفساد تتراجع كلما أساء كبار المسؤولين السياسيين استخدام الأموال العامة وحولوها لتحقيق مكاسب شخصية.
المستغرب في نتائج المؤشر، أن دولاً عربية تعاني من فساد شديد، كدول الخليج مثلاً أو الأردن، يتقدم ترتيبها كثيراً عن ترتيب لبنان. فكيف يتم تحديد هذه النتائج؟
بحسب منظمة الشفافية الدولية، مؤشر مدركات الفساد (CPI) يحدد الدرجات والمراتب التي تحتلها البلدان استناداً إلى مستوى إدراك انتشار الفساد في القطاع العام لكل بلد؛ وهو مؤشر مركّب عبارة عن مزيج من المسوحات والتقييمات التي تتناول موضوع الفساد، والتي يتم جمعها من قبل مجموعة متنوعة من مؤسسات مستقلة متخصصة في مجال تحليل الحوكمة والأعمال. وتستند مصادر المعلومات التي يجري استخدامها إلى مؤشر مدركات الفساد لعام 2013 إلى البيانات والمعلومات التي تم جمعها خلال الأشهر الـ24 الماضية.
وقد تم جمع البيانات التي تتعلق بالبلدان انطلاقاً من ستة مصادر تتوزع على الشكل الآتي:
– مؤشرات الحوكمة المستدامة من منظمة بيرتيلزمان فوندايشين (Sustainable Governance Indicators / Bertelsmann Foundation) ،
– دليل مخاطر الدول من مصلحة المخاطر السياسية (Country Risk Guide / Political Risk Services)،
– استطلاع رأي إداري من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي (Executive Opinion Survey / World Economic Forum)،
– مؤشر سيادة القانون من قبل مشروع العدالة العالمي (Rule of Law Index / World Justice Project)،
– تقييم مخاطر الدول من قبل وحدة المعلومات الاقتصادية (Country Risk Assessment / Economist Intelligence Unit) ،
تصنيف مخاطر الدول من قبل الرؤية العالمية (Country Risk Ratings / Global Insight)
ولكن لم تحدد منظمة الشفافية الدولية المنهجية التي تتبعها لإصدار هذا المؤشر، وهناك استغراب من قبل العديد من الجهات والجمعيات والمنظمات (ومنها عدد من الفروع الوطنية التابعة للمنظمة) سبب عدم الاستعانة بجهات محلية لتساعد في عملية التصنيف وجمع المعلومات. وهذه الملاحظة تعطى كل عام للمنظمة، لكنها لا تبدي أي تجاوب. اذ تعتبر المنظمة أن طريقة التصنيف المتبعة منصفة لجميع الدول المشمولة بالدراسة. الا أن علامات استفهام كثيرة تسجّل حول مدى صدقية هذه النتائج، في ظل قدرة الدول والأنطمة على التأثير على “مؤسسات مستقلة متخصصة في مجال تحليل الحوكمة والأعمال”، لكي تصدر عنها نتيجة “مخففة” عن النتيجة الحقيقية للبلدان.