اقرت الحكومة البريطانية المحافظة الأمس الأول بفشلها في القضاء على العجز العام، لكنها اكدت ان البلاد في وضع اقتصادي جيد وذلك قبل ستة اشهر من انتخابات يتوقع ان تشهد منافسة حادة.وقدم وزير المالية، جورج اوزبورن، امام مجلس العموم «اعلان الخريف» وهو موعد استشراف سنوي للميزانية اصبح مسيسا جدا هذا العام مع قرب الموعد الانتخابي وسط تقدم طفيف للمعارضة العمالية بحسب استطلاعات الرأي. وستقدم آخر ميزانية في آذار/مارس 2015 من قبل الفريق الحكومي المنتهية ولايته. لكن المحللين السياسيين اجمعوا على اعتبار خطاب أمس الأول الفرصة الأخيرة للحكومة لاتخاذ مبادرات اقتصادية واسعة.
واشاد الوزير خلال العرض بالنجاحات الأخيرة للمملكة المتحدة، التي قال انها تشهد «اقوى نسب النمو بين الاقتصادات المتقدمة الكبرى جميعها» مع 3 في المئة متوقعة لهذا العام، في الوقت الذي تصارع فيه الدول الكبرى في منطقة اليورو للإفلات من الركود والانكماش. كما يتوقع ان تسجل بريطانيا نموا بنسبة 2.4 في المئة في 2015.
واوضح أوزبورن ان هذه الحيوية الاقتصادية في بريطانيا سمحت بتقليص نسبة البطالة التي تبلغ حاليا 6 في المئة.اما على مستوى العجز العام فقد اضطر وزير المالية إلى بذل جهد كبير و»بهلواني» لتفسير «كيف عملت سياسة التقشف بشكل جيد رغم فشلها في الغاء العجز العام في 2015»، وهو وعد قطعه المحافظون على انفسهم لدى عودتهم إلى الحكم في 2010.
وذكر الوزير «ان العجز قلص إلى النصف مقارنة بالوضع الذي ورثناه».وكان العجز العام في 2010 يفوق 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي السنوي، خصوصا بسبب اجراءات استثنائية اتخذتها الحكومة العمالية حينها لمواجهة الأزمة المالية العالمية.وقال الوزير انه خلال فترة الميزانية الحالية (من نيسان/ابريل 2014 إلى آذار/مارس 2015) سيبلغ العجز 5 في المئة.وعلى الفور علق إد مليباند، زعيم حزب العمال، قائلا ان هذا يثبت ان المحافظين «حولوا عدم الوفاء بالوعود إلى فن قائم بذاته».
واضاف «كل ما اقتربنا من الانتخابات فإن البريطانيين يدركون ان رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون) يقول اشياء لا يعنيها» مشيرا إلى فشل الحكومة في القضاء على الهجرة، وهو وعد آخر لم يتم الوفاء به، كما قال.
ومثل ركود منطقة اليورو المجاورة، وتراجع عائدات نفط بحر الشمال وتراجع سعر النفط، وتباطؤ سوق العقارات، سلسلة من الأسباب التي قدمتها الحكومة لتبرير فشلها في القضاء على العجز العام.لكن العماليين يشيرون بإصبع الاتهام خصوصا إلى تنامي العمل «بأجر زهيد» وهو ما يؤدي إلى تراجع عام في القدرة الشرائية والعائدات الضريبية.وفي مستوى توازن الحسابات توجد بريطانيا في صف أسوأ التلاميذ. وفي آخر توقعاته لعجز الميزانيات الذي نشر بداية تشرين الأول/أكتوبر قدر صندوق النقد الدولي عجز بريطانيا في 2014 بـ5.3 في المئة وعجز فرنسا بـ4.4 في المئة في حين يتوقع ان تحقق المانيا فائضا بنسبة 0.3 في المئة.
وشدد أوزبورن على ضرورة تقليص أكبر لنفقات الدولة ملوحا بمواصلة سياسة التقشف. لكنه اشار ايضا إلى بعض الإجراءات الجديدة بينها خصوصا فرض ضريبة بنسبة 25 في المئة على الشركات المتعددة الجنسيات التي تسعى حاليا إلى الإفلات من الضرائب من خلال عمليات معقدة. وأطلق على هذه الضريبة الجديدة تسمية «غوغل تاكس» في اشارة إلى شركة غوغل العملاقة نظرا للعدد الكبير من شركات التكنولوجيا المعنية بها. ويتوقع ان تدر هذه الضريبة الجديدة مليار جنيه إسترليني (1.26 مليار يورو) خلال خمس سنوات، في المقابل سيكون على البنوك ان تدفع أربعة مليارات جنيه اضافية خلال الفترة ذاتها في اطار تغيير قواعدها الضريبية.
وقبل اشهر من الانتخابات قدم وزير المالية بعض الحوافز بينها مشروع استثمار في شبكة الطرقات وصناديق طارئة لخدمات الصحة العامة (ان اتش اس) ومساعدات للشركات الصغرى والمتوسطة وتغيير الرسوم على المعاملات العقارية من شانها تشجيع الراغبين في تملك عقارات.