برايس إلدر
كانت المملكة المتحدة المكان الخطأ للاستثمار هذا العام. فمن بين مؤشرات أسواق الأسهم الـ 20 الأكبر في العالم، حل مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في المرتبة رقم 19 ـ حتى تاريخه. أستراليا هي الوحيدة التي سجلت أداء أسوأ.
أسباب ضعف الأداء واضحة. يُشكّل النفط والموارد الأساسية معاً ربع المؤشر الذي يضم أكبر الشركات في المملكة المتحدة، مقارنة بـ 6 في المائة في المتوسط في الأسواق المتقدمة الأخرى. وظهر الانخفاض في أسعار النفط والمعادن هذا العام بصورة مقابلة في مؤشر فاينانشيال تايمز للطاقة والمعادن ذات القيمة السوقية الكبيرة، التي انخفضت بنسبة 11 في المائة و9 في المائة على التوالي.
يقول توماس بيرس، خبير الاستراتيجية في دويتشه بانك، إن عبء أسهم الموارد التي يغص بها المؤشر يعني أن فاينانشيال تايمز 100 لا ينبغي أن يُعتبر استثمارا آمنا من النوع المتعقب للأسهم. “ففي حال تراجعت أسعار السلع الكبيرة، فإن مؤشر فاينانشيال تايمز دائماً ما يشهد ضعفا في الأداء”.
لكن على الرغم من اضطرابات هذا العام، إلا أن القليل جداً قد حدث على مستوى المؤشر، فهو يبدأ شهر كانون الأول (ديسمبر) بإظهار أداء سنوي ثابت. فحتى بعد عملية البيع السريع للسلع، واضطرابات منتصف العام بشأن تصويت استقلال اسكتلندا، وانخفاض غير مسبوق في أسهم شركات السوبر ماركت، فإن المؤشر في سبيله لإنهاء عام 2014 من حيث بدأ.
يقول جيرارد لاين، خبير استراتيجية الاستثمار في شور كابيتال: “إن قطاع السلع في المملكة المتحدة هو السمة الغالبة، ما يعني أن المستثمرين قد يحصلون بدون قصد على تقلّبات أكثر مما كانوا يتوقعون. مع ذلك، المؤشر لا يزال يبدو متفوقا حتى الآن على معظم مديري الأموال النشطين في العام، بعد أن تخلّف عن انتعاش ما بعد عام 2009”.
ويعود استقرار سوق المملكة المتحدة جزئياً إلى الاسترليني، الذي عملت قوته في النصف الأول وتراجعه الأخير على تخفيف ذروات وانخفاضات مؤشر فاينانشيال تايمز 100. ويُقدّر بنك كريدي سويس أن نحو 77 في المائة من مبيعات الشركات المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز تأتي من خارج المملكة المتحدة، وتقريباً نصف الشركات في المؤشر تبلغ عن نتائجها بالدولار. وبمجرد أن تتم إعادة تقويم المؤشرات الأوروبية الرائدة بالعملات المحلية بدلا من الدولار، فإن انخفاض مؤشر فاينانشيال تايمز بنسبة 6.3 في المائة للعام حتى تاريخه يتركه في الوسط. لكن هذا الأداء يُخفي حقيقة أن فاينانشيال تايمز 100 أصبح أكثر تكُلفة.
يقول ألكساندر ميز، محلل الأسهم في جيه بي مورجان كازينوف، إن المرونة النسبية للاسترليني كانت تدفع توقعات الأرباح نحو الأسفل، وأدى هذا إلى جانب الأسواق الثابتة، إلى رفع نسبة السعر إلى الأرباح إلى أعلى.
وبناءّ على توقعات الأرباح المستقبلية بمتوسط عام واحد، تُظهر بيانات جيه بي مورجان أن مؤشر فاينانشيال تايمز 100 أكثر تكُلفة مما كان عليه قبل عام بنسبة 7 في المائة. لقد تم تقييم مؤشر المملكة المتحدة على قدم المساواة مع مؤشر كاك 40 الفرنسي وهو أعلى من مؤشر إكسترا داكس الألماني، الذي شهد خلال العام استقرارا واسع النطاق في معدل السعر/الربح المستقبلي.
هل الأداء المتواضع لمؤشر فاينانشيال تايمز في 2014 يجعل منه وجهة ذات جاذبية أقل لرأس المال الجديد؟ السماسرة يرفضون هذا التلميح ويقولون إن الأهم من ذلك هو السيولة في لندن وسجلها.
استنادا إلى هذه المعايير، كانت عمليات التعويم في عام 2014، مثل السوق، متواضعة وليست كارثية. فثُلث عمليات الاكتتاب العام في بورصة لندن يتم تداولها بأقل من سعر الشراء وثُلثها ارتفع أكثر من 10 في المائة. بالتأكيد كانت هناك بعض الانخفاضات المفاجئة، خاصة بين متاجر التجزئة: خسرت “آيه أو ويرلد” ما يصل إلى 45 في المائة من سعر الطرح، و”بيتس آت هوم” انخفضت بنسبة 30 في المائة ـ أدنى مستوياتها. لكن عام 2014 لم يشهد بعد فشلا بحجم جلينكور، القادر على إغلاق عمليات الطرح العام الأولي المتوقعة في عام 2015.
لذلك، ينصح بنك كريدي سويس مديري الصناديق باتخاذ موقف “محايد” فيما يتعلق بالمملكة المتحدة العام المقبل، وهذا بمثابة تحديث لدعوته الخاصة بـ “التقليل من وزنها” في المحافظ في عام 2014. وهو يرى الآن أن توقعات الأرباح وصلت إلى مستويات واقعية في المملكة المتحدة أكثر مما هي في أوروبا القارية “ومستوى الحذر من جانب البيع (…) قريب الآن من أعلى مستوياته منذ عام 2009”.
يتوقع الوسيط المالي أن يتخطى تفوّق أداء المملكة المتحدة ذروته. فأسهم السلع، إلى جانب بنوك إتش إس بي سي وستاندرد تشارترد التي تركّز على آسيا، تمنح مؤشر فاينانشيال تايمز 100 انكشافا مرتفعا نسبياً على الأسواق الناشئة بنحو خُمس المبيعات.
مع ذلك، يُضيف كريدي سويس أن المؤشر يملك الترجيح الأعلى بين الأسواق المتقدمة للقطاعات الدفاعية، لذلك سيكون متقاعساً كلما زاد الزخم الاقتصادي العالمي.
ويقول لاين: “من خلال التفويض، كان هناك تحوّل تدريجي إلى مؤشر عالمي. في حال اتسع أكثر من ذلك، فإن العملية قد تترك بعض الشركات البريطانية تتوق إلى الوصول إلى رأسمال الأسهم”.