فراس أبو مصلح
بعد أشهر أربعة على إقفالهم المبنى المركزي لمؤسسة كهرباء لبنان وعدد من دوائرها في المناطق، فكّ عمال «الكهرباء» المياومون سابقاً أَسر المبنى المركزي صباح أمس، بعد مؤتمر صحافي عقده وزير الزراعة أكرم شهيب ووزير الطاقة والمياه آرتور نظاريان ورئيس مجلس الإدارة، المدير العام لـ«الكهرباء» كمال الحايك في وزارة الطاقة، حيث نوّه نظاريان بأنّ الحل أتى «بمبادرة» من النائب وليد جنبلاط، ممثلاً بشهيب «وبمباركة ودعم من الرئيسين بري وعون»، حيث «كان الاتفاق على احترام القوانين والأنظمة المرعية الإجراء وحسن تنفيذها، بما يتماشى مع قرارات مجلس إدارة كهرباء لبنان ويبدد هواجس (المياومين وجباة الإكراء)». فما الذي حصل كي يقبل «المياومون»، أو بالأحرى راعيهم السياسي، بما كانوا يرفضونه طوال أشهر أربعة؟
يقول مصدر مطلع إن صيغة الحل لا تختلف عمّا طرحته إدارة المؤسسة «منذ اليوم الأول للأزمة»، أي منذ أرسلت الإدارة في مطلع آب من العام الحالي مذكرة إلى مجلس الخدمة المدنية تحدد فيها حاجتها لتثبيت عدد من عمالها المياومين سابقاً في الفئتين الرابعة والخامسة من ملاكها يبلغ 897 عاملاً. بحسب المصدر، راسلت الإدارة مجلس الخدمة المدنية حينها، سائلة عن مدة صلاحية الامتحانات التي يجريها، وذلك لاستطلاع إمكانية استيعاب عدد أكبر من العمال الناجحين في الامتحانات «على مراحل» خلال السنتين اللتين تليان إعلان نتائج المباريات، غير أن المجلس لم يعط جواباً حتى أيام مضت! يلفت المصدر إلى أن الإدارة كررت طرحها في أيلول، وأعادت التذكير به في مناسبات عديدة، نافياً علم الإدارة (أسوة بالمياومين السابقين) بمضمون الاتفاق السياسي الذي سمح بفك العقدة الغامضة!
ستعمد المؤسسة إلى تثبيت عمال إضافيين خلال السنتين اللتين تليان إعلان نتائج امتحانات مجلس الخدمة المدنية «وفق حاجتها»، وليس لملء جميع الشواغر التي ستنشأ خلال هذه المدة، يقول المصدر، شارحاً أنه قد تشغر وظائف لا حاجة فعلية لها مع دخول العدادات الذكية الخدمة، أو وظائف تقوم بها شركات خدمات توزيع الكهرباء، مثلاً. يعني ذلك أن «الحل» هذا قد يكون فعلياً «ربط نزاع» ليس إلا، إلى حين تجدد الخلافات حول تحديد حاجة المؤسسة من الوظائف، فضلاً عن امتعاض البعض من حصر التوظيف في الفئتين الرابعة والخامسة في ملاك المؤسسة خلال السنتين المذكورتين بالمياومين السابقين، ما يعني عملياً حرمان الكثير من المواطنين الحق بتساوي الفرص، واستطراداً، حرمان المؤسسة الكفاءات خارج هذه الفئة المحددة، خاصة في ظل ما يتداوله «المياومون» حول «ضمانات شفهية» بأن تكون امتحانات مجلس الخدمة «شكلية»!
ذكّر الحايك عند عودته إلى مكتبه في المبنى المركزي بترداده «منذ بداية الاعتصام» أن إدارته «تحت سقف القانون وتوجيهات مجلس الخدمة المدنية، ونحن مستعدون للحوار والتباحث والمناقشة في أي أمر ضمن هذا السقف، أما خارجه فيصبح خارجاً عن صلاحياتنا كإدارة». وطمأن الحايك المواطنين إلى أنهم لن يضطروا إلى دفع فواتير عن أربعة أو خمسة أشهر، أي مدة الإقفال وعجز المؤسسة عن طبع فواتير التوتر المنخفض، شارحاً أن الفواتير ستصدر في الفترة المقبلة عن شهرين كحد أقصى، مع تقصير دورة الجباية لتعويض فترة التراكم.
في المقابل، ينفي وزير المال علي حسن خليل في حديث لـ«الأخبار» أن تكون صيغة الحل مطابقة لما تقول إدارة «الكهرباء» إنها طرحته منذ أشهر أربعة، قائلاً إن ثمة نقاطاً كثيرة مختلفة عن طرح المؤسسة الأولي، «كلوائح الأسماء وتفاصيل أخرى». وينفي خليل كذلك شمول الاتفاق السياسي أي ملف آخر يتعلق بإنتاج الطاقة أو استيراد النفط، قائلاً إن «الملف مستقل تماماً» عن أي ملف آخر.
وقف عضو «لجنة المياومين» أحمد شعيب خلف الحايك في المؤتمر الصحافي ليعلن اعتذاره وزملاءه عن «الإساءات الفعلية واللفظية» بحق إدارة المؤسسة وموظفيها، فرد الحايك قائلاً إنه «طوى الصفحة»، ليختتم ممثلو الرعاة السياسيين للاتفاق (مستشار الرئيس نبيه بري علي حمدان وسيزار أبو خليل مستشار وزير الطاقة ممثلاً العماد عون والوزير شهيب ممثلاً جنبلاط) المؤتمر الصحافي برفضهم القاطع الإجابة عن أي سؤال، منعاً للحديث في الاتفاق السياسي السري.