إكتسبت عمليات تقييم مواهب الموظفين والقيادات الإدارية، لدى الشركات زخماً كبيرا في غضون السنوات القليلة الماضية، وأصبحت القدرة على إدارة المواهب في أية شركة بالشكل الأمثل، مؤشراً على مدى نجاحها واستمراريتها، كما أن تحديث استراتيجيات التوظيف، أصبح ضرورة لنجاح أية شركة.
كما بدأ المزيد من الشركات، تطبيق معايير لقياس المواهب لدى الموظفين، من أجل اتخاذ القرارات المناسبة بشأنهم، أو من أجل وضعهم في المكان المناسب. كما أن قياس المواهب، صار من بين أهم الواجبات المنوطة بالقيادات في أية شركة.
أريبيان بزنس التقت محمد فريد، المدير الإداري لشركة سي إي بي – الشرق الأوسط التي تعمل منذ 7 سنوات في المنطقة في مجال فهم وقياس إدارة المواهب، سواء في الشركات التجارية، أو حتى في الحكومات وسألته بداية عن أهمية إدارة وقياس المواهب فقال أنه « لتحقيق الأهداف المؤسساتية، تعتمد الشركات دائماً على قدرتها على إدارة المواهب بفعالية عالية. وبدلاً من نظرتها التقليدية إلى إدارة المواهب كجزء من مبادرات الموارد البشرية، بدأت تراها أمراً ضرورياً لنمو الأعمال، وأظهرت دراساتنا أن الشركات التي تتمتع بمعرفة وفهم عميق لإدارة المواهب استطاعت أن تضاعف إيراداتها ونمو أرباحها مقارنة بتلك التي مازالت متخلفة عن الركب في هذا المجال».
وسيلة أشد دقة
ويضيف فريد موضحاً «عندما تعتمد الشركات على التقييمات الموضوعية التي نوفرها لقياس المواهب، تمتلك وسيلة أشد دقة لتحديد ما إذا كان لدى الفرد المهارات والسلوكيات والكفاءات اللازمة ليكون ناجحاً في العمل الذي سيوكل إليه. كما تستطيع الشركات استخدام البيانات التي حصلت عليها خلال عملية التقييم لتحديد المهارات والخبرات التي يحتاج لتطويرها في حياته المهنية إن أراد النجاح في الأدوار الوظيفية المستقبلية الإدارية أو القيادية أو التقنية المتخصصة. وهكذا فإن استخدام البيانات لتوفير هذا النوع من الفهم الواسع للموهبة، فإن متخذي القرارات يستطيعون اعتماد أفضل استراتيجيات التوظيف والتنمية، والنتيجة هي تحسّن الأداء، وزيادة المبيعات، وارتفاع رضى العملاء، وتخفيض التكاليف، وهو ما نستطيع تتبعه على مر الزمن. كما يجنب الشركات توظيف الأشخاص غير المناسبين، وهو أمر مكلف ويضيع عليها الوقت والفرص».
ويمضي المدير الإداري لشركة سي إي بي – الشرق الأوسط للقول «لا يستهان مطلقاً بفوائد الاعتماد على قياس المواهب. وتطبق مزيد من الشركات التقييم الموضوعي لموظفيها لاتخاذ القرارات المهمة بشأنهم. فاستخدام المقاييس يعطي الشركات وسيلة لوضع مواهب موظفيها في المكان المناسب، والاستفادة منهم بشكل أكثر فعالية، كما أن قياس المواهب، أثبت أنه يوفر عائداً ملموساً على الاستثمار».
النمو الذكي
لكن ما هي تحديات تغيرات بيئة العمل واختيار قيادات المؤسسات في المنطقة العربية؟ يجيب فريد «خلال سعيها المستمر للنمو الذكي، بزيادة العائدات والربحية، تركز معظم الشركات على إيجاد طرائق مبتكرة لزيادة المبيعات وتقليل التكاليف ورفع كفاءة القوى العاملة. ووجدت الدراسات التي قمنا بها، أن المديريين التنفيذيين العالميين يعتقدون أنهم يحتاجون إلى تحسين نسبة الأداء بنسبة 20 % عن المستويات الحالية من أجل تحقيق أهداف أعمالهم، أي أنهم يحتاجون إلى ما يعادل يوماً إضافياً من الإنتاجية في الأسبوع من موظفيهم».
ويضيف «إذاً علينا أن نرى أن فهم، وبالنتيجة تقييم وقدرات وإمكانات الموظفين الحاليين، هو أمر جوهري لتمكين المؤسسات من تحقيق الأداء في بيئة العمل الجديدة. كما وجدت دراساتنا، أن الشركات التي يقودها أقوى الرواد استطاعت مضاعفة نمو إيراداتها تقريباً مقارنة بالشركات التي تعتمد على قادة أضعف»
تغيير كبير
وعلى الرغم من ذاك يرى فريد «أن معظم القادة يفتقرون اليوم إلى المجموعة الكاملة من المهارات اللازمة للتفوق في بيئة العمل اليوم المتغيرة سريعاً. وقد أظهرت أبحاث سي إي بي حديثاً أن 98 % من المؤسسات شهدت تغيرّاً كبيراً في السنوات الأربع الماضية. فهذه التحولات في ديناميات العمل – من الكم الهائل من المعلومات إلى العولمة المتسارعة، وصولاً إلى زيادة الحاجة إلى التعاون المشترك بين أقسام الشركة – تعني أن الأساليب التقليدية للقيادة وامتلاك مهارات القادة لم تعد كافية اليوم لتحقيق نتائج الأعمال المرجوة.»
ويرى فريد أنه للتغلب على هذا التحدي ينبغي على الشركات تعديل نهجها بإشراك وتطوير الموظفين لبناء وتفعيل شبكات عمل قوية داخل الشركة، وإيجاد الظروف الملائمة للموظفين للعمل عبر ومع الآخرين لزيادة الإنتاجية، وتعزيز أداء الشركة عموماً. كما أنه ، ومن أجل تحقيق نمو أكبر في الشركات، ومن أجل التميز عن الشركات المنافسة والحفاظ على السير في المقدمة، عليها وضع أهداف أعلى لقادتها، تتطلب منهم تجاوز تحديد الاتجاه الاستراتيجي للشركة وقيادة التنفيذ».
إعادة توجيه طريقة التفكير
وهنا نبادر فريد بسؤال حول الكيفية التي يساعد بها وجود الأشخاص المناسبين في الشركات، على تحقيق أهداف تلك الشركات فيجيب «يعرف القادة التقدميون كيف يعيدون توجيه طريقة تفكيرهم بشأن مساهمة موظفيهم في نجاح الشركة على المستوى الفردي والمؤسسي. ومن خلال تبنيهم بعقلية الاهتمام بالمواهب، يعرفون كيف يجدون المواهب التي تستطيع تعزيز الفرق الضعيفة، وتزيد الإنتاجية، أو تمتلك القدرة لتكون في مقعد القيادة. ويعرفون كذلك كيف يطورون أولئك الذين ليسوا على استعداد لتولي هذه الأدوار حتى الآن. فمن خلال حصولهم على مزيج قوي من البيانات عن الأشخاص والمقاييس الموضوعية، يستطيع قادة الموارد البشرية من هذا النوع إيجاد العلاقة المباشرة بين وجود الأشخاص المناسبين في المكان المناسب وزيادة الإيرادات، والأرباح الكبيرة».
ويضيف أن «هذا النوع من المعرفة عن المواهب يوفرفي نهاية المطاف التعرف إلى الوقت الحقيقي لفعالية وإمكانيات وجاهزية القوى العاملة في الشركة. وذلك ليس من أجل العمل اليومي على تحسين إدارة المواهب، بل يمكّن قادة الموارد البشرية من التنبؤ بدقة بمستوى جاهزية القوى العاملة لديهم للاستجابة والتكيف مع تغير الأولويات الاستراتيجية – واحتمالات تحقيق النجاح والنتائج الإيجابية.»
مالذي يجب فعله؟
لكن، ومن منظور المواهب، ما الذي يجب أن تفعله الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي لتبقى قادرة على المنافسة عالمياً برأي محمد فريد؟ يجيب «توصي سي إي بي باتباع منهج ثلاثي الأبعاد للشركات في دول مجلس التعاون الخليجي الحفاظ على قدرتها التنافسية:
• تحقيق المواءمة بين أولويات الموارد البشرية، والعمليات والموارد. وذلك ببناء إجراءات قوية لتحديد أولويات المواهب التي تسهل عمل التخطيط والمتابعة والتحسين لضمان النتائج المرجوة. مع التركيز على المبادرات التي تدعم مباشرة أولويات العمل بما يضمن التوافق على الأهداف التنظيمية.
• تطوير البنية التحتية للوحات مراقبة المواهب. وذلك بدمج البيانات من جميع مصادر الموارد البشرية والأنظمة لتوفير نظرة شمولية للمواهب في الوقت الحقيقي. تجميع هذه البيانات في «لوحة قيادة» يمكّن قادة الأعمال سريعاً من مراقبة الاستراتيجيات وثغرات المهارات وتوجيه الشركة نحو النجاح بطريقة أكثر فعالية.
• ربط تأثير الموارد البشرية باستراتيجية الأعمال. وذلك بقياس العائد على تأثير الموارد البشرية باستخدام البيانات التي تربط المواهب بنتائج الأعمال. ويعد فهم كيفية تسهيل المواهب لنمو الشركات أمراً بالغ الأهمية لدور الموارد البشرية في قيادة تطوير الأعمال.
كسر دائرة نقص المهارات
وحول الكيفية التي يمكن بموجبها للشركات كسر دائرة نقص المهارات وتحقق التوازن الصحيح بين توظيف الوافدين والمواطنين، فيقول «على الشركات التي تريد الحصول على عوائد ضخمة ترقية استراتيجيات التوظيف والاحتفاظ لديها من خلال الاعتماد على أدوات تقييم موضوعية لقياس ملائمة المرشحين للدور الوظيفي والإمكانات المستقبلية، بغض النظر عن جنسيتهم. وعلى أرباب العمل عدم بخس قيمة المعرفة الإقليمية والخبرة والوعي الثقافي المتوفر حالياً في سوق العمل المحلية، وهكذا فإن تبني مقاربة تعتمد على البيانات لتحديد الموهبة الصحيحة تقدم للشركات مستوى دقة جديداً لاتخاذ قرارات بشأن توظيف الأشخاص».
وهنا نسأل المدير الإداري لشركة سي إي بي – الشرق الأوسط عن الكيفية التي يمكن فيها قياس العائد على الاستثمار في إدارة الموارد البشرية/المواهب فيقول «خلص تقريرناً الأخير إلى أمر مثير للدهشة وهو أن أقل من نصف الشركات التي شاركت في الاستبيان تعتمد على بيانات المواهب كأساس لاتخاذ القرارات التجارية، أو حتى تستخدم البيانات الموضوعية لاتخاذ قرارات صائبة بشأن القوى العاملة».
دوران الموظفين
ويشرح أكثر فيقول «تستطيع أقسام الموارد البشرية في معظم الأحيان تقييم التكلفة لكل تعيين، ولدوران الموظفين، وحتى تكلفة تقييمات عمل الموظفين في الوقت المحدد. وبينما تعد هذه التدابير التنفيذية مؤشرات لازمة لمعرفة مدى كفاءة العمليات إلا أنها لا تخربك بمدى فعالية الموظفين لديك، أو بالعائد على الاستثمار بالنسبة لبرامج التوظيف والتنمية، أو كيف تسهم استراتيجية المواهب لديك في لتحقيق أهداف العمل .»
ويؤكد فريد أن «طريقة التقييم النفسي تتوفر منذ عقود. ويستطيع المديرون استخدامها لقياس قدرات التفكير والمحاكمة لدى المرشحين، ومهاراتهم، وما يحفزهم، ومدى فعاليتهم إذا تولوا دوراً معيناً والإمكانات لديهم لتحمل مسؤوليات المستقبل. ويضمن وجود منهج صلب لقياس المواهب أنه من أجل كل عملية تعيين أو ترقية أو إعادة التنظيم، توجد بيانات موثوق بها تساعد صناع القرارات في التصرف السليم. وسيولد معرض إكسبو العالمي 2020 في دبي حوالي 270000 فرصة عمل في الإمارات»
قوة عمل متنوعه
لكن ما هي المسائل الرئيسة التي ستشغل بال قادة الشركات من ناحية الحصول على المواهب والمحافظة عليها؟ يجيب فريد «توظيف الموهبة الصحيحة أمر محوري لتحقيق النجاح. كما، أن إنشاء قوة عمل متنوعة لم تعد أمراً اختيارياً، بل أصبحت ضرورة عملية. وأظهرت أبحاث سي إي بي العالمية أن الشركات التي توظف قوة عاملة متنوعة قوية تولد ضعف نمو الإيرادات والأرباح مقارنة بالشركات التي لا تفعل ذلك. فالشركات التي لا تتبنى التنوع – الثقافي، والجيلي، وبين الجنسين – في بيئة العمل، تخاطر جداً بتقييد فضاء المواهب المتوفر لها ما يجعل عملية البحث عن الأشخاص المناسبين أمراً أشد صعوبة. كما أن ذلك يعني تشويهاً لفجوات المهارات الحقيقة ويمكنه تتأجيج المشهد التنافس على المواهب المفرط اليوم.»
ويختم فريد بالقول «على الشركات في الشرق الأوسط أن تتحرك الآن إن أرادت الاعتماد على قوة عمل مستقرة عالية الأداء للاستفادة القصوى من هذا الحدث الكبير وما بعده» .
مرجع عالمي
وللوقوف على تجربة عمل سي إي بي (CEB) في سوق المنطقة العربية، وماذا يعني هذا بالنسبة لصناعة إدارة المواهب يقول فريد « سي إي بي، شركة استشارية رائدة تعتمد على اشتركات الأعضاء، وتمثّل مرجعاً عالمياً لفهم وقياس وإدارة المواهب في الشركات التجارية والحكومات. بدأنا أعمالنا في الشرق الأوسط منذ سبعة أعوام، وافتتحنا في العام 2008 أول مكتب لنا في دبي، ولدينا اليوم أكثر من 50 مكتباً تتوزع في جميع أنحاء العالم؟. كما نقدم خدماتنا في مجال إدارة المواهب لقادة المؤسسات لمساعدتهم على تطوير أداء الأعمال، فندربهم على زيادة الاستثمار في المواهب إلى الحد الأقصى، عبر تطبيق المستوى ذاته من الصرامة والانضباط لدى اتخاذ القرارات المتعلقة بالمواهب، كما يفعلون عادة عند التعامل مع أصول الشركات الأخرى. وهكذا نحسّن أداء الأعمال على مستوى العالم، من خلال تزويدها باستشاراتنا التي تجمع بين أفضل الممارسات لدى سي إي بي، والفهم العميق والبيانات التي يوفرها طاقمنا الرائد لقياس المواهب «إس إتش إل تالنت ميجرمنت»، بالإضافة إلى التحليلات التنبؤية والمنصة التقنية المتينة. «.
الموظفون هم ثروة الشركات
وأخيراً نسأل محمد فريد، عن خطط سي إي بي الخاصة بالمنطقة؟ فيقول «تدرك معظم الشركات أن موظفيها هم أهم ثروة لديها؛ وتسعى الشركات في الشرق الأوسط بشكل متزايد إلى الحصول على معرفة موضوعية عميقة بإمكانات موظفيها، وقدراتهم على الإنجاز. ويشهد على ذلك الطلبات المتزايدة التي نتلقاها للحصول على معلومات متعلقة بالقوى العاملة في جميع أنحاء المنطقة. واستجابة لهذا نحن عازمون على تسريع خطة توسعنا خلال السنوات الثلاث المقبلة. وهو ما سيمكننا من تعيين الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة لدفع التبادل المعرفي الهادف، وتقديم الحلول المحلّية التي يحتاجها عملائنا في القطاعين الخاص والعام، وترسيخ مكانتنا كشركة استشارية رائدة توفر معرفة شاملة بإدارة المواهب».