هل تعود النفايات لتملأ طرقات لبنان مجدّداً بدءاً من 17 كانون الثاني المقبل، موعد انتهاء العمل في مطمر الناعمة وانتهاء العقد مع شركة سوكلين؟ وزير البيئة محمّد المشنوق يأمل ألّا يحصلَ هذا الأمر، متفائلاً بانعقاد اللجنة الوزارية غداً لتذليل العقبات وإنهاء إعداد المناقصات، كاشفاً أنّ المناقصات ستلحَظ تقسيماً للمناطق، بحيث لا يمكن لأيّ شركة نفايات أن تستلمَ أكثرَ من منطقة.
أكّد وزير البيئة محمد المشنوق أنّ الوزارة تسعى جاهدة لتجنّب تكرار أزمة النفايات التي واجَهها لبنان مطلع العام، خصوصاً أنّ هذا الموضوع وطنيّ وإنساني بامتياز ويهمّ كلّ الناس، لافتاً إلى أنّه «في حال ملأَت النفايات الشوارع فلن ترحمَ أحداً».
وأوضحَ المشنوق لـ«الجمهورية» أنّ الهدف من تمديد العمل بمطمر الناعمة لثلاثة أشهر هو إفساح المجال أمام إجراء المناقصات التي تحتاج أقلّه الى ثلاثة أشهر، مشدّداً على أهمية التعاطي بجدّية مع هذا الملف.
وأكّد انّ موافقة وزراء النائب وليد جنبلاط على هذا القرار من داخل الحكومة هو دليل الموافقة على هذا الاقتراح، بعدما لمسوا أنّ تصوّر الحلّ جدّي للغاية. ودعا المشنوق الى صرف الحوافز والاموال الى القرى المجاورة للمطمَر لتسهيل السير بهذا الاقتراح.
وأوضحَ أنّه «بات لدينا تصوّر تامّ للمناقصات، وتمّ إنجاز دفتر الشروط الأوّل من كنسٍ ولمّ ونَقل والثاني يتمحور حول عملية المعالجة لطمر الردميات والعوادم فقط بعد معالجتِها».
عن الاقتراحات لمعالجة النفايات كلٌّ ضمن نطاق بلديته أو على صعيد الأقضية، قال المشنوق: السيناريوهات لحلّ مشكلة النفايات متعدّدة، منها ما يُنفَّذ ومنها ما هو قابل للدرس، ونحن نسعى جاهدين لإيجاد أفضل الحلول الممكنة في هذا الإطار.
أمّا القول أنّنا نسعى لإيجاد إطار عام يُبقي على عمل شركة «سوكلين» أو يجدّد لها فهو غير صحيح. أمّا إذا فازت «سوكلين» في المناقصة واستوفَت الشروط المطلوبة فهل نوقِف التعاملَ معها؟
تابع: في العقود، يلحظ دفتر الشروط تقسيماً للمناطق، بحيث لا يمكن لأيّ شركة نفايات أن تستلم أكثر من منطقة، أو بمعنى آخر، لن تستلمَ شركة نفايات واحدة كلّ لبنان، كما هو واقع الحال مع «سوكلين» اليوم.
إلى ذلك، تجتمع لجنة وزارية يوم غد الثلثاء برئاسة الرئيس تمّام سلام، على أن يتمّ في ضوئها رفع صيغة الحل الى مجلس الوزراء، وفور موافقته عليها تعلن الحكومة عن المناقصة واستدراج العروض.
وأوضحَ المشنوق أنّنا راهناً بِتنا في مرحلة إنجاز الاتفاق في الصيغة النهائية وحصر المناطق… وفي ضوء الموافقة النهائية على المشروع ضمن اللجنة التي تمثّل كلّ الكتَل، أعتقد أنّه لن يكون من مشكلة في موافقة مجلس الوزراء عليها.
أبي راشد
رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد، أكّد أنّ مطمر الناعمة لم يعُد يستوعب المزيد من النفايات، وكبيئيّين نعتبر أنّنا لم نعُد بحاجة إليه. ولفتَ لـ«الجمهورية إلى أنّ الحركة قدّمت للحكومة حلّاً لمشكلة النفايات مؤكّداً أنّ الوقت لا يزال سانحاً اليوم للبدء باعتماد الحل المقدّم وأن لم يفُتِ الأوان. ويتمحور الطرح في اعتماد اللامركزية في الفرز والتدوير، وتالياً لا نحتاج لا الى مطمر ولا إلى محرقة.
فالخطّة البيئية التي قدّمتها الحركة الى الوزراء والنوّاب تعتمد أوّلاً على اللامركزية، بحيث يتمّ خلق مكان لتجميع النفايات في كلّ قضاء أو كلّ اتّحاد، مع إعطاء دور للبلديات. ورأى أنّ ما يحول دون اعتماد حلّ لهذه القضية هو أنّ الحكومة طرفٌ في صفقةٍ مع القطاع الخاص.
فلو كانت الحكومة مستقلّة عن هذا القطاع الخاص لكانوا باشروا في تطبيق الحلّ منذ عام، أي من تاريخ فتح المطمر مجدّداً العام الماضي. ورأى أنّ الحكومة «تلفّ وتدور» في هذا الملفّ لأنّ عمل «سوكلين» سيتوقّف وينتهي في حال جرى إلغاء المطمر، خصوصاً أنّ اعتماد اللامركزية كحَلّ في هذا الملف يُلغي الحاجة الى مطمر.
لذا نرى انّ وزير البيئة يتحرّك في إطار إيجاد مطمر بديل، فهو تارة يحاول إقناع أهالي شكّا بخَلق مطمر في بلدتهم، وتارةً أخرى في إقليم الخرّوب. والناس يرفضون هذه الفكرة لأنّهم يخشون أن يصيبَهم ما أصابَ أهالي الناعمة.
وشدّد على أنّ الحلّ الوحيد هو بأن تتولّى البلديات زمامَ الامور، فتلجأ الى جمع النفايات ثمّ فرزِها، مؤكّداً تحقيقَ وفرٍ ماليّ كبير في حال أوكِلت مهمّة جَمعِ النفايات الى البلديات. ولفتَ ابي راشد الى انّ المقالع والكسّارات تنتشر في كلّ جبل لبنان، مقترحاً تحويلَ المقالع الى أرض لتسبيخ النفايات وتحويلها من عضويّ إلى سماد، على أن يتمّ بيع وتصدير النفايات غير العضوية للصين.
وأكّد أنّ المجتمع المدني لن يقبل بتمديد العمل بمطمر الناعمة لأنّ ذلك بمثابة جريمة، لافتاً الى انّ كلّ الحلول التي تطرحها الحكومة اليوم تتنافى وتتضارب مع التزاماتها بالحدّ من التغيّر المناخي، أكان بالطمر أو الحرق، وهذا معيبٌ بحقّ الشعب اللبناني. وأشار الى أنّ التمديد للعمل في مطمر الناعمة مرّ عام 1996، ومرّ عام 2013، أمّا هذه المرّة فلن يمرّ.
ودعا رؤساء بلديات جبل لبنان وبيروت الى التحرّك والإمساك بزمام الامور، عبر تأمين مقلع أو أكثر لمعالجة النفايات العضوية في كلّ قضاء، أمّا بقيّة النفايات من بلاستيك أو زجاج أو المينيوم فيمكن بيعُها لتجّار مهتمين بالشراء بهدف تدويرها.
وفي هذه الحال، يبرز دورٌ للدولة عليها القيام به، وهو التخلّص من النفايات الخاصة مثل اللمبات والبطاريات والأدوية ومواد الدهان، بحيث يمكن تجميعُها في مكان واحد لتتمّ معالجتها والتخلّص منها في مصنع خاص.