تحرّكَت هيئة العلماء المسلمين في اتّجاه دار الفتوى بعد أيّام قليلة على تحميلهم مِن قِبَل قادة المسلحين مصيرَ النِسوة المعتقلات لدى الجانب اللبناني، وبعد ساعات على المبادرة التي أطلقَتها الهيئة تحت عنوان “مبادرة الكرامة والسلامة” من أجل تسوية أوضاع العسكريين المخطوفين والإفراج عنهم.
في الوقت الذي نبّهت فيه الهيئة الى ضرورة الإسراع في حلّ هذا الملف لِمَا يشكّله من تهديد جدّي للسِلم الاهلي والعيش المشترك. كشفَت مصادر رافقت اللقاء واطّلعَت على جوانب منه لصحيفة “الجمهورية” أنّ “المفتي عبد اللطيف دريان عطّلَ سيناريو للهيئة حاولت من خلاله فرضَ رأيها على اللقاء عندما عمّمَت فورَ انتهائه بياناً معدّاً سَلفاً تحدّثت في بندِه الأوّل عن ضرورة معالجة ملفّ العسكريين بأسرع وقت من خلال الإفراج عن النساء والأطفال مقابل وقف التهديدات بقتل العسكريين المختطفين كبادرة حُسن نيّة من الطرفين لاستئناف المفاوضات رأفةً بالعسكريين وذويهم ولبنان”.
ولفتت المصادر إلى انّه “عندما تبَلّغَ المفتي دريان بأمر البيان المكتوب سَلفاً طلبَ بوقفِ تعميمه ونشره واستدعى الوفد مرّةَ أخرى إلى بهو دار الفتوى وتمّ وضع بيان آخر ألغى فيه إلزامية ما اقترحَه البيان في بندِه الأوّل، وأصَرّ على وضع المبادرة التي وضعتها الهيئة في هذا الموضوع في عهدة رئيس الحكومة باعتباره رئيساً لخلية الأزمة”.
من جهتها، اشارت صحيفة “النهار” ان “لقاء وفد “هيئة علماء المسلمين” ورئيس الوزراء تمام سلام مرجأ الى ما بعد عودته من زيارته الرسمية لباريس السبت المقبل، كما أن الشروط التي تطلبها الهيئة تقتضي موافقة من مجلس الوزراء، خصوصا وان المبادرة تنطلق من مطلب اطلاق النساء الموقوفات، ومن تفويض رسمي من الحكومة وقبولها مبدأ المقايضة، وهي شروط تحتاج الى موافقة إجماعية من مجلس الوزراء، وهذا ما يتطلب طرحه في جلسة للمجلس الاسبوع المقبل”.
واشارت مصادر مواكبة الى ان “الشروط التي تضعها الهيئة لا يمكن ان يجمع عليها مجلس الوزراء، ولذلك من المستبعد أن تعطى الهيئة تكليفاً، أو أن يتم القبول بمقايضة مفتوحة، خصوصاً أن أسماء ممن يتصدّرون لائحة مطالب الخاطفين يصعب الافراج عنهم، وأولهم من لهم علاقة بتفجيرات مثل عمر الأطرش ونعيم عباس”.
واوضحت مصادر وزارية ان “المشاورات التي أجراها سلام مع عدد من الوزراء أفضت الى اتجاه الى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء اليوم قبل سفره الى باريس للنظر في التطورات التي حصلت في ملف العسكريين المخطوفين”. لكن المصادر استبعدت “إعطاء “هيئة علماء المسلمين” تفويضا خطيا إذ لا وجود لموافقة شاملة في مجلس الوزراء على هذا الطلب لكون الهيئة، استنادا الى تجربة سابقة معها، وضعت الحكومة أمام وعود والتزامات لم تحصل على إذن مسبق بتعهدها”. واكدت ان “الحكومة حاليا هي في وضع العناية الفائقة ويحرص الرئيس سلام على عدم تعريض الوضع الحكومي لأي اهتزاز قد يكلف لبنان استقراره السياسي”.
وعلى صعيد متصل، قال عضو “هيئة علماء المسلمين” عدنان أمامة لصحيفة “النهار” ان “الهيئة لا تتكلم باسم الدار”، لكن في رأي امامة ان “اطلاق التصريح من دار الفتوى بعد ترحيب المفتي يعني اننا نتكامل مع الدار لانقاذ البلد، واتينا لنؤكد ان الهيئة ليست بديلة من الدار، ومن يرشقنا بالاتهامات لا يريدنا أن ننجح”.
ولفت الى ان “الحكومة لم ترس على برّ في شأن قرار المقايضة، فمنهم من يسرّب موافقتها على ذلك، وآخرون ينفون الأمر، وبعد الصدمة التي تلقاها الرأي العام جراء تنفيذ حكم القتل في حق البزال، اتت الضربة القاضية مع سحب الوساطة القطرية، وهذه الخطوة في رأي امامة تعني “أن الحكومة ما زالت متخبطة ومضطربة ولا جرأة لديها لتعطي الوسيط القطري ما طلبه منها، فالاخير لديه حدود للصبر أيضاً”.
“واشار الى ان “ليس الموفد القطري الذي فشل، بل الحكومة فشلت، بسبب عدم جرأتها في اتخاذ قرار قوي بالموافقة على مبدأ المقايضة”، مشدداً على أن “الوسيط القطري كان أكثر ضماناً واطمئناناً لحياة العسكريين، وعندما ينسحب فيعني انها الرسالة الأخطر التي يمكن أن تصل إلى الرأي العام وأهالي المخطوفين”.