هل نحن في سوق صاعدة، أم ما زلنا في سوق هابطة طويلة الأمد؟ سؤال عميق، ويبدو أيضا – على الأقل عندما يتم تطبيقه على الأسهم في الولايات المتحدة – كأنه سؤال غبي. لقد زادت الأسهم الأمريكية أكثر من ثلاثة أضعاف منذ آذار (مارس) 2009. ومؤشر ستاندارد آند بورز 500 في أعلى مستوياته على الإطلاق وظل يرتفع، مع فترة انقطاع واحدة فقط ذات أهمية، لمدة ستة أعوام تقريباً.
توسعت سوق العمل الأمريكية الآن على مدى 50 شهرا قياسيا على التوالي، كما تفوّقت أحدث الأرقام على التوقعات الأكثر تفاؤلا. إذا لم تكن هذه سوقا صاعدة، فما الذي يكون سوقا صاعدة إذن؟
في الأسبوع الماضي، أشار قارئ يقظ في تعليق له على موقع “فاينانشيال تايمز” الإلكتروني إلى أني اتخذ موقفا معينا عند القول إن هذا مجرد انتعاش دوري داخل سوق هابطة. بعد العامين الماضيين، هذا الحكم انتقل من كونه يبدو رصينا ومسؤولا، مرورا بفترة ظهر فيها حكما غريب الأطوار، ليبدو الآن أمرا خاطئا بصورة صريحة. لذلك لا بد لي من إعادة النظر في الأمر. ماذا يعني أن نقول إننا في سوق هابطة طويلة الأمد، وهل الولايات المتحدة فعلاً لا تزال في واحدة منها؟
أولاً، أداء السوق ليس رائعا جدا بالقدر الذي يبدو عليه. منذ أن بلغت ذروتها خلال فقاعة التكنولوجيا في عام 2000، تخلّف مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بشدة عن السندات طويلة الأجل والذهب. كما أنها لا تزال منخفضة من حيث القيمة الحقيقية (بعد التضخم) أكثر مما كانت عليه في عام 2000 – على الرغم من أنه مع أرباح الأسهم المُعاد استثمارها، كان المستثمرون سيتغلبون على التضخم بنسبة 31 في المائة.
تاليا، دعونا نقوم بما قد يعتبره كثير من الناس تمييزا حاسما. قد تكون هناك أسواق صاعدة دورية داخل سوق هابطة طويلة الأمد.
الأسواق طويلة الأمد تدفعها التغيرات طويلة الأمد في القيمة الموضوعة على الأسهم، كما أنها تدوم لعقود من الزمن. إيد إيسترلينج، من شركة كريستمونت للأبحاث، الذي قام بتعميم مفهوم دورات السوق طويلة الأمد، يُشير إلى أن حالات الانتعاش الدورية تختلف من حيث إنها لا يمكن الوثوق بها.
خلال الأسواق الهابطة يجب على المستثمرين التفكير في طريقة تكتيكية والانضمام إلى حالات الانتعاش عندما يقوم الاحتياطي الفيدرالي، مثلا، باستخدام السياسة النقدية التي تعمل على تعزيز الأسهم، وفي الوقت نفسه البقاء متيقّظين.
الأسواق الهابطة والصاعدة طويلة الأمد تميّزها الذروات والانخفاضات في نسبة السعر إلى الأرباح. ومن أجل تخفيف ضجيج التحوّلات في الدورة الاقتصادية، يتم تعديل نسبة السعر إلى الأرباح بشكل دوري، ومقارنة أسعار الأسهم بمتوسط الأرباح على مدى عشرة أعوام.
وفقاً لحسابات روبرت شيلر، من جامعة ييل، هذا القياس وصل إلى أدنى مستوياته التاريخية، بأرقام من خانة واحدة، في الأعوام 1921، 1932، و1981. وكل انخفاض أشار إلى وقت جيد للشراء. في أوائل عام 2000، وصل القياس إلى أعلى مستوى على الإطلاق، 26.5، مرتفعا بقدر ما كان عليه سابقاً خارج الفقاعات التاريخية لعامي 1929 و2000. بالتالي، الزيادة بمعدل ثلاثة أضعاف منذ عام 2009 لا تزال ليست أكثر من مجرد انتعاش في سوق هابطة.
إذا كان هذا يبدو سخيفا، تأمّل الانتعاش الذي بدأ مع غزو العراق في عام 2003 وانتهى بأزمة ائتمان في أواخر عام 2007. لقد تضاعفت الأسهم الأمريكية لتبلغ مستوى جديدا، لكن يُمكننا بوضوح أن نرى إن هذا كان مجرد انتعاش في سوق هابطة.
لكن الانتعاش الحالي دام فترة أطول، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مؤشر ستاندارد آند بورز أكثر من 100 نقطة مئوية. لقد بدأ هذا الانتعاش في خضم اليأس في أوائل عام 2009، عندما وصلت بعض قياسات تفاؤل المستثمرين إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.
وبحسب ليز آن سوندرز، كبيرة خبراء استراتيجية الأسهم الأمريكية في شركة تشارلز شواب، إذا كانت تبدو كبطة، وتُصدر صوتا كبطة، فعلى الأرجح أنها بطة – وهذه تبدو كأنها سوق صاعدة طويلة الأمد. كما تُشير إلى أننا على الأرجح في “أدوارها المتوسطة” فقط.
إذا كان هذا فعلا لا شيء أكثر من كونه سوقا صاعدة دورية، فإن نسبة السعر إلى الأرباح في السوق يجب أن تنخفض إلى أقل من عشرة قبل الوقت الذي من الممكن أن تبدأ فيه السوق الصاعدة طويلة الأمد المقبلة. وهذا يحدث إما من خلال زيادة في الأرباح (تبلغ 160 في المائة أو أكثر) أو انخفاض في السعر (يبلغ أكثر من 60 في المائة)، أو على الأرجح مزيجا طويل الأمد من الإثنين.
وأنا أعترف أن هذا يعد بعيد الاحتمال إلى حد كبير.
لكن مع ذلك، لا ندري ماذا سيحدث. أسعار الأسهم مبالغ فيها. وهوامش الأرباح عند مستويات تاريخية عالية. والأرباح تعود تماما إلى أسعار الفائدة المنخفضة التي ضخت الطاقة في هذا الاندفاع من البداية. الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء تظل دون مستوى ذروتها في 2007. ومنذ 2009 السياسة النقدية التي لم يسبق لها مثيل لم تعطِ المستثمرين الأمريكيين خيارا يذكر سوى شراء الأسهم.
بالتالي، نعم، أستطيع أن أعتقد أننا نواجه سنوات قليلة يمكن أن تهبط فيها سوق الأسهم إلى أن تصبح رخيصة بالمستويات التاريخية.
ما الذي سيجعلني أتخلى عن هذه الفكرة؟ نوعية الأرباح انتعشت في الفترة الأخيرة، إذ سجلت إيرادات الشركات خارج قطاع الطاقة نموا بنسبة 5 في المائة. وإذا تسارع هذا المعدل، في حين أن سوق الأسهم تبتلع أسعار الفائدة المرتفعة دون تراجعات قوية، سيكون الوقت مناسبا للاعتراف بأني كنتُ مخطئا، وأن آذار (مارس) 2009 كان نقطة تحول طويلة الأمد. الاختبار وشيك. في هذه الأثناء يظل من المنطقي أن نعامل هذا الاندفاع بحذر شديد.