IMLebanon

سياسة الين الرخيص تتنكر في ثوب التسهيل الكمي

JapanCurrency1
هيني سيندر
خسر الين قيمته بوتيرة أسرع مقابل الدولار منذ أن أطلق بنك اليابان جولته الأخيرة من برنامج التسهيل الكمي قبل شهر، وكان يتم تداوله بأكثر من 118 ينا مقابل الدولار في اللحظة الأخيرة.

لطالما كان التسهيل النقدي، السهم الأول لبرنامج “آبي” الاقتصادي، الأكثر فاعلية في جعبة طوكيو. لكن الهدف منه جزئيا هو فقط التزام البنك المركزي المُعلن برفع التضخم وإنهاء العقلية الانكماشية، وهي عقلية يُصرّ السياسيون على أنها مسؤولة عن ضعف الاستهلاك وضعف الإنفاق الرأسمالي. هذا السهم الأول يتعلق بتخفيض قيمة الين وتحفيز الصادرات. وكل شيء آخر هو عبارة عن إبر أكثر من كونه سهاما.

سياسة الين الرخيص المُتنكرة هذه تعني أنه في الربع الثالث، ارتفعت الصادرات بنسبة 5.3 في المائة في عالم حيث التجارة راكدة وظلت كذلك لعام أو عامين. نقطة البيانات هذه كانت النقطة السليمة الوحيدة في فترة كئيبة – حتى حسب المعايير اليابانية. ارتفع الاستهلاك الخاص بنسبة هزيلة تبلغ 1.5 في المائة بعد انخفاض بنسبة 18.6 في المائة في الربع السابق والإنفاق الرأسمالي كان بنسبة سالب 0.9 في المائة بعد انخفاض بنسبة 17.9 في المائة في الربع الثاني. بعبارة أخرى، في الفترة التي كان فيها الناتج المحلي الإجمالي سلبيا أيضا، كانت التجارة تُشكّل مساهمة إيجابية للنمو بنسبة 0.4 في المائة.

السهم الياباني لم يغفل عن المنافسين. في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، خفض بنك الشعب الصيني أسعار الفائدة. جزئيا، هذا لأن تكلفة رأس المال في الصين كانت مرتفعة جدا بالنسبة لكثير من المقترضين. لكن أيضا لأن العملة الصينية ارتفعت بنسبة 10 في المائة من أدنى مستوياتها في وقت سابق من هذا العام. وبحسب كريس وود، من وحدة سي إل إس أيه في شركة سيتيك للأوراق المالية: “لم يكُن بنك الشعب الصيني ليتحرك بالسرعة التي تحرك بها لولا العملية الجريئة التي أطلقها كورودا”. ومن جانبه، خفض بنك كوريا المركزي بالفعل أسعار الفائدة مرتين، كان آخرها في تشرين الأول (أكتوبر).

هذا يُشير إلى أن العالم يدخل مرحلة جديدة يتم فيها نشر برامج التسهيل الكمي، الذي كان فيما مضى الأداة المختارة لتحفيز الاقتصادات المتعثرة في العالم المتقدّم، بشكل متزايد في العالم الناشئ. لقد أصبح برنامج التسهيل الكمي – وإن كان كما يبدو بشكل غير مباشر – بمثابة سلاح في تخفيض قيمة العملات. وحروب العملات تتكثّف بشكل خاص عندما تكون التجارة العالمية راكدة ومكاسب أحد البلدان تتم على حساب المنافسين.

ويحذّر ستفين جين، من شركة الأبحاث إس إل جيه ماكرو في لندن، قائلا: “إن الضعف المتواصل في سعر صرف الين ستكون له عواقب إقليمية. من المرجح أن يتسارع تخفيض قيمة الوون الكوري والدولار التايواني، ما يجعل الخلفية الإقليمية تشبه تلك التي كانت في الأرباع التي سبقت الأزمة الآسيوية عام 1997”.

بشكل خاص، قرار الصين بتخفيض سعر الفائدة فاجأ المختصين في عالم الاقتصاد. ويحذّر استراتيجيون في مورجان ستانلي من أن “الفروقات في أسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية واستمرار فائض الحساب الجاري في الصين لا يؤديان إلا لجعل تصميم اتجاه مستدام لخفض قيمة الرينمينبي أصعب. في السيناريو حيث يقوم بنك الشعب الصيني بإضعاف العملات الأجنبية كأداة سياسة، قد نتوقع ظهور تيارات التضخم العالمية أكثر على السطح”. ويُضيف هؤلاء المحللون أن العملات الأكثر ضعفا بموجب هذا السيناريو تشمل اليورو، والفرنك السويسري، والين، والدولار السنغافوري، والبات التايلندي. في الوقت نفسه، من المتوقع أن يلتزم البنك المركزي الأوروبي بسياسة نقدية غير تقليدية، ربما تتسبب في تخفيض قيمة اليورو. وينبغي أن نتذكر هنا أن ألمانيا تتنافس مباشرة مع اليابان في الأسواق الثالثة، سواء كان على المعدات الرأسمالية التي تحتاج إليها معظم شركات التصنيع من أجل إنتاجها، أو على السيارات الفاخرة. في الوقت نفسه، الدولار الأمريكي الآن في أعلى مستوى له منذ خمسة أعوام، ومرة أخرى يقوم خبراء الاقتصاد بتخفيض توقعات النمو في الولايات المتحدة للربع الأخير من هذا العام (من 3 في المائة إلى 2.3 في المائة، في حالة باركليز). وهذا يؤكد حقيقة أن برنامج التسهيل الكمي لا يفعل فيما يبدو الكثير لتحويل وتيرة النمو الاقتصادي على أيّ من جانبي المحيط الهادئ.

اللجوء إلى برنامج التسهيل الكمي باعتباره التكتيك المختار لتخفيض قيمة عملة معينة يعد أمرا محزنا بشكل مضاعف، لأن المزيج من برنامج التسهيل الكمي وأسعار الفائدة المنخفضة يعمل على تحفيز أسعار الأصول والهندسة المالية أكثر بكثير من الإنفاق الرأسمالي والتحسينات في الاقتصاد الحقيقي. التحفيز من المالية العامة هو الذي يمكن أن يُساهم في النمو في الاقتصاد الحقيقي.

أي مكاسب من تخفيضات قيمة العملة التنافسية، مهما كانت مُتنكرة على شكل سياسة نقدية، من المرجح أن يتبيّن أنها عابرة. مع الأسف، مكاسب اليوم، التي تجلب معها شعورا زائفا من الميزة النسبية الدائمة، تأتي على حساب النمو المحتمل غدا.