Site icon IMLebanon

الصناديق السيادية تمهد الطريق لتوظيف الأموال في البنى التحتية

money

جيليان تيت
قبل عقد من الزمن، عبارة “صندوق الثروة السيادية” كانت تجعل بعض السياسيين الأوروبيين والأمريكيين يرتعشون. لم يكن ذلك بالأمر المستغرب. في ذلك الحين – قبل الأزمة المالية عام 2008 – كانت هذه الكيانات تأتي في الغالب من آسيا والشرق الأوسط وكانت مبهمة بشكل مؤسف، حتى أنها كان يُنظر إليها بشكل شائع في الغرب باعتبارها المُعادل المالي للشخصية الشريرة في أفلام جيمس بوند: غامضة وقوية ويُحتمل أن تكون شريرة.

الآن، انظر كيف يتغير الزمن. عندما كشف جورج أوزبورن، وزير المالية البريطاني، عن بيانه الخريفي يوم الأربعاء الماضي، أورد عبارة “صندوق الثروة السيادية” في خطابه، ليس من باب الانتقاد، ولكن للنقل والاستنساخ. فهو يخطط لإنشاء صندوق الثروة السيادية الأول في بريطانيا، لتوجيه الأموال الناتجة عن عمليات تطوير مستقبلي للنفط الصخري في شمال إنجلترا إلى البنية التحتية.
في الوقت الحالي، هذا يبدو كأنه احتيال للاستيلاء على الأصوات أكثر من كونه خطة صلبة. ذلك أن تطوير النفط الصخري لم يكد يبدأ في المملكة المتحدة. لكن هذه الخطوة تعتبر رمزية لثلاثة أسباب.

أولا، إنها تدل على الدرجة التي تم فيها تغيير العلامة التجارية للقطاع منذ الأزمة المالية. إذ لم يعُد السياسيون الغربيون يشعرون بالقلق فقط بشأن دوافع هذه الصناديق، ولكنهم يقلّدونها، أو يقومون بتمرير طبق التسول الذي يوضع فيه المال.

جزئيا، هذا يعد علامة على النفعية (الاقتصادات الغربية تحتاج إلى رأس المال) وعلى حقيقة أن الصناديق الصينية والشرق أوسطية تجنّبت نسبيا لفت الأنظار، لكن قطاع صناديق الثروة السيادية يتغير أيضا.

لنأخذ في الحسبان أن أكبر صندوق في العالم اليوم موجود في النرويج – ليس الصين أو الشرق الأوسط – ويملك سجلا مثاليا من الشفافية. كذلك هي الصناديق الأخرى في أماكن مثل أستراليا وإيرلندا ونيوزيلندا. وفي حين أن بعض الصناديق تبقى مُبهمة (في الجزائر أو قطر، مثلا) إلا أن غيرها في الشرق الأوسط (مثل صندوق أبو ظبي) شفافة للغاية. والصناديق في الصين وروسيا تقع في مكان ما في الوسط.

مع ذلك، تغيير العلامة التجارية المذكور حدث جنبا إلى جنب مع موضوع ثان: بعيدا عن الأضواء توسّع القطاع بسرعة. إذا استخدمت التعريف الأضيق لصندوق الثروة السيادية – كيان تُسيطر عليه الدولة يقوم باستثمار الثروة الوطنية لمنفعة الأجيال المقبلة – فإن القطاع العالمي كان يملك أصولا بقيمة ثلاثة تريليونات دولار “فقط” في عام 2007. لكن هذا الأسبوع، قالت مجموعة الأبحاث المعروفة باسم “مؤشر صناديق الثروات السيادية”، إن هذه الأصول ارتفعت إلى سبعة تريليونات دولار، أي مرتين ونصف حجم عالم صناديق التحوّط.

ونحو ثلثي أموال صناديق الثروة السيادية هذه على شكل “صناديق سلع” تم إنشاؤها لإدارة المكاسب غير المتوقعة الناتجة عن النفط والغاز. لكن هناك الآن 78 صندوقا في المجموع، مقارنة بأقل من 12 صندوقا قبل عقد من الزمن، في أماكن تراوح من فرنسا إلى أذربيجان، ومن نيوزيلاند إلى تكساس.

هذا، بدوره يكشف النقطة الثالثة: الجدل المتنامي حول البنية التحتية.

في هذه الأيام، كما بين الاجتماع الأخير لصندوق النقد الدولي بشكل واضح، هناك حاجة مُلحّة لمزيد من الاستثمارات في البنية التحتية العالمية. وتعتقد شركة ماكينزي أن هناك (بشكل مثالي) حاجة لنحو 57 تريليون دولار قبل عام 2030 لتمويل مشاريع الطاقة، والمياه، والنقل، والمشاريع الاجتماعية في أنحاء العالم كافة.

لكن حتى الآن، ظل من الصعب بشكل مؤسف جعل مستثمري القطاع الخاص يملأون هذا الفراغ. والمجموعات مثل صندوق النقد الدولي تأمل على نحو متزايد أن تتولى صناديق الثروة السيادية ملء هذه الفجوة.

السبب في ذلك هو أن هذه الصناديق تملك آفاقا زمنية طويلة بشكل رائع (مثلا، صندوق النرويج يقول إنه يعمل من خلال منظور يمتد إلى مائة عام). كما أن أهداف العائدات لديها يغلب أن تكون أقل – وبالتالي أكثر واقعية – من كثير من صناديق التقاعد.

وبعض الصناديق أيضا تصبح مبتكرة. مثلا، صندوق النرويج العملاق يقع في طليعة الاستثمار البيئي والاجتماعي. كذلك صندوق نيوزيلندا يجري اختبارات جريئة لكسر الحواجز بين فئات الأصول مثل الأسهم والسندات.

حتى في سنغافورة المحافظة، يعمل صندوق GIC على استكشاف طرق جديدة لإدارة مخاطر السيولة. وتبدو التجارب لتمويل البنية التحتية وكأنها خطوة منطقية تالية. مع الأسف، بالنسبة للوقت الحاضر هذا لا يزال أضغاث أحلام (أو ربما وهما حول جسر أو طريق أو مطار). رغم نداءات صندوق النقد الدولي – أو تعهد أوزبورن الغامض هذا الأسبوع – التغير الحقيقي بطيء. لكن سيكون من اللطيف أن نرجو أنه بحلول الوقت الذي يتم فيه فعلا تطوير النفط الصخري في إنجلترا – هذا إن حلت هذه اللحظة أصلا – ستكون هناك تجارب قابلة للتطبيق في البنية التحتية ويمكن نسخها. إن وضع المزيد من الكومة البالغة سبعة تريليونات دولار في البنية التحتية سيكون أفضل بكثير للنمو العالمي من صب المال في سندات الخزانة الأمريكية والمباني التذكارية – أو فرق كرة القدم.