IMLebanon

كواليس “الحل السوري” في ضوء المبادرتين الأممية والروسية

syria-war-1

 

تحدّث مصدر دبلوماسي فرنسي عن تطور في الموقف الإيراني من بشار الأسد، إذ أبلغت طهران دولاً من بينها فرنسا أنّها مستعدة لمناقشة صيغة حلّ في سوريا “تضع جانباً” النقطة التي شكلت عقبة أمام مشاريع حلول سابقة، وهي بقاء الأسد في السلطة أو رحيله عنها، ووصف المصدر هذا الموقف الإيراني المستجد بـ”المثير للاهتمام”، لأنّ طهران كانت تشترط على الدوام أن يكون بقاء الأسد في السلطة في صلب أي حل للأزمة السورية، وها هي اليوم تقبل مناقشة صيغة تؤجل الخوض في هذه النقطة الخلافية الرئيسية.

إلى ذلك، تحدث الدبلوماسي الفرنسي عن مضمون الاجتماعات التي عقدها كل من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ونائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف في اسطنبول الأحد الماضي مع المعارضة المنضوية ضمن الائتلاف الوطني السوري، في ضوء المبادرتين الأممية والروسية.

مبادرة دي ميستورا بشأن حلب

وكشف المصدر أن الائتلاف توقف خلال الاجتماع مع دي ميستورا بشأن الضمانات التي يطلبها للسير في المبادرة الأممية حيال تجميد النزاع في حلب، والتي “يجب أن تكون مكتوبة”، وأبرز هذه الضمانات يتعلق بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، ووضع آلية تلزم النظام باحترام ما اتُفق عليه كي لا يتكرر ما حصل في حمص. في المقابل يريد النظام ضمانات من بينها تسليم مقاتلي المعارضة أسلحتهم الثقيلة للجيش السوري وإعادة موظفي الدولة إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشطر الشرقي من حلب.

وأوضح المصدر الفرنسي أن الائتلاف السوري طلب من المبعوث الأممي تطوير بعض أفكاره بشأن تجميد القتال في حلب، وأعرب عن تحفظه إزاء ما يطرحه دي ميستورا من خطة تقضي بإدارة مشتركة للمدينة بين النظام والمعارضة، فالائتلاف “يخشى أن تكون هذه الخطة مقدمة لإعادة إمساك النظام بكامل المدينة”.

هذا من الناحية الإدارية، أما ميدانياً فهناك خشية من أن يقوم النظام باستغلال تجميد القتال في حلب لينقل قوات كبيرة منها إلى الغوطة الشرقية للسيطرة على معاقل المعارضة هناك فيما قد يفتح “داعش” في الوقت نفسه جبهة ضدّ مقاتلي المعارضة في حلب عبر التقدم من جهة الشرق، مستغلاً الاسترخاء الناجم عن تجميد القتال في المدينة.

المبادرة الروسية

أما المبادرة الروسية التي حملها بوغدانوف إلى المعارضة في اسطنبول فتُركِز على جمع كل المعارضين في إطار أوسع من الذي يضمه الائتلاف. في حين يطالب هذا الأخير بتعديل هذه النقطة من المبادرة، كما يطالب بضمانات بأن يضغط الروس على النظام كي يلتزم بما يُتفق عليه ولا يتكرر ما جرى عند البدء بتنفيذ اتفاق جنيف-1 حيث أدى سوء التفسير إلى إفراغ الاتفاق من مضمونه وفشله لاحقاً.

وتابع الدبلوماسي الفرنسي في السياق نفسه قائلاً إن الروس يفضلون صيغة موسكو-1 على صيغة جنيف -3، لأنّ ذلك سيعيدهم إلى قلب اللعبة.

أميركا لا تود التصعيد ضد الأسد

أما عن موقف الولايات المتحدة فقال المصدر نفسه إن الرئيس أوباما “لا يريد التصعيد مع النظام السوري المدعوم إيرانياً، لأن واشنطن لا تريد تصعيداً مع إيران في الوقت الذي لا تزال هناك قوات أميركية في العراق”، حيث النفوذ الإيراني كبير، والتردد الأميركي في هذا المجال ينسحب على موضوع إنشاء منطقة حظر جوي فوق سوريا.

ويضيف الدبلوماسي الفرنسي أنه “في العقيدة القتالية الأميركية فإنّ إنشاء منطقة حظر جوي يعني تدمير كل قدرات العدو، ما يعني في الحالة السورية تدمير كل طائرات النظام ودفاعاته”، وهذا يعني حرباً لن يقدم عليها الأميركيون حالياً، ومع ذلك “فقد حصل تقدم طفيف في موقفهم من خلال الاتصالات المستمرة بهم والتي قمنا بها نحن وشركاؤنا ودول خليجية”.

في السياق نفسه كشف المصدر الفرنسي أن الولايات المتحدة أبلغت سوريا شفهياً في منتصف شهر أيلول أن ذلك سيكون انتهاكاً للسيادة لكن موقف النظام نفسه في دمشق جاء لاحقاً أقل حدة”.

وأوضح أن أطرافاً في المعارضة السورية باتت تسأل: “لماذا لا تستهدف طائرات التحالف سوى مجموعات سنية “داعش” و”النصرة”، بينما لا تُستهدف مجموعات شيعية استقدمها النظام الظالم من باكستان والعراق ولبنان ودول أخرى”؟ كما أن سؤالاً يطرحه بعض السوريين، وهو: “لماذا ينتفض الغربيون على عمليات القتل التي ينفذها “داعش” ولا يحرك ساكناً عندما يستخدم النظام الأسلحة الكيمياوية”، ويشدد هؤلاء على أن “داعش” قتل من السوريين أقل مما قتل النظام.

المعارضة المعتدلة أقل “إثارة

من جهة أخرى، أقر المصدر الفرنسي بأن المعارضة السورية المعتدلة التي تدعمها باريس “أقل جذباً للشبان في سوريا من داعش” ، لأن هؤلاء يرون في التنظيم المتطرف ردة فعل على جرائم النظام”، ولم ينفِ العامل المادي في دفع الناس نحو داعش والنصرة، “لأن الناس تريد أن تعيش في النهاية”.

وأخيراً أكد الدبلوماسي الفرنسي أن “النظام ليس بالقوة التي يتصورها البعض، فهو يفتقر أحياناً إلى الوقود الكافي لطلعات قواته الجوية وهو يواجه على جبهتين: المعارضة المعتدلة و”داعش”، وهذا الأخير لا يقاتله النظام بل هو يقاتل النظام”. كل ذلك أدى إلى ارتفاع أصوات معترضة على سياسة الأسد حتى من داخل الطائفة العلوية، وأدى أيضاً إلى وضع إيران وحزب الله كل ثقلهما في المعركة.

وختم المصدر نفسه ملاحظاً أن الائتلاف، الذي يضم كوادر وأشخاصاً موهوبين، يعاني من مشكلة أنه أوجد ضمن إطاره التنظيمي مؤسسات تعيق عمله، واصفاً بـ”الكارثة” اضطراره إلى تغيير رئيسه مرة كل أربعة أشهر ما يؤدي إلى عدم استقرار ويخلق مواجهات داخلية بين أعضائه.