IMLebanon

ملخص التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان في لبنان سنة 2014

 

human-rights-lebanon-logo

 

ملخص التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان في لبنان سنة 2014..التمييز ضدّ المرأة وامتيازات للمساجين.. قلق متزايد بشأن ازدياد اللاجئين السوريين.. تنويه بتصريح ريفيّ بشأن إصلاح القضاء وإلغاء المحاكم الخاصة

أصدرت مؤسسة حقوق الإنسان والحق الإنساني، ملخصاً عن التقرير السنوي عن حالة حقوق الانسان في لبنان للعام 2014، تناول مسألة حرية التعبير، والظلم اللاحق بحقوق المرأة، وتحسين أوضاع السجون التي تسير بشكل بطيء، والامتيازات التي تعطى لبعض المساجين من دون غيرهم. كما تطرق غلى مسألة الأمن الغذائي، وحقوق عاملات المنازل، المحاكم الخاصة والعسكرية وعقوبة الاعدام، والخطاء الطبية، إضافة إلى تدفق الاجئين السوريين إلى لبنان وعدم وجود خطة واضحة من قبل الدولة اللبنانية لمعالجة هذا الملف الذي يؤثر أمنيا واقتصاديا على اللبنانيين.

 

حرية التعبير

تصاعدت وتيرة الإنتهاكات بحق الحريات الإعلامية والثقافية في العام 2014. حيث يعطي مؤشّر حرية الصحافة العالمي صورة قاتمة عن سلطات الرقابة في لبنان. هناك الكثير مما يمكن قوله، غير أنّ الأحداث التي شهدها لبنان، ستكون جدّ كافية في التعبير عن المستوى المتدني لاحترام حرية الرأي والتعبير.

في العام 2014، برزت حالتان لإساءة حرية التعبير على حقوق الآخرين أولها، نشر صحيفة “الأخبار” معلومات وضعتها المحكمة الخاصة بلبنان في إطار السرية حفاظًا على حقوق المتقاضين. والحالة الثانية في الشهر الحالي بشأن احتجاز زوجتي قياديّين في “النصرة” و”داعش” والتي ربّما كانت سببًا في الاقتصاص من العساكر الرهائن اللبنانيين.

 

الصحة والسلامة الغذائية:

الصحة والسلامة الشخصية هي من صلب حقوق الإنسان كما يظهر في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهي بالتالي من صلب اهتمامات مؤسسة حقوق الإنسان والحقّ الإنساني. وقد سجّل مرصد مؤسسة حقوق الانسان إنجازات فريدة لوزارة الصحة أثبتت من دون أدنى شكّ حرصها على صحة وسلامة المواطن. أبرز تلك الإنجازات، الحملة الغذائية التي يديرها وزير الصحة أبو فاعور، والرقابة التي فرضت على الأدوية المزورة والمهربة، ومن ثمّ الإجراءات الإحترازية الفعّالة للوقاية من فيروس “كورونا”.

إنّ الحملة التي يقوم بها وزير الصحة بالكشف على المواد الغذائية تكاد تكون غير مسبوقة وهي محلّ تقدير مؤسسة حقوق الانسان. إنّ الردود عليها كانت في معظمها جائرة لكن البعض منها كان مبررًا. ترحب المؤسسة بهذه الإجراءات التي هي في صلب حقوق الإنسان في صحته ومستوى معيشته، وفي الوقت نفسه، تتمنّى أن تستمر ولا تكون موسمية ظرفية ومؤقتة كما تتمنى أن تُسدّ بعض الثغرات المحقّة التي أثيرت حولها.

أمّا عن حال حقوق المرأة، فما زالت حالات التمييز ضدّ المرأة لمصلحة الرجل في الكمّ الكبير من القوانين اللبنانية ونذكر منها:

قوانين الأحول الشخصية وأبرزها عدم المساواة في الحصص الإرثية، ومن ثمّ عدم مساواة المرأة بالرجل كزوجة ومطلقة وحاضنة.

التمييز في بعض أحكام القانون الجزائي، على سبيل المثال لا الحصر المواد التي تميّز بين الرجل والمرأة في جرائم الشرف وأحكام الزنى.

التمييز في بعض أحكام قوانين العمل المتعلقة بالأجر وتعويضات نهاية الخدمة والتعويضات العائلية.

أمّا عن قانون الجنسية فما زال يعتمد رابطة الدم لمنح الجنسية عبر الأب حصرًا، ممّا يحول دون حقّ المرأة الطبيعي في إعطاء جنسيتها لزوجها وأطفالها، الأمر الذي ينعكس سلبًا على وضع العائلة القانوني فيما يتعلق بالإرث والتملك والعمل.

تحضّ مؤسسة حقوق الانسان والحق الانساني الدولةَ اللبنانية على الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاقيات الدولية وخصوصًا إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة (سيداو) التي وقع عليها لبنان، وإلغاء التحفظ على المادة 9 المتعلقة بالزواج والأسرة وبالتساوي في الحقوق والمسؤوليات في الزواج والمادة 16 المتعلقة بالأحوال الشخصية.

 

وأشارت المؤسسة إلى إنجاز مهم هو إنصاف المجلس النيابي جزئيًّا للمرأة وخصوصًا للأمهات العاملات في القطاع الخاص اللواتي يخضعن لأحكام قانون العمل لناحية زيادة مدة إجازة الأمومة من 49 يومًا إلى سبعين يوم.

 

عاملات المنازل

تعيش عاملات المنازل في لبنان ضمن أوضاعٍ أقل ما يُقال فيها أنّها مأساويّة ومُخزية، تتمثّل إجمالاً بحالات الانتحار التي لم تشهد تراجعًا البتّة في سنة الــــ 2014 والسبب باختصار؛ عدم معالجة الأسباب المباشرة التي تدفع عاملات المنازل لاتخاذ هكذا قرار. وهنا تأسف مؤسسة حقوق الإنسان والحق الإنساني/ لبنان لهذا التخاذل تجاه العاملات وحرمانهم من أبسط القواعد الإنسانية والحقوق الاجتماعية في ظل غياب قانون عملٍ يضمن لهم الدعم والحماية. حيث تتعرض عاملات المنازل الوافدات لأوضاع عمل استغلالية، تشمل العمل لساعات طويلة يوميًا، وعدم الحصول على أوقات راحة أو أيام راحة، وأوضاع السكن السيئة، والقيود على حرية التنقل وتكوين الجمعيات.

ينصّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة”. كما وأن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يقرّ بالحق في “التمتّع بشروط عادلة ومُرضية في العمل” بما في ذلك الحق في “ظروف عمل آمنة وصحية”. يخالف لبنان التزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان في ظل العهدين المذكورين لجهة الفشل في ضمان ظروف عمل لائقة، وفي إجراء التحقيقات المناسبة في حالات وفيات أو إصابة عاملات المنازل المهاجرات.

 

حال السجون:

يرتبط مفهوم السجون في العرف الدولي بمفهوم نشر العدالة وتحقيق الأمن، أمّا في لبنان فلا عدالة لمن يدخل السجن ولا أمان له على الإطلاق. كثيرة هي النواقص، ورغم العمل الدؤوب لنشطاء حقوق الإنسان من أجل تحسين حالة السجون إلا أن عجلة التغيير والتطوير تلك تسير ببطء شديد.

 

ما زالت السجونِ اللبنانية على حالِها من جهةِ الاكتظاظِ (ما يزيد على الستة آلاف)، ومن جهة واقع الأجانب المحتجزين بصورة غير قانونية. ناهيك عمّا ورد مؤسستَنا من بعض حالاتِ التمييز داخل السجون، حيث يَنعم بعضُ المساجين بعددٍ من الامتيازات التي يفتقدها البعض الآخر.

 

لا تتناسب أوضاع السجون في لبنان مع المعايير الدولية، لا من النواحي العدلية والحقوقية والعقابية ولا من النواحي الاجتماعية والإصلاحية. ولا تتناسب خصوصيات مباني السجون مع المتطلبات الأمنية.

 

إن الاهتمام بالسجون باعتبارها المرافق العقابية الأساسية في لبنان هو اهتمام بنظام العدالة الشامل، إذ ان مرحلة تنفيذ العقوبة هي المرحلة الثالثة من نظام العدالة بعد مرحلتي الضبط والمحاكمة، وهي المرحلة التي تحدّد الفشل عبر عودة المحكوم إلى الجريمة أو النجاح عبر إصلاحه. وبينما لا توجد في لبنان حالياً بدائل لعقوبة الحرمان من الحرية، وبما أن أكثر من ستة آلاف إنسان هم محتجزون خلف القضبان في عهدة الدولة، يفترض وضع إصلاح السجون في أعلى سلم أولويات الإصلاح.

 

 

في المحاكم الخاصة والعسكرية

من أجرأ المواقف الصادرة عن السياسيين التي لها أثر على حقوق الإنسان هو تصريح وزير العدل اللواء أشرف ريفيّ في تشرين الأول من العام 2014 حول إصلاح القضاء وإلغاء المحاكم الخاصة بما فيها المحكمة العسكرية والمجلس العدلي. إنّ موقف الوزير ريفي يلقى ترحيب مؤسسة حقوق الانسان التي لطالما طالبت بإلغاء المحاكم الخاصة، وممّا نأخذ على المحكمة العسكرية:

 

1- إنّها لم تكن أصلاً في صلب التنظيم القضائي في لبنان بل ألحقت به بقانون 24/68. فلو كان للمحكمة ما يبررها ما انتظر المشرّع حوالي نصف قرن ليبتدعها.

 

2- تاريخ إنشاء المحكمة العسكرية لا يخلو من دلالة. أُنشات المحكمة العسكرية مع بداية توتر الأجواء في لبنان إثر قيام منظمة التحرير الفلسطينية بأولى عملياتها عام 1965. وبداية إنتشار قواعد المنظمة في لبنان. من الممكن جدًا أن تكون الحاجة إلى جهازٍ قضائيٍّ زجريٍّ إلى جانب الأجهزة الأخرى، وراء إصدار قانون 24/68.

 

3- صلاحيات المحكمة العسكرية كثيرة الإتساع تكاد لا تُحدّ. مثالٌ عليها تهديد أمن الدولة، الذي في غياب معايير واضحة من الممكن أن يؤدّي إلى تعسّفٍ كبير.

 

4- المحاكمات أمام المحكمة العسكرية تتبع أصول موجزة وأحكامها غير مُعلَّلة.

 

5- عدم شرعية المحكمة تؤكدها القوانين والمعاهدات الدولية وأيضاً توصيات لجان وجمعيات حقوق الإنسان العالمية كتوصيات لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم لمتحدة، نيسان ١٩٩٧.

 

عقوبة الإعدام

ما زال لبنان ينتمي إلى مجموعة الثمان وخمسين دولة في العالم والتي تستمر في إصدار أحكام الإعدام، رغم عدم تنفيذ أيٍّ منها منذ العام 2004، أما عن سنة الـــ2014 فهي حافلة بأحكام الإعدام.

مؤسسة حقوق الانسان والحقّ الإنسانيّ، عارضت منذ نشأتها واستهجنت عقوبة الإعدام إيمانًا منها بقدسية الحق بالحياة وبعدم جواز هدره من أي جهة ولأيّ سبب. إن الحقّ في الحياة هو حقٌ أصيلٌ لكل إنسان بحيث لا يحقّ لأيّ مرجع إهداره. وهو حقٌ ثابتٌ في كلّ شخص فلا يحق حتى لصاحب الحق أن يتنازل عنه ويسقطه. وقد ثبُتَ إحصائيًا أن الإعدام لا يُقّلص عدد الجرائم. إضافةً إلى أنّه يتنافى مع فلسفة العقوبة الحديثة التي تَعتبر المجرم إنسانًا شذّ وتقع على الحكومة مسؤولية تقويمه.

 

في موضوع الأخطاء الطبية

فاقت الوفيات الغامضة في المستشفيات في العام 2014 أعداد مثيلاتها في الأعوام السابقة. في غياب تحقيقاتٍ جدية، لا يمكن القطع بأنّ هذه الوفيات كانت نتيجة أخطاء طبية أو تقصير من المستشفيات أو، كما أشيع، جرائم غامضة، أو أن تكون هذه الوفيات طبيعية.

 

ما تصبوا إليه مؤسسة حقوق الانسان وتطالب به بإلحاح أن تخرج الممارسات الطبية في لبنان عمّا هو شائع في دول العالم الثالث وأن تلتحق بركب الدول المتقدمة. فالدول المتقدمة لا تدّعي للأطباء عصمة بل هم شأن كلّ إنسانٍ عُرضة للأخطاء أو للتقصير. فبدلاً من الصمت والتستّر تتمّ معالجة الأخطاء الطبية عن طريق تعويض المتضرر أو ورثته من قبل شركات التأمين. أمّا في لبنان فلسبب لا ندرك حكمته ثمّة تضامن بين الأطباء بحيث يكاد يستحيل أن تجد طبيبًا ينظّم شهادة طبية في حق طبيب آخر. نجد في هذا الصمت إنتهاكًا لحقوق الإنسان فالأخطاء الطبية تتمّ في مختلف بلدان العالم وفي أرقى المستشفيات وهي لا تنتقص من مستواها الطبيّ أو تضيرها. نرى أن يخرج الأطباء عن هذا التضامن المجحف في حقّ المرضى والمنتهك مباشرةً لحقوق الإنسان.

 

أخيرًا عن أحوال اللاجئين السوريين

منذ انفجار الوضع في سوريا وقلق مؤسستنا يتزايد بشأن الموجات التي على ازدياد من اللاجئين السوريين الذين يدخلون الأراضي اللبنانية. تعددت المواقف بشأنهم لكنّ مؤسسة حقوق الانسان تعود إلى القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية لتقييم أوضاعهم وإبداء الرأي بشأن حقوقهم وواجباتهم. من مظاهر العقود الأخيرة هو الازدياد الكبير في الحروب الداخلية في عددٍ كبير من الدول الذي لا بدّ وأن يدفع بأعدادٍ هائلة من المدنيين لطلب السلامة بعبور الحدود إلى أقرب بلدٍ آمن. إندلاع النزاع الدموي في سوريا كان من المنتظر أن يُثقل على عاتق لبنان أكثر من أيّ دولة مجاورة أخرى.

 

كان يجدر بالسلطات اللبنانية أن تلحظ هذه المعطيات البديهيّة وتهيّء ما يلزم لضبطها خاصةً عن طريق الإشراف الجديّ في نقط الحدود على من هو لاجئ ومن يدّعي اللجوء حتّى إذا ثبتت صفة اللاجئ وُضع هؤلاء مخيمات تؤمن الحاجات الإنسانية الأساسية وتُسهّل عملية الإشراف الأمني عليهم وتقديم المساعدات التي تفي بحاجاتهم من تعليم وعناية طبية ومساعدات غذائية.

 

ما حدث هو إهمال السلطات اللبنانية لهذا الإجراء البديهي فكان أن انفلشت الأعداد الهائلة للاجئين أو مدّعي اللجوء السوريين على كافة الأراضي اللبنانية وبات من الجليّ للكثير وفي عدادهم مؤسستنا أنّ هذا الوضع يخلق موجة عنصرية ضدّ السوريين على مستوى شرائح واسعة من الشعب اللبناني خاصةً وأن الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الجميع في لبنان تحمل الكثير إلى إتّهام السوريين بتفاقم الأزمة.

 

في الشهر الأخير من العام 2014 يبدو أنّ فصلاً جديدًا قد بدأ. إنّ توتر الأوضاع في البقاع وإعدام العسكريين اللبنانيين الرهائن فجّر عمليات ثأر واقتصاص من المدنيين السوريين من سكان المخيمات وما تخشاه مؤسستنا أن تتسع هذه الأعمال العرقية المشينة ولا تقف عند حدود منطقةٍ معيّنة أو مكوّن من مكونات لبنان.

December 11, 2014 02:00 PM