تشير معظم مؤشرات القطاع الحقيقي الى أن الأداء الاقتصادي في لبنان كان متواضعاً نسبياً خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2014، بحيث جاء النشاط الاقتصادي العام في البلاد متماشياً الى حدّ بعيد مع توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 1،8% لهذا العام.
وفي حين أن الإستثمار الخاص بقي واهناً بالإجمال في سياق حالة الترقّب والتريث السائدة في أوساط المستثمرين وتأجيل للقرارات الإستثمارية الكبرى، إلا أن حركة الاستهلاك الخاص أستفادت من مناعة نسبية تأتت من إنفاق المستهلكين المحليين والتدفّيق الجيد في أعداد المغتربين اللبنانيين وإنفاق اللاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم 1،2 مليون.
هذه المعطيات جاءت في تقرير بنك عودة عن الفصل الثالث من العام 2014 تحت عنوان «بين وهن الإستثمار المحلي ومناعة الإستهلاك الخاص».
ميزان المدفوعات
تدلّ إحصاءات القطاع الخارجي للأشهر التسعة الأولى من العام 2014 على ازدياد التدفقات المالية الى لبنان بنسبة 7،1% في ظل نمو عجز الميزان التجاري بنسبة 3،8%، ما أدى الى عجز بسيط في ميزان المدفوعات بقيمة 302 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام 2014 مقابل عجز أكبر بلغت قيمته 676 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام 2013.
وقد نجم عجز ميزان المدفوعات في الأشهر التسعة الأولى من العام 2014 عن انخفاض الموجودات الخارجية الصافية للمصارف بقيمة 4،529 مليون دولار مقابل ازدياد الموجودات الخارجية الصافية لمصرف لبنان بقيمة 4،227 مليون دولار ويعزى التوسع في الميزان التجاري الى تراجع محلوظ في الصادرات بنسبة 20،8% أكبر منه تراجع الواردات بنسبة 1،1% منذ بداية العام.
الموجودات الخارجية
اتسمت الأوضاع النقدية في الأشهر التسعة الأولى من العام 2014، بنمو ملحوظ لموجودات مصرف لبنان الخارجية وبمزيد من نمو الكتلة النقدية بالليرة بالمعنى الواسع وبميل مصرفي مطرد نحو سندات الخزينة اللبنانية بالليرة كما يُستدلّ من تزايد الإكتتابات السنوية بجميع الإصدارات ما عدا الإصدارات غير المنتظمة للسندات من الفئات الطويلة الأجل.
في هذا السياق، شهدت موجودات مصرف لبنان الخارجية زيادة كبيرة بقيمة 3،1 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام 2014، لتصل الى مستوى قياسي قدره 38،4 مليار دولار في أيلول 2014.
وارتفعت نسبة تغطية الكتلة النقدية بالليرة بموجودات مصرف لبنان الخارجية الى 80،2% ونسبة تغطية الواردات الى 22 شهراً من الاستيراد في أيلول 2014.
القطاع المصرفي
أظهر القطاع المصرفي اللبناني مناعة إزاء التجاذبات السياسية المحلية والخضّات الأمنية الظرفية. مدفوعة بزيادة تدفقات الاموال الوافدة الى البلاد، نمت الودائع المصرفية بنسبة 4،3% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام لتصل الى 142،0 مليار دولار في ايلول 2014.
وفي ظل تمتع المصارف اللبنانية بسيولة مرتفعة وبمرونة مالية لافتة، سجّل نشاط التسليف نمواً سليماً بنسبة 5،4% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2014، حيث ارتفعت قيمة التسليفات المصرفية الى 49،9 مليار دولار في ايلول 2014.
في موازاة ذلك، سُجلت مراوحة في الأرباح الصافية لدى المصارف في الأشهر التسعة الاولى من العام 2014، في ظل ضغوط متواصلة على المداخيل المجنيّة في سوق تسودها راهناً معدلات فوائد منخفضة، ما وازن بالتالي مفعول الحجم الايجابي المتولّد عن نشاط تسليفي أقوى في الفترة المذكورة.
أسواق الأسهم
شهدت أسواق الرساميل اللبنانية تصحيحات تصاعدية في الأسعار خلال الأشهر التسعة الاولى من العام 2014 فقد عرفت البورصة ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار رغم أجواء عدم اليقين المحلية والإقليمية وانخفض المردود في سوق السندات وسط اهتمام محلي وأجنبي ناجم عن الجاذبية النسبية لأدوات الدين اللبنانية.
وقد زادت القيمة الاجمالية لعمليات التداول في بورصة بيروت بما يفوق الضعف في الأشهر التسعة الأولى من العام 2014، مصحوبة بارتفاع طفيف في الأسعار، ما ادى الى نمو الرسملة البورصية الاجمالية بنسبة 4،6%.
أما هامش مقايضة المخاطر الائتمانية من فئة خمس سنوات، فتقلّص بمقدار 32 نقطة أساس خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2014 ليبلغ 361 نقطة أساس في ايلول 2014، بعد تقلّصه بمقدار 52 نقطة أساس في العام 2013، وذلك في سياق تحسن نسبي في النظرة السوقية الى المخاطر الائتمانية بشكل عام.