Site icon IMLebanon

نظاريان: لا أملك معطيات تدين اسرائيل

أبلغت مصادر واسعة الاطلاع صحيفة “السفير”، ان اسرائيل وقّعت أخيراً ما تُسمى بـ”رسالة نوايا” مع مصر لتزويدها بكميات من الغاز تبلغ قيمتها 17 مليار دولار، ومع الاردن لتزويده بكميات تبلغ قيمتها 15 مليار دولار، علما انه كان يفترض ان تشكل هاتان الدولتان جزءا من سوق التصريف الطبيعي للغاز اللبناني المؤجل.

وفي أكثر من مناسبة، سألت شخصيات مصرية وأردنية معنية بهذا الملف مشاركين لبنانيين في مؤتمرات خارجية: متى ستباشرون بالتلزيم والانتاج حتى نوقّع معكم؟ لكن الجواب لم يأت، وضاعت الفرصة.

وكشفت المصادر ايضا عن ان اسرائيل تسعى الى التعاقد مع شركات متخصصة لاستثمار حقل «كاريش» الغازي، والذي يبعد فقط ما بين أربعة وخمسة كيلومترات عن الحدود المائية اللبنانية، والواقع في منطقة رمادية لم تخضع للمسح الجيوفيزيائي بعد، ما يعني ان هناك احتمالا كبيرا بان يكون هذا الحقل مشتركا، الامر الذي يستوجب منع اسرائيل من مد اليد اليه والاستثمار فيه، قبل حسم «هويته» و«ملكيته»، او ان يبدأ لبنان بالاستفادة منه أيضا، من الجهة التي تتبع له، لتحقيق «توازن استثماري» مع العدو.

وفي المعلومات ان الكيان الاسرائيلي الذي يريد استخدام مخزون هذا الحقل للسوق الداخلية، ضرب كل الضوابط القانونية الدولية بعرض الحائط، وباشر قبل فترة في مفاوضات لاستخراج الغاز من «كاريش» مع الشركة الإيطالية «إديسون» والتي اشترتها لاحقا شركة فرنسية هي EDF ، لكن «الايطالية» بقيت في واجهة التفاوض مع اسرائيل، لان تلك «الفرنسية» تخشى من ان يؤدي دخولها علنا على الخط الى انعكاسات سلبية على مصالحها في العالم العربي. وعُلم ان التوقيع لم يحصل بعد، بسبب تمهل العدو الاسرائيلي الذي يأخذ بالحسبان إمكانية توقيع عقد أفضل.

ومن التهديدات المباشرة الاخرى للمصالح اللبنانية الاقتصادية، هو ان مشروع خط أنابيب الغاز عبر اسرائيل – قبرص – اليونان – ايطاليا، في حال تنفيذه، سيضيّق خيارات لبنان الذي سيكون مضطرا، إذا أراد ضخ الغاز عبر أنبوب ينطلق من ساحله، الى ان يرتبط مع خط الانابيب المشار اليه، لانه سيكون ممرا إلزاميا الى اوروبا، الامر الذي سيفرض على لبنان دفع أتاوة او ضريبة نقل لاسرائيل، مع ما يرتبه ذلك من خسائر مادية، و «اعتراف اقتصادي» بكيان العدو، وهنا الكلفة الاكبر.

والارجح ان الاوروبيين سيطلبون من لبنان، إذا أراد بيعهم الغاز، ان يُصدّره عبر خط الانابيب هذا، في حال بنائه، حتى يكون السعر مقبولا، لان التصدير عبر خط منفصل سيرفع السعر تلقائيا،عدا عن ان مثل هذا المشروع يفوق أساسا طاقة لبنان على التحمل.

وقال الرئيس نبيه بري لـ «السفير» إنه يملك أدلة واثباتات تدين اسرائيل وتؤكد لجوءها الى السطو على كميات من الغاز اللبناني، عبر أنبوب يمتد في المياه الاقليمية اللبنانية المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة.

وأشار الى انه سيكشف عن كل المعطيات الموجودة بحوزته قريبا، وتحديدا في مطلع العام الجديد، مشددا على انه من غير المقبول ولا المسموح ان تستمر اسرائيل بهذا الاعتداء على السيادة اللبنانية وثروتنا الوطنية، من دون ان نحرك ساكنا.

وأوضح انه سيحرك هذه المسألة بقوة بعد رأس السنة، وسيضغط على مجلس الوزراء لجعل هذا الملف من ضمن أولوياته.

واستغرب ألا تكون اللجنة الوزارية التي شكلتها حكومة الرئيس تمام سلام والمعنية بمتابعة الملف النفطي، قد أنجزت ما هو مطلوب منها، حتى الآن، برغم الاهمية الفائقة للوقت في استحقاقات كهذه.

من جهته، قال وزير الطاقة آرتور نظاريان لـ «السفير» إنه لا يملك المعطيات التي كشف عنها بري، «ولا أعرف كيف ومن أين حصل على هذه المعلومة»، لافتا الانتباه الى انه سيتواصل معه لاستيضاحه حقيقة الامر، «وإذا ثبت فعلا ان اسرائيل تسرق الغاز فعلى لبنان ان يتحرك بقوة لحماية حقوقه».

وأوضح انه بعد تأليف الحكومة، تشكلت لجنة وزارية للبحث في المرسومين اللذين يمهدان لإطلاق عملية المناقصة والتلزيم لاستخراج البترول، الاول يتعلق بتقسيم المياه البحرية اللبنانية (بلوكات نفطية) والثاني يتناول اتفاقية الاستكشاف والانتاج.

وأضاف: عند اجتماع اللجنة، تبين ان لدى عدد من الوزراء ملاحظات على المرسومين، وبعضها سياسي أكثر منه تقني، ولاحقا اجتمع هؤلاء الوزراء مع هيئة البترول لمناقشتها في الملاحظات التي أُخذ بجزء منها، وتم على هذا الأساس تعديل المرسومين، وأنا لا أزال أنتظر إدراجهما على جدول الاعمال، إضافة الى مشروع الضريبة البترولية، علما اننا نحتاج بعد إقرارهما في مجلس الوزراء الى قرابة ستة اشهر لإطلاق المناقصة.

ونبه الى ان «الوقت ليس لصالحنا، وأنا لا أعرف كم نستطيع ان نصمد بعد في ظل الوضع الاقتصادي المهترئ»، محذرا من انه إذا استمرت المماطلة في اتخاذ التدابير اللازمة «فأنا أتخوف من ان نخسر الفرصة».

وأشار الى ان احدى الفرضيات الممكنة للتأخير هي ان بعض الدول تريد ان يبقى لبنان دولة متسولة، تنتظر هبة من هنا او هناك، في حين ان استخراج النفط والغاز سيجعلنا دولة مقتدرة، ومستقلة في قراراتها، وهذا ما لا يناسب تلك الدول التي اعتادت علينا نمد أيدينا للتسول.

وأشار الى ان هناك حاجة الى ما بين خمس وست سنوات للمباشرة في استخراج النفط والغاز في حال وُضع القطار على السكة الصحيحة، لافتا الانتباه الى انه لن يجري تلزيم البلوكات العشرة المقترحة دفعة واحدة، بل يجب ان نبدأ باثنين على سبيل المثال حتى نكتسب الخبرة الكافية، «وأنا سأقترح ان تكون البداية من تلزيم بلوك او اثنين في الجنوب، أولا لان المنطقة هي الاغنى نفطيا وبالتالي الاكثر جذبا للشركات العالمية، وثانيا حتى نفرض أمرا واقعا على اسرائيل ونمنعها من سرقة ثروتنا، ويبقى القرار النهائي لمجلس الوزراء».

وأوضح ان الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل لا يزال عالقا، والاميركيون ابتعدوا منذ فترة عن دور الوساطة.