دخلت الصفقة اللبنانية السعودية الفرنسية لتسليح الجيش اللبناني مرحلة جديدة على طريق وضعها موضع التنفيذ. وقد أنجز الجانبان اللبناني والفرنسي، خلال زيارة الرئيس تمام سلام الباريسية، خطوة جديدة على طريق تنفيذ الاتفاق، من خلال توقيع العميد الركن مارون حتي (نائب رئيس أركان الجيش للتخطيط) على ملحق “المواصفات التفصيلية للمعدات والأسلحة” بالأحرف الأولى.
ويعد الملحق أساسياً في الاتفاق، ويتألف من عشرة آلاف صفحة فولسكاب تتضمن لائحة المشتريات النهائية، وهو يتوج صفحتي الاتفاق الأولي اللتين وقعتا في الرياض في الرابع من تشرين الثاني الماضي.
وفي الاطار نفسه، يصل الى بيروت الاثنين المقبل، رئيس مجلس ادارة الشركة الوسيطة “اوداس” الاميرال ادوارد غييو، لإبرام ملحق مواصفات لائحة المشتريات، بتوقيع نهائي، فيما يوقع العماد جان قهوجي عن الجانب اللبناني.
ومن المنتظر ان يفتح التوقيعان الفرنسي واللبناني البوابة الاخيرة نحو تنفيذ الاتفاق الذي سيستغرق نحو خمسة اعوام، يستكمل فيه الجيش اللبناني، للمرة الاولى، إعادة بناء قوته التسليحية ضمن خطة واضحة، مرفقة بعقد صيانة وتأهيل طيلة خمسة أعوام.
ويقول أحد المتابعين للمفاوضات لـ”السفير” ان اللبنانيين حاولوا الحصول على أطول مدة ممكنة من الصيانة والتأهيل، برغم امتصاصها جزءاً مهماً من هبة الثلاثة مليارات دولار، وقد طلبوا عامين من ضمانة التصنيع والصيانة ما بعد التسليم، وخمسة أعوام إضافية، إلا ان الرأي استقر في النهاية على عقد من خمسة أعوام.
ويأمل المفاوضون اللبنانيون، إطالة عقد الصيانة، برغم كلفته التي تصل الى نحو نصف مليار دولار، وهي كلفة لن تقبل أية حكومة لبنانية بتغطيتها أو وضعها على لائحة أولوياتها.
وخلال الأيام المقبلة تعود الكرة مجددا الى ملعب الدولة السعودية الواهبة، التي يتوجه اليها الاميرال غييو، بعد محطته البيروتية، لتسليمها لائحة المشتريات التفصيلية المتفق عليها مع الجيش اللبناني، لكي يذيلها الواهب السعودي بتوقيعه الأخير.
وينبغي أن يتزامن التوقيع السعودي الاخير، مع تحويل وزارة المال السعودية في الرياض 20 في المئة من قيمة الهبة الصفقة، أي ما يقارب 600 مليون دولار، الى الجانب الفرنسي، قبل نهاية العام الحالي، فتبدأ بعدها عمليات التسليم في الفصل الأول من العام 2015.
ويقول أحد العاملين على الملف ان اللبنانيين اختاروا في النهاية لائحة المعدات والاسلحة التي تناسب المهمات التي يقوم بها الجيش اللبناني، ويشير الى ان المقاربة الفرنسية التي استعجلت إنجاز الاتفاق في بداية المفاوضات، خوفا من مفاجآت سياسية أو إقليمية، أو تغييرات في السعودية تلغي الهبة، تم تصويبها للعودة الى مفاوضات تخضع للحاجات اللبنانية الحقيقية، من ضمن تفاهم لبناني ـ فرنسي.
كما تعرضت الصفقة في فترة تأرجح القرار سعودياً فيها، وعدم اتضاح الموقف السعودي من المضي فيها، الى محاولات من أقطاب لبنانيين، للحصول على عمولات من هبة المليارات الثلاثة، لقاء وعود بتسهيل إعادة البحث بها سعودياً، وهو الأمر الذي واجهه الفرنسيون بالرفض.
واذا تم تجاوز مسألة الدفعة المالية الاولى، فسيبدأ الفرنسيون بين شباط وآذار، بتسليم الاسلحة الموجودة في المستودعات. ومن المنتظر ان تكون على لائحة التسليم الاولى 7 مروحيات مقاتلة من طراز “غازيل” مزودة بمنصات صواريخ “هوت”، و7 مروحيات من طراز “بوما” لنقل الجنود. ويسهل تسليم المروحيات، وجود أعداد منها مستعملة وقد تم إعادة تأهيلها، وإجراء التعديلات الضرورية عليها.
أما المعدات التي تتطلب تصنيعا، فالأرجح ان يتأخر تسليمها، لا سيما الزوارق الحربية الأربعة، ما يعني ان جزءا كبيرا من لائحة المشتريات لن يصل الى بيروت قبل ثلاث سنوات، بحسب أحد العاملين على الملف في باريس.
وقالت مصادر فرنسية ان الصفقة لا تخضع لمنطق الاستعجال الذي تفرضه التطورات الامنية في البقاع الشمالي، وانها تتابع مسيرتها في سياق أوسع لإعادة تسليح الجيش اللبناني الذي ينبغي ألا يخضع لمنطق الحاجة لخوض معركة واحدة كمعركة عرسال.
وأشارت المصادر الى ان الاميركيين سيسلمون الجيش اللبناني 12 مروحية مقاتلة من طراز “كيووا” وهي مروحيات هجومية خفيفة، سيتم تمويلها من هبة المليار دولار الحريرية (من السعودية). كما تنضم طائرة “سيسنا” حربية معدلة الى طائرتين من الطراز نفسه، للقيام بمهمات استطلاعية وقتالية. ويسلم الاميركيون الجيش اللبناني 8 طائرات مقاتلة من طراز “توكانو”. وتقوم هذه الطائرات التي يتم تدريب طياري الـ “اف 14” عليها، بمهمات إسناد جوي للقوات البرية، وتحمل صواريخ من طراز “هلفاير” والقنابل الموجهة بالليزر لتدمير التحصينات والآليات المصفحة.