ذكرت الوكالة “المركزية” أنّ حركة الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو في اتجاه لبنان والعواصم المؤثرة لا سيما ايران المتوقع ان ينتقل اليها الاثنين في زيارة هي الخامسة من نوعها، رفعت منسوب الرهان اللبناني والامال بإمكان احداث خرق مرجو على الصعيد الرئاسي، الا انّ اوساطاً سياسية كانت شاركت في اللقاءات الفرنسية في لبنان اعتبرت انّ حركة جيرو يمكن اعتبارها مرحلة استطلاعية كما سائر الموفدين الذين زاروا ويزورون لبنان مستكشفين لمحاولة انهاء حال الشلل الذي اصاب الرئاسة اللبنانية، وانّ لا خارطة طريق واضحة في ايّ اتجاه، انّما اشارات رغبة بالمساعدة اقليميا ودوليا لا اكثر. اما الموفد الروسي فشدّدت الاوساط على انّ زيارته لا تتصل بالملف الرئاسي بل بشأن آخر، وقالت: “روسيا تعاني تماماً كما ايران من انخفاض اسعار النفط، وتحاول توظيف جهودها في داخل سوريا من اجل تحسين ظروف المفاوضات مع الولايات المتحدة لتقبض الثمن في اوكرانيا، وايران بدورها توظف اوراقها في الملف السوري لتقبض في المفاوضات مع الولايات المتحدة، فهل انّ اللبنانيين قادرون في هذه الهندسة الاقليمية على “سرقة” استحقاق رئاسة الجمهورية و”استخراج” رئيس؟ هنا يكمن دورهم لاقتناص فرصة حقيقية متاحة امامهم راهناً”.
إلا انّ العقبة الداخلية المتمثلة بغياب التوافق المسيحي، لا تبدو في طريق التذليل على رغم كل ما يطرح من مبادرات ويعقد من لقاءات للقادة الموارنة برعاية بكركي، وصولاً الى اعلان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع استعداده لزيارة الرابية اذا ما ابدى رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون استعداده للبحث في مرشح ثالث، ذلك انّ عون الذي اعلن عن انّه سيكون “اماً رئيساً او شهيداً” لم يبدل في اجندة اولوياته ليصبح متاحاً البحث عن هوية البديل. وهو ما اكده الوزير السابق غابي ليون لـ”المركزية” بقوله انّ “الحديث عن مرشح ثالث او رابع امر غير وارد، لانّ نظرتنا الى رئاسة الجمهورية تنطلق من الحقوق وما اذا كانت هذه الطائفة الشريكة بنسبة 50 في المئة في ادارة البلد قادرة على ايصال زعيم لها الى سدة المسؤولية”، معتبراً انّ “وضع شروط على ايّ حوار يقوضه”.
وفي المقابل، اوضحت اوساط نيابية في قوى 14 اذار لـ”المركزية” انّ عون منذ ستة اشهر كان يحاول طرح نفسه مرشح تسوية وكان انذاك يتمتع بنسبة ضئيلة من الحظ تؤهله الوصول الى بعبدا ويملك حق الفيتو، بعد ثلاثة اشهر ومع اعلان “حزب الله” ترشحه بالاسم فَقَد امكانية ان يكون رئيساً، لكنّه بقي يتمتع بحق الفيتو. اما بعد ثلاثة اشهر فإنّ عون سيفقد الامتيازين، وفق الاوساط، ليصبح انذاك هامش انتخاب الرئيس اوسع واشمل. واعتبرت انّ عون فقد تدريجياً كل اوراقه وانكشف امام الرأي العام بفعل مبادرة جعجع الاخيرة واعلان استعداده لزيارة الرابية اذا ما كان عون مستعداً للبحث في المرشح الثالث.
وسط هذه الاجواء، أعربت مصادر سياسية مراقبة قريبة من فريق 8 اذار عن اعتقادها انّ زيارة جيرو للبنان لم تحمل جديدا يضاف الى المواقف الفرنسية المعلنة ازاء لبنان وامنه وسيادته والمساعدة على انتخاب رئيس توافقي من دون الدخول في الاسماء اذ وضع فيتو على اي منها. واشارت الى انّ “حزب الله” ابلغ الموفد الفرنسي موقفه المعلن انّ “الملف لدى عون فتفاوضوا معه واذا ما اتخذ القرار، وكان لديكم سلة حل لمختلف المواضيع، فإنّ للبحث صلة”. واوضحت انّ بعض من اجتمع الى جيرو من جانب قوى 14 اذار لا سيما خلال العشاء الذي اقيم مساء الثلاثاء الفائت في مقر السفارة الفرنسية، وانطلاقاً من آمال يبنيها على امكان ان يحمل الفرنسيون الحل للملف الرئاسي، تلمسوا ايجابية بنوها على اساس انّ ايران بادرت بالطلب من الفرنسيين التواصل من اجل الملف الرئاسي اللبناني في حين ان العكس صحيح، اذ انّ فرنسا اتصلت بإيران لجس نبضها بناء على رغبة لبنانية فلم تمانع، وهنا ربما تكمن الايجابية الوحيدة، في انّ طهران وللمرة الاولى لم تبلغ فرنسا الجواب المعهود في هذا الشأن انّ الملف لبناني داخلي راجعوا “حزب الله”، بل اعربت عن استعدادها للبحث فيه. وختمت انّ فرنسا تحاول من منطلق اهتمامها بالوضع اللبناني بذل الممكن لكنها لا تعقد آمالاً على تكليل جهودها بالنجاح، وستثابر بناء على اشارات ايجابية، لعل في لحظة ما، يحدث ما لم يكن منتظراً، فتكون الارضية مهيأة لتلقفه.