IMLebanon

التسهيل الكمي الورقة الأخيرة لإنعاش منطقة اليورو

EuropeCentralBank
جون بلندر

في جزء كبير من هذا العام، كانت قصة سوق الأسهم عن رفع البنوك المركزية أسعار الأسهم من خلال الوضع التافه المعروف بالتغيرات في النشاط الاقتصادي استجابة للأنماط الاقتصادية العالمية، أي الدخول في المخاطر في الأوقات المناسبة والابتعاد عنها في الأوقات الصعبة. تصوّرات المستثمرين حول ما إذا كان التشديد النقدي الذي سيأتي عاجلاً أم آجلاً أدت إلى اهتزاز الأسواق صعودا وهبوطا، لكن المسار العام لا يزال صاعداً.

وكان السؤال المهم هو ما إذا كانت أرباح الشركات يمكن أن ترتفع بما فيه الكفاية لتبرير رفع التقييم. لكن منذ حزيران (يونيو)، كان هناك شيء حقيقي يحدث أدى إلى حد كبير إلى تحسين الاحتمالات لكل من النمو الاقتصادي وأرباح الشركات في العالم المتقدّم، الذي كان يعاني ضعفا جادا في النمو.

الانخفاض في أسعار النفط بنسبة تزيد على 30 في المائة خلال تلك الفترة يمنح المستهلكين في الاقتصادات المتقدّمة ما يُعادل تخفيضات ضريبية على حساب شركات إنتاج النفط. وبما أن البلدان المتقدمة تنفق من دخلها على الطاقة أكثر مما تفعل البلدان المنتجة للنفط في الأسواق الناشئة، فإن النتيجة هي زيادة الطلب الكلي.

هذا الأمر يعتبر نعمة، خاصة في منطقة اليورو، التي تعاني بشكل حاد الطلب الضعيف. إلا أن كثيرين يخشون أن انخفاض مستوى الأسعار الناجم عن انخفاض أسعار الطاقة سيدفع منطقة اليورو إلى الانكماش ويضعها على طريق الهلاك.

كنت أشعر بالقلق منذ مدة طويلة أن البنك المركزي الأوروبي كان بطيئاً في التصدي لتهديد الانكماش. لكن الانخفاض في أسعار الطاقة ليس السبب الوجيه للذعر، لأن الانكماش قد يكون جيداً، أو سيئاً، أو شيئاً بينهما.

كساد الثلاثينيات كان سيئاً بلا شك، لأنه كان علامة على عرض مفرط وطلب ضعيف. لكن في أواخر القرن التاسع عشر كان جيداً. خلال فترة الكساد العظيم المُساءة تسميته للأعوام بين 1873 و1896، كان هناك متوسط نمو سنوي حقيقي يبلغ 2 في المائة، على الرغم من الانخفاض في مستوى الأسعار العام، المدعوم من تقلّص قيمة الأراضي وانخفاض الأسعار في الصناعات القديمة.

إن تجربة انخفاض أسعار الطاقة تأتي قريبة إلى مثال القرن التاسع عشر أكثر منها إلى مثال الثلاثينيات. المشكلة مع الانكماش الضار هي أن المستهلكين يؤجلون قرارات الإنفاق لأنهم يتوقعون أن تصبح الأشياء أرخص. مع ذلك، يُشير التاريخ إلى أن أي زيادة في الدخل الحقيقي ناتجة عن انخفاض أسعار الطاقة من المرجح أكثر أن تشجع الناس على الإنفاق.

مع ذلك، هناك قوى انكماشية أخرى أكثر قوة تعمل في منطقة اليورو، مثل الإملاءات الألمانية التقييدية في المالية العامة، والسياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي التي تُحقق معدلات تضخم أقل من الهدف تبلغ 0.3 في المائة فقط. من خلال وضع ضغط هابط على معدل التضخم، فإن الانخفاض في أسعار الطاقة يزيد من الضغط على البنك المركزي الأوروبي للانتقال إلى برنامج التسهيل الكمي الكامل، على غرار برنامج الولايات المتحدة.

وهنا، للمفارقة، قد يكون هناك تأثير ضار. لأن البنك المركزي الأوروبي إذا انتقل إلى برنامج التسهيل الكمي الكامل ضد رغبات الأعضاء الألمان في مجلس المحافظين، فإن الأضرار التي ستلحق بصدقية البنك المركزي الأوروبي ستكون مدمّرة. ومن الصعب معرفة كيف سيعمل البنك المركزي لمنطقة اليورو بدون دعم القوة الاقتصادية العظمى في أوروبا.

لكن في حال أقنع رئيس البنك، ماريو دراجي، الألمان بأن الولاية القانونية للبنك لا يمكن أن تتحقق بدون برنامج التسهيل الكمي، فهذا من شأنه إرسال إشارة غريبة. الألمان ليسوا الوحيدين في مجلس المحافظين المتشككين بشأن برنامج التسهيل الكمي، نظراً للهيكلة المالية المختلفة في منطقة اليورو مقارنة بالولايات المتحدة. في حين إن الأسواق، التي تُسيطر عليها الرغبة في العوائد، حالياً متحمسة بشأن هذا الاحتمال، إلا أنه في نهاية المطاف سيكون عليها الاعتراف بأن الانتقال إلى برنامج التسهيل الكمي سيكون علامة على اليأس الشديد – المحاولة الأخيرة لإنعاش منطقة اليورو. وفي الواقع، يضع المستثمرون رهانا بهيجا على سياسة ذات فاعلية ربما تكون محدودة.

لنعد إلى أسعار الطاقة. الشركات الكبيرة الخاسرة ستكون شركات التكسير وغيرها من شركات الإنتاج ذات التكاليف العالية. هذا يشكل قلقا للمستثمرين في السندات، لأن قطاع الطاقة يمثل جزءا كبيرا من أسواق السندات ذات العائد المرتفع وقروض الرفع المالي. وعلاوات المخاطر في أسواق الائتمان هي بالفعل منخفضة إلى حد مدهش بالنسبة إلى السندات الحكومية، وذلك بفضل البحث عن العوائد. وموجة من العجز عن السداد في قطاع الطاقة، خاصة إذا اجتمعت مع المخاوف بشأن صدقية البنك المركزي الأوروبي، قد تعني بداية نهاية الهوس الكبير بالعائدات.