IMLebanon

تفاح الضنية في البرادات… مطالب بفتح أسواق جديدة ومساعدة المزارعين

AppleHarvest2
نظيم الحايك

لم يكن مزارعو التفاح في الضنية يتوقعون أن تبقى مواسمهم في البرادات كل هذه المدة ينتظرون فرجا يبتعد كل يوم أكثر وأكثر، وهم الذين لجأوا الى خيار التبريد بعد أن سدّت كل السبل في طريق تصريف منتجهم الذي كان غزيرا هذا العام ولكن مردوده كان «صفرا مكعبا». وهذه ليست المرة الأولى التي يدفع المزارعون فيها ثمن التقاعس الرسمي، عن إيجاد الحلول القادرة على مساعدة المزارعين في إيجاد الاسواق البديلة القادرة على تصريف التفاح اللبناني وغيره من المنتجات الزراعية التي تعرّضت للعديد من النكبات في السنوات العشر الأخيرة. فبالإضافة لارتفاع كلفة الانتاج، فان التفاح في الضنية تعرّض مؤخرا لنكبات طبيعية لا يمكن لصغار المزارعين تحمّل نتائجها، ولم تفِ الدولة بوعودها لناحية التعويض على المتضررين الذين راهنوا على أبوّة الدولة ولكنهم اكتشفوا انهم راهنوا على مرجع لا يصلح أن يقف مع أبنائه. وهذه ليست المرة الأولى التي يتكدس فيها انتاج الضنية الزراعي في البرادات، ولكن الخسارة المتوقعة هذا العام أكبر بكثير لأن كلفة الانتاج والتبريد تضاعفت كثيرا عن السنوات السابقة وكذلك كلفة التصدير بفعل الأزمة السورية التي قضت بشكل شبه كامل على ما تبقّى من زراعة لبنانية.
الكلفة تفوق السعر
تحتل زراعة التفاح مساحات شاسعة في بلدات الضنية والجردية منها بشكل خاص حيث يمكن القول ان كل مواطن تقريبا هو مزارع وان كان يقوم بعمل آخر، ولكن الزراعة هي الأساس، وهم يصرّون على البقاء في أرضهم ويقومون باستصلاح أراضٍ جديدة ويزرعوها بالأمل قبل زراعتها بأصناف تفوق كلفة انتاجها سعر تصريفها ويضطرون لبيعها بأسعار زهيدة لا تكفي لدفع ثمن الأسمدة وإيجار العمال، وهذا العام يباع صندوق التفاح سعة عشرين كيلوغراما بـ 10 آلاف ليرة وكلفة قطافه وتبريده بحدود ستة آلاف يضاف إليها كلفة الأسمدة والقطاف والنقل ما يعني ان المزارع يبيع انتاجه بخسارة فادحة، ولكن رغم ذلك ما تزال كميات كبيرة مكدّسة في البرادات ولم تجد من يساهم في تصريفها.
{ يقول خالد حمود، وهو من كبار المزارعين الذين لم يجدوا تاجرا مناسبا لشراء موسمهم هذا العام، بأن السعر الذي عرض عليه لا يمكن قبوله، لأنه «لا يصل أبدا لسعر الكلفة وكنا نفضّل بقاء الموسم على الأشجار، ولكننا توقعنا أن تتحسّن الأسعار فلجأنا الى البرادات علَّ وعسى أن تتغيّر الأحوال، ولكن رهاننا فشل وتضاعفت خسائرنا بشكل كبير والتجار يقومون بابتزازنا لشراء موسمنا بأسعار زهيدة. وإضافة لذلك، فان بعض التجار أصدروا شيكات بلا رصيد لبعض المزارعين، ما يعني ان بعضهم يقوم بعمليات نصب ممنهجة لسرقة مواسمنا. والأهم ان الدولة ووزارة الزراعة هما الغائب الأكبر عن معالجة هذه القضية المعيشية، وكأن هناك قرارا غير معلن لتهجير المزارعين من أراضيهم. ونحن نطالب بتحرّك فوري لإيجاد أسواق بديلة عن تلك التي كانت تستورد التفاح اللبناني وتمنعها أوضاعها الأمنية والسياسية من شراء مواسمنا وأهمها ليبيا والعراق وسوريا والتي كانت تستورد كميات كبيرة من منتجاتنا الزراعية المتنوّعة والتفاح أهمها».
دعم لا بد منه
{ مختار بلدة نمرين أحمد علي يتساءل لماذا لا تخصص الدولة مبلغ 5000 ليرة لدعم الناس في أرضهم، والتعويض عليهم؟ لأن معاناة المزارعين ستدفعهم للهجرة والنزوح الى المدينة، ما ينعكس على استمرارية الحياة في المناطق الجبلية. فوجود الناس في أرضهم هو أساس بناء الدولة واستمراريتها في هذه الظروف». ويضيف: «التفاح اليوم مخزّن في البرادات وينتظر فتح أسواق خارجية للتصريف، ونحن في كل عام نضطر لإرسال إنتاجنا الى برادات طرابلس وزغرتا. حجم الموسم كبير والمزارع يدفع الكثير للحصول على الإنتاج، فهناك كلفة القطاف ونقل الإنتاج من البساتين وكلفة النقل وإيجار البرادات عدا كلفة ما قبل القطاف، كل هذا يتحمّله المزارع ليصل في النهاية الى بيع إنتاجه بأبخس الاسعار».
وطالب علي الدولة «التدخّل لفتح أسواق خارجية، فالتفاحة هي لقمة العيش للمزارع في المناطق الجبلية، والناس يعوّلون على الموسم لأنه الوحيد، خصوصاً أننا على أبواب فصل الشتاء وكل الدلائل تشير انه سيكون قاسيا، حيث تزيد الحاجة لمصاريف التعليم في المدارس والجامعات والتدفئة وغيرها. نطلب دعم المزارع بـ 5000 ليرة عن كل صندوق تفاح لتسيير الأمور بالشكل السريع، وهذا يخلق ارتياحاً لدى المزارعين. فالدولة هي الأم والأب للمزارع، وهذا المبلغ ولو كان قليلا، لكنه يشكّل رمزية تعطي الناس أملا برعاية الدولة ووقوفها بجانب السواد الأعظم من أبناء الضنية الذين يعيشون على الزراعة كمورد وحيد».