IMLebanon

وسط بيروت «منطقة منكوبة» اقتصادياً: إقفال مؤسسات وخسائر بالملايين نتيجة الإجراءات الأمنية وتردّي الأوضاع

downtown beirut
الفونس ديب
نكبة حقيقية.. عبارات قليلة لكنها معبرة عن الحال الذي بلغته المنطقة المحيطة بمجلس النواب والشوارع المحاذية في قلب الوسط التجاري لبيروت. معظم المحال التجارية والمكاتب اقفلت، وما تبقى منها لا يعمل. مشهد محزن لا يصدق، خصوصا إذا ما قورن وضع هذه المنطقة بما كانت عليه في السابق، حيث كانت تعج بالزائرين والمتسوقين والسياح العرب والاجانب.

اجراءات امنية مكثفة تضاف الى اوضاع غير مستقرة. تظاهرات واعتصامات وغيرها من التحركات التي تفعل فعلها في الوسط التجاري، حيث يخضع العابرين الى هذه المنطقة الى تفتيش دقيق، فيما نقلت مواقف السيارات الى اماكن اخرى بعيدة، ما يدفع الراغبين بـ«دخول» الوسط الى الذهاب الى اماكن اخرى.

الكثير من الذين التقتهم «المستقبل» من العاملين في ما تبقى من مؤسسات، فضلوا الكلام من دون ذكر اسمائهم او ذكر المؤسسات التي يعملون فيها. هؤلاء اجمعوا «على ان المنطقة باتت امنية بامتياز«، ما دفع الناس الى الابتعاد عنها. وهم شكوا اقفال المنطقة أمنيا كلما انعقدت جلسة لمجلس النواب، او كلما تمت الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية. وأذ أشاروا الى ان الاعمال لا تتعدى الـ5 في المئة اي التراجع وصل الى حدود 95 في المئة، توقعوا ن تقفل المؤسسات التي يعملون فيها ابوابها إذا لم يظهر بريق أمل يحسن الاوضاع في وقت قريب.

احد اصحاب المؤسسات التجارية في هذه المنطقة، مروان كعكي، يصف في حديث الى «المستقبل» الوضع بـ»المزري» حيث ان «معظم المؤسسات اقفلت، ومنها مؤسستي، وما تبقى من محال تجارية في طريقها الى الاقفال»، عازيا السبب الى الاجراءات الامنية المشددة، والوضع الاقتصادي المتراجع، فضلا عن الاعتصامات والتظاهرات التي تقام في محيط مجلس النواب. واشار الى انه «في فترة من الزمن الناس كانت تتقاتل للحصول على متر ارض في هذه المنطقة، اما اليوم فلا احد يسأل».

وطالب كعكي بفتح منفذ للناس للدخول الى محيط مجلس النواب، واعادة مواقف السيارات الى مكانها، اي في مكان قريب، و«ليس كما هو حاصل الآن». وقال «هذه السوق لكل لبنان، أما الآن فلا أحد يأتي اليها سوى من يريد تدخين النارجيلة». ولفت الى وجود اكثر من 200 مؤسسة متضررة في محيط مجلس النواب والشوارع المحاذية، فضلا عن مئات المكاتب في الابينة».

آني ألمجيان صاحبة محال «آلجيا«، قالت «السوق خالية من الناس، وحتى المؤسسات اقفلت بمعظمها، وذلك بسبب الاجراءات الامنية التي جعلت هذه المنطقة مربعا أمنيا، كما ان التظاهرات والاعتصامات واقفال الطرق المؤدية الى المنطقة بالحديد، دفعت الناس الى الابتعاد عن قلب العاصمة الاقتصادي».

وأسفت ألمجيان لكون «الدولة تتخذ كل هذه الاجراءات دون الاخذ في الاعتبار مدى ضررها على اصحاب المؤسسات العاملة في هذه المنطقة». وقالت «نحن نتفهم ان يأتينا الضرر من أي جهة غير الدولة، لكن ان يأتينا ذلك من الجهة التي من المفترض ان تكون الحاضنة لنا والمساندة لمؤسساتنا، فهذا لا يمكن استيعابه خصوصا في هذه المنطقة بالذات».

ولفتت ألمجيان الى انها لم تقفل مؤسستها، لكن من دون اي مردود يذكر»، مشيرة الى ان المنطقة تصبح عند الخامسة من بعد الظهر خالية تماما من الناس.

ودعت المسؤولين الى الاهتمام بشكل أكبر بوسط بيروت كي يعود الى سابق عهده مركزا تجاريا ينبض بالحياة.

وقالت صاحبة مؤسسة سنو للتجارة ميادة سنو «السوق مقفلة بمعظمها، فالمعاناة في هذه المنطقة مستمرة من نحو السنتين». واضافت «قبل ذلك توقفت اعمالنا بسبب الخيم التي نصبت في وسط بيروت نهاية العام 2006 وحتى العام 2008. وبعد انتهاء الاعتصام عملنا لفترة قصيرة والآن نعود وندخل دوامة التعطيل».

ولفتت سنو الى ان الطوق الامني المضروب حول مجلس النواب، انعكست مفاعيله فورا في شلّ الحركة التجارية والسياحية في المنطقة. وقالت «هذا يبدو جليا للعين المجردة، حيث تراجع عدد الاشخاص الذين يرتادون المنطقة المحيطة بالمجلس بشكل كبير، وفي بعض الاوقات تنقطع الرجل نهائيا عن هذه المنطقة»، واصفة المنطقة بـ»مدينة اشباح».

واوضحت سنو انها لم تقفل مؤسستها، وهي تعمل بمعدل ساعتين في اليوم، لكن من دون اي مردود يذكر.

وقالت «مطلبنا الوحيد، هو اعادة الحياة الى هذه المنطقة الرائعة والتي كانت تزخر بالزوار والمتسوقين والسياح، انها منطقة وجدت لتعيش وتزدهر، ونحن نريد اعادتها الى سابق عهدها».

أما ناهدة شبلي (مؤسسة زاهر) فأكدت «ان المنطقة باكملها شبه مقفلة، ولم يعد بالامكان الحديث عن نسبة حركة يتم تسجيلها خلال هذه الفترة»، مشيرة الى ان المؤسسات التي لا تزال تفتح ابوابها، لا تعمل على الاطلاق».

وقالت «نحن خلال هذا العام عملنا نحو اربعة اشهر فقط، ومن ثم عدنا واقفلنا ابواب مؤسستنا،لاننا لم نستطع تحمل المصاريف في ظل انعدام الحركة». وتمنت شبلي «نقل مجلس النواب الى مكان لا يوجد فيه اكتظاظ سكاني او في منطقة اقتصادية وتجارية، كي ينقلوا خلافتهم الى ماكن لا يؤثر في أحد».

ولفتت الى ان «الخسائر التي تتكبدها هذه المنطقة سنويا تقدر بعشرات ملايين الدولارات». وقالت «بالاضافة الى المحال هناك مطاعم كبيرة اقفلت، وهي قامت ببيع تجهيزات باسعار متدنية لتسليم الامكنة التي تشغلها».