أعد ستين جاكوبسن، كبير المحللين الاقتصاديين في “ساكسو بنك” مقدمة عامة جاء فيها:
نشهدُ في هذه الأيام ظروفاً شبه مثالية في ما يتعلّقُ بحركة التعاملات والإستثمار في الأسهم، إذ تراجعَت نسبة التضخم إلى أدنى مستوى لها منذ الثمانينيات، وتبعتها أسعار الفائدة، بينما ظلت الطاقة مستقرّة نسبياً.
وهناك تصحيح بسيط على معدّل التضخم، فالنفط اليوم بسعر 80 دولاراً للبرميل، يعادلُ الأسعار من 20 إلى 40 دولاراً للبرميل في السبعينيات.
ولقد تكوّنَ لدى المستثمرين شعور زائف بالأمان، بسبب مستويات التقلّب المنخفضة، ما قد يؤدّي إلى حدوث أكبر ارتباك في 2015.
وأصبحَ محافظو البنوك المركزية أنفسهم قادة الحرب الاقتصادية التي باتَ الحل الوحيد فيها، الذي تمثل في عمليات خفض لقيمة العملة التنافسية، عبارة عن مجرّد تصدير للمشكلات إلى الخارج.
وليسَ هذا أفضل من حال اليابان بأي حال من الأحوال، التي هددت بالخروج عن السيطرة بعدَ إطلاق رئيس الوزراء شينزو آبي آخر قذيفة، التي تمثلت في القذيفة المشعلة للتضخم. وقد يبدو أنَّ اليابان اشترت الأسواق العالمية لنفسها لربع سنة أخرى أو ربعين من الحماية من هذا التضخم ولكن سيكون للعالم الحقيقي كلمته.
ولقد شاهدنا هذا بأنفسنا في أسبوع من الفوضى في تشرين الأول. وإذا لم تخدعني توقعاتي، فسنواجهُ صعوداً وهبوطاً متكرراً في 2015. بينما ستظل الأصول الملموسة والإنتاج في انخفاض دائم طوال الوقت. وقد ساهمَ الاستثمار في النقود الورقية في إحداث زخم في رأس المال الإنتاجي خلال الفترة التي سيطر فيها مصففو الشعر والمصرفيون على المجتمعات. فنحن في طريقنا إلى خسارة فن التصنيع.
في الوقت ذاته، يحدث تضاؤل لقوة الولايات المتحدة في المقام الأول بتعاظم قوة الصين، ما يتسبّبُ في تصاعد التقلّبات والحروب نتيجة لتغيير الترتيب الهرمي للقوى العُظمى.
لم تحدث مستجدات على الساحة مطلقاً، ولا تزالُ “التوقعات المثيرة” ممارسة تساعدُ في معرفة عشرات الأفكار المثيرة للجدل نسبياً، والتي ليسَ لها صلة بفحوى المشكلة، وبالتالي فقد تقلب عالم استثماراتك رأساً على عقب. ومن خلال تخيل السيناريوهات والأحداث الأكثر سلبية، تُتاح لك فرصة أفضل لتخطي حال الاضطراب.
ولا نزالُ نحن، فريق”ساكسو بنك”، على قناعة بوجود مستويات تقلب عالية، وأنه يجب علينا التقدم خطوة نحو التغيير، في حين يرتكز تفكيرنا الكلي على خوض المعركة النهائية الفاصلة، قبل أن نتمكن من الثقة في الأشخاص والأفكار والتعليم والتغيير مرة أخرى بدلاً من مجرد تقديم الوعود الجوفاء.
من المتوقع أن يكونَ عام 2015 صعباً، إلا أنه من المحتمل أيضاً أن يكونَ العام الذي ننظر إليه في ما بعد على أنه أحلك الأوقات. ونتذكر في هذا الموقف مقولة ونستون تشرشل الشهيرة: “إذا كنت في وسط الجحيم فواصل التقدم حتى النهاية”.
1. انهيار قطاع الإسكان في المملكة المتحدة
فيما كانَت أسواقُ العقارات السكنية تنهارُ من كلّ الجوانب في كلّ أنحاء العالم، في الفترة التي سبقَت الركود العالمي، كانَ قطاعُ الإسكان في المملكة المتحدة متماسكاً نسبياً. وعلى الرّغم من انخفاض الأسعار بنحو 20٪، ساعدَ هذا الانخفاض في تعويض هذه الخسارة على المستوى الوطني، إلا أنَّ الأسعار في لندن كانت ترتفعُ بمعدّل جديد في كل مرة خلال هذه السّنة، حتى وصلت إلى زيادة أكثر من 30٪ عما كانت عليه في ذروة فترة ما قبل الركود في 2007.
بشكلٍ عام، انتعشَ اقتصاد المملكة المتحدة بشكل أكثر روعة، بسبب الركود العالمي، عن الإقتصادات الرئيسية الأخرى، وكانَ ذلك ملحوظاً في القارة الأوروبية، إذ لا تزالُ منطقة الأورو تسعى بقوة إلى تحقيق النمو.
في هذا السّياق، توقّفَ الناتج الإقتصادي في المملكة المتحدة عند نسبة 3.4٪، متجاوزاً فترة الذروة في 2007، بفضل ارتفاع أسعار العقارات السكنية.
وقد تكونُ المشكلة على وشك الإنتهاء، لكن هذا بالنسبة إلى مالكي العقارات السكنية في المملكة المتحدة فقط. فليست مؤشرات تتبع أسعار العقارات السكنية، هي التي تبدو في حال أضعف ممّا كانت عليها في السنتين الماضيتين، بما فيها “ما تحقق من نجاح كبير” في لندن، ولكن هناك أسباب أخرى تدعو إلى الخوف من انهيار وشيك في سوق العقارات السكنية في المملكة المتحدة.
في سياق متّصل، يقتربُ بنك إنكلترا من معدّل الإرتفاع الأوّل له منذ 2007، ما سيتسبب في إحداث ضغط متزايد على معدّلات الرهن العقاري، وما سيؤدّي بدوره إلى تقويض تمويل قطاع الإسكان نتيجة لمعدل الأجور الضعيف.
علاوةً على ذلك، قد يدفعُ الإنتعاشُ السريع في أسعار العقارات السكنية إلى حدوث موجة بيع لها من قبل الأسر العادية، التي لا تزالُ تكافحُ من أجل توفير نفقاتها، خصوصاً في الأحياء المرتفعة الأسعار في لندن، حيث تقل قدرة الأسر على تحمل التكاليف في ظل ارتفاع الأسعار.
لذلك، ثمّة توقّعات تشيرُ إلى احتمال أن تعاني المملكة المتحدة إنهياراً في قطاع الإسكان، وهبوط في الأسعار يصلُ إلى 25٪ في 2015.
2. ارتفاع معدّل التضخم في اليابان إلى 5%
لا يحظى أيُّ شخصٍ بمزيدٍ من الخبرة في التعامل مع مختلف خطط التيسير النقدي، أكثر من الخبرة التي يتمتّعُ بها بنك اليابان؛ ولكن غلى الرّغم من العقود التي مرَّ بها، بدءاً من تحقيق القليل من النجاح وصولاً إلى عدم تحقيق أي نجاح، لا يزالُ يقاومُ هذه المرحلة.
وكما كانَ متوقّعاً، فشلّت خطّةُ رئيس الوزراء آبي المالية، المكونة من 3 محاور، في توفير كثير من متطلبات إنعاش الإقتصاد، إذ انخفضَت توقّعات النمو في 2014 وصولاً إلى 2016، وبدأ التضخم الإنحدار مرة أخرى. وفي الواقع، سيتلقى رئيس الوزراء ضربة أخرى مع حلول الذكرى السنوية الأولى لإرتفاع قيمة الضريبة المضافة في 2014، إضافة إلى التركيبة السكانية المتفاقمة والضغوط الانكماشية، والدخل الواقعي للأسر الذي يهبط رغم محدودية سوق العمل.
ووفقًا لتلك الظروف، تظهر لنا فرصة خارجية لإرتفاع معدّلات التضخم إلى 5٪ على الأقل في العام التالي في اليابان، وهذه النسبة من دون ضم الارتفاع الثاني لضريبة القيمة المضافة إلى هذا السيناريو. وستؤجج طباعة البنك المركزي الياباني المستمرة للأوراق المالية على نحو ودي، إذ ستصلُ نسبة الشراء وفقًا للمعدلات الحالية بواقع ما يقرب من 60٪ من أي إصدارات للسندات الحكومية الجديدة، ناهيك عن الأسهم والأصول الأخرى، أسعار الأصول وبالتالي ستزيد من ضغوط الأسعار.
في هذا السّياق، يدفعُ التراجع المستمر للينّ مقابل العملات الرئيسية الأخرى، خصوصاً الدولار الأميركي والأورو، إلى إرتفاع أسعار السلع والخدمات الواردة من الدول الأجنبية، الأمر الذي سيزيدُ معدّلات التضخم خلال أرباع السنة المقبلة. ولا يبدو أن هذا التراجع سينتهي نتيجة لعزوف المستثمرين الأجانب عن الأصول اليابانية، في انتظار الحصول على مزيد من الحوافز النقدية، ما يمثل خطرًا متزايدًا آخر يسبب حدوث التضخم. ولذلك، فالتوقعات تشيرُ إلى ارتفاع معدل التضخم ليصلَ إلى 5٪ في اليابان في السنة المقبلة.
3. الصين تخفض قيمة اليوان بنسبة 20%
في ظلّ محاولات الصين الأخيرة لإحتواء الوضع الحالي لقطاع الإسكان المحلي وفقاعة الائتمان، ستبحثُ عن أي وسيلة ممكنة لتخفيف ضغوط الإنكماش التي يتسم بها هبوط أي دورة ائتمان. كما تتفاقمُ الضغوط على الصين بشكل يتطلّبُ منها العمل لما يقرب من 3 سنوات متتالية على معالجة الانكماش في أسعار المنتجين المدفوع بالطاقة الزائدة والمكثفة. ولا تعني الارتفاعات القياسية في اليوان الصيني (من حيث قواعد التضخم المعدلة) شيئًا في هذه البيئة، خصوصاً في ظل ما تسجّلُه جارتها اليابان في الوقت ذاته من أسعار صرف منخفضة (أيضا من حيث قواعد التضخم المعدلة اعتبارًا من منتصف تشرين الثاني).
لذلك، فمن المتوقّع تحرّك الصين بسرعة وثبات في 2015 نحو خفض قيمة عملتها على مدار السّنة، لتنضمَّ إلى اليابان ودول أخرى في الكفاح العالمي لاستيراد التضخم. ويمثل ذلك بدايةً لسلسلة من عمليات تخفيض قيمة العملات الآسيوية والتعرض لخطر التجارة المعادية والعقوبات المالية مع اليابان.
4. انتهاء ولاية دراغي على البنك المركزي الأوروبي
لم يقترب أجل إنتهاء رئاسة ماريو دراغي للبنك المركزي الأوروبي، ولكن قد تكونُ فترة بقائه في منصبه كرئيسٍ للبنك المركزي الأوروبي محدودة إذا أصبحت موجة الضجيج والتسريبات الأخيرة هي الواقع الجديد في البنك المركزي. ويفترض بشكل عام أن الاقتصاد الأوروبي في الوقت الحالي أصبح ضعيفًا للغاية، إذ لا تتعدّى التسهيلات الكمية التي يقدّمُها البنك المركزي الأوروبي كونها منحة. ولكن قد يضطرُّ دراغي إلى ترك الساحة بغية إنجاح هذا البرنامج من بدايته.
وإليكم النظرية المتوقعة: انتهت فترة رئاسة دراغي، وبينما هو عائد إلى وطنه، إيطاليا، أرادَ الرئيس جورجيو نابوليتانو أن يتركَ منصبه في موعد أقصاه حزيران 2015. ويحتاج رئيس الوزراء رينزي، الذي يدير حكومة الأقلية، إلى شخصية مقبولة على نطاق أكثر اتساعًا لتحل محل الرئيس الطاعن في العمر، إذ يحتاجُ البرلمان الإيطالي إلى دعم مرشح يحصلُ على غالبية الثلثين.
وهل تكون المفاجأة الحقيقية في العام التالي أن يطلب رينزي ونابوليتانو من دراغي العودة إلى موطنه مرة أخرى لإنقاذ عملية الإصلاح وتأمين ولاية لفترة طويلة ليدفع أخيرًا بإيطاليا إلى طريق التقدم، وعلى الجانب الآخر يتولى ينس ويدمان رئاسة البنك المركزي الأوروبي على سبيل المبادلة وفقًا لما يراه كل من البنك الاتحادي الألماني/ألمانيا من السماح لبرنامج “QE-light” للمضي قدمًا تحت إشراف الرئيس الألماني، لا تحت إشراف عضوٍ من أعضاء كلوب ميد؟
فالسياسة هي فن تسوية الخلافات، وقد تكون هذه التسوية هي ما تحتاجه أوروبا تمامًا لاحتضان برنامج QE ولكنها جاءت في وقت متأخر، بل متأخر جدًا، ولكن كما يقولون في الأوساط الكلية، تخيل لو أننا لم نكن قد فعلنا ذلك.
5. روسيا تتعثر مجددًا
لا يزالُ لدى “ساكسو بنك” إيمان عميق بالوضع المحتمل في روسيا، الذي قد يدوم على المدى الطويل، والمتمثل في انخفاض أسعار النفط بنسبة 25٪، والصراع الدائر مع أوكرانيا. بينما يتّجهُ اقتصاد البلاد نحو الركود والعجز في الحساب الجاري حتى قبل توقيع العقوبات عليها.
أصبحت هذه المشكلات بمثابة حال طوارئ يجب التعامل معها في أقرب وقت ممكن، ولم تبرز خطورة هذه المشكلات في أي شيء أفضل ممّا برزت في انخفاض الروبل بنسبة 40٪ (مقابل الدولار الأميركي) هذه السّنة.
يمرُّ الاقتصاد الروسي بعاصفة حقيقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولا يمكن تخطي هذا الوضع إلا بدفع الشركات المملوكة للحكومة، أو بدفع الحكومة نفسها عجلة هذا الاقتصاد بشكل متقن، ليصلَ إلى حالته الطبيعية. قد يكون هذا جزءًا من التصعيد بين روسيا والاتحاد الأوروبي/الولايات المتحدة، وربما يكون ناتجًا عن عدم الحصول على التمويلات اللازمة.
فالشركات الروسية بحاجة إلى سداد ديون بواقع 134 مليار بين 2014 و نهاية 2015. ويتمُّ دعم ذلك بالطبع باحتياطات من العملة تبلغ 400 مليار دولار. وعلى الرّغم أنَّ هذا قد يكلّفُ روسيا بعض الوقت، قانون روتنبرغ من (سداد الأموال الضائعة بسبب العقوبات لأصحاب الأعمال الروسيين)، إضافة إلى تدخل الروبل، وعجز الحساب الجاري الوارد، والعجز الكبير في الموازنة (نقص عائدات الضرائب والنفط)، وزيادة احتمال عدم الحصول على تمويل من أسواق رأس المال، كل ذلك يعني أنَّ مبلغ 400 مليار دولار هذا قد يتحول إلى تغطية المصروفات النثرية فقط.
تعاني روسيا فعليًا على المدى الطويل القيم المخفضة في كل من الطاقة والتعدين وشركاتها وشعبها. ونتيجة لذلك، فإنَّ ما يحتاج إليه مستقبل الدولة هو بدء عهد جديد (كما في عام 1998)، وهي بحاجة أيضًا إلى الوصول إلى حل دبلوماسي في شأن الأزمة مع أوكرانيا.
6. عمليات القرصنة الإلكترونية تُدمر التسوق الإلكتروني
شهدَ العامان الماضيان تزايد نشاط القرصنة العدوانية على الشركات الكبرى – بداية من الحالات غير المؤذية نسبيًا، كاستهداف ملف كبير للصور الشخصية المشهورة في نظام “iCloud” الأساسي من “آبل” وانتهاءً بالقرصنة التي تستهدف كبار تجار التجزئة مثل “Target” و”Home Depot” الذين تم الكشف عن معلومات الملايين من معلومات بطاقات ائتمان العملاء لديهما. وفي 2014، شهدنا أيضًا الاختراق القوي التي عانته شبكة JP” Morgan” لأشهر عدّة، قبلَ أن تعرفَ الشركة أنَّ أنظمتها مخترقة. وظهرت 5 ملايين كلمة مرور لحسابات على Gmail على أحد المواقع الالكترونية الروسية. تتطلب مثل هذه الهجمات تعقيد استثنائيًا، بل وربما تكون حالة مدعومة نتيجة لاستخدام الولايات المتحدة العدواني والمتزايد للعقوبات المالية في مواجهاتها الجغرافية السياسية في كلّ أنحاء العالم. وفي 2015، من المتوقع أن تصبحَ الهجمات المخادعة الجديدة على أكبر الأطراف المشاركة في مجال التجارة الإلكترونية هي الصورة الأكثر انتشارًا وعدوانية. عانى موقع “Amazon.com” انخفاضاً بمعدل 50٪ من مغالاة فاضحة موجودة فعليًا، إضافة إلى تحول في اتجاهاته إذ إنه عانى انخفاضاً في معدلات النمو حتى ولو لم يكن بالضرورة أحد الضحايا المباشرين للقرصنة عينها، وذلك بالرغم من كونه أكبر متاجر البيع بالتجزئة والتجارة الإلكترونية وأكبر طرف مشارك مكافح في الخدمات المعتمدة على الإنترنت.
7. ثوران البراكين يدمر المحاصيل الزراعية
في 2015، سيثورُ بركان بارداربونجا في آيسلندا، ما سيؤدّي إلى انبعاث مزيد من غازات ثاني أوكسيد الكبريت السامّة بشكل غير مسبوق، والتي يمكن أن تغطي سماء أوروبا.
إنَّ ثوران ذلك البركان سيسبب تغيّر أحوال الطقس، وسيقلل الإنتاج العالمي من الحبوب، وسيؤدي إلى زيادة أسعار الحبوب إلى الضعف. ولحسن الحظ، فإنَّ هذه الزيادة الحادة تحدث بشكل جزئي فقط بسبب الانخفاض الفعلي في عمليات حصد الحبوب، تلك الزيادة التي تحدث بسبب المخاوف من تداعيات هذا الحدث، إذ تسرع البلدان الأقل تأمينًا للأغذية نحو تخزين المؤن.
ولا يتحدث أحد عن بركان بارداربونجا في آيسلندا، على الرّغم من أنَّ أكبر ثوران بركاني حدث في آخر 10 آلاف عام كان بسبب هذا البركان. ظل بارداربونجا يثور “بشكل هادئ” من دون توقف منذ نهاية آب، ولم يلق هذا الأمر اهتمامًا كبيرًا باستثناء عمليات التحليق بطائرات من دون طيار فوق المكان المحمي، إذ إنَّ الثوران لا يكون في صورة انفجارات، لكنه عبارة عن صخور منصهرة. وحتى الآن، ومع وجود أكثر من كيلومتر مكعب من الحمم البركانية المتطايرة في الهواء، فإنه يُعد بالفعل أكبر ثوران للحمم البركانية في آيسلندا منذ حدوث تصدع لاكي بين عامي 1783 و1784، إذ قذفَ البركانما يُقدَر بقيمة 14 كيلومترًا مكعبًا من الحمم البركانية، كما غطى سماء أوروبا الغربية بانبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت السامة. الجدير بالملاحظة أنَّ هذه الانبعاثات قد تكونُ قد ساهمت في ضعف ناتج محاصيل القمح عبر أوروبا، وتالياً فهي السبب في نقص الخبز الفرنسي، وهو الأمر الذي أشعلَ الأحداث التي أدّت إلى تفجّر الثورة الفرنسية.
وحتى الآن، ظل الثوران مقتصرًا على حدوث صدع طويل كبير أو شق في الأرض، ما تسبّبَ في خروج النيران منه بالقرب من بارداربونجا ذاته في منطقة “هولورون” وتسبب في تكوين بحيرة حمم بركانية غطت مساحة تزيد عن 70 كيلومترًا مربعًا في منتصف تشرين الثاني. يسبب الثوران انبعاث ثاني أوكسيد الكبريت بكميات تزيد عن الانبعاثات الناتجة من الصناعة في البلدان الأوروبية بأكملها. وفي الوقت ذاته، يتم تسجيل الانتشار الواسع للزلازل بشكل مستمر عبر فوهة البركان تحت النهر الجليدي الهائل لبارداربونجا ذاته، والذي يبلغ حوالي 80 كيلومترًا مربعًا، ما يعادل مساحة جزيرة مانهاتن تقريبًا.
إن فوهة البركان تهدأ بشكل سريع وتهدد بحدوث انهيارات إذ تخرج الصخور البركانية المنصهرة خارج الشق الأرضي المجاور في منطقة “هولورون”. يمكن أن يتسبب حدوث انهيار ما في حدوث مرحلة ثوران أكثر شدة وربما تحدث تغيرات مناخية خلال العام التالي أو خلال مدة تزيد عن ذلك.
8. عقود شراء الكاكاو المستقبلية تبلغ 5000 دولار أميركي للطن
الرهبة من الشوكولا – من أكل كلّ الشوكولا؟
يتزايدُ الطلب العالمي على الشوكولا، إذ تتحول الاهتمامات الغربية نحو الشوكولا وتزيد شهية الآسيويين إليه، في ظلّ النمو الاقتصادي الذي ينتقلُ بالكثير منهم إلى مصاف الطبقات المتوسطة.
تستمرُّ الشهية للشوكولا بين المستهلكين الصينيين في التزايد، لكنَّ الإستهلاك المقدّر لكل نسمة لا يزالُ عند نسبة 5% فقط مقارنة بالمستهلكين في أوروبا الغربية – وهي دلالة واضحة على أنَّ الطلب لن يحيد عن التزايد خلال الأعوام المقبلة.
فقد ساعد الإقبال المتزايد على الشوكولا الداكنة بين المستهلكين العاديين في الولايات المتحدة وأوروبا في حدوث زيادة في الطلب. تحتوي الشوكولا الداكنة على تركيز كاكاو بنسبة تصلُ إلى 70% مقارنة بنسبة 10% فقط في قطعة الشوكولا بالحليب في المتوسط.
يتطلب الطلب المتزايد زيادة الإنتاج، خصوصًا من أكبر المناطق نموًا في الإنتاج في العالم في غرب إفريقيا، إذ تنتج غانا وساحل العاج ما يصلُ إلى 70% من الإنتاج العالمي. ومن الممكن زيادة إنتاج ساحل العاج، الذي حقّقَ رقما قياسيًا العام الماضي، هذه السّنة؛ لكن على الرّغم من هذه التوقعات، فإنَّ عقود الكاكاو التجارية المستقبلية تدوم لمدة تقترب من 5 سنوات في المتوسط.
يعني ذلك أنَّ تغيير هذا الوضع لا يتطلّبُ الكثير من الجهد، وهي حقيقة تم تذكيرنا بها بقوة عندما تعرض المعروض من الكاكاو لاضطرابات في وقت سابق هذه السّنة بسبب المخاوف من انتشار فيروس الإيبولا.
ولكي تتم تلبية الطلب المتزايد ووقف عدم التوازن الآخذ في التنامي بين العرض والطلب، فإن منتجي الكاكاو يشترطون توفير أجواء مثالية تقريبًا لزيادة الإنتاج عامًا بعد عام.
وقد أدّى ضعف الاستثمار في إفريقيا إلى شيخوخة الأشجار وعدم استبدالها بسرعة كافية وهذا الأمر، بالإضافة إلى الموقف المالي غير المستقر لعدد من صغار المزارعين، ما يجعل مكافحة الانتشار المنتظم لمرض القرن الأسود أمرًا صعبًا بسبب نقص المال اللازم للرش الدوري.
إننا نرى خطورة العقود المستقبلية الشهرية من الكاكاو، والتي قد تبلغ 5000 دولار أميركي للطن، في بعض الأوقات خلال 2015. وهذا يمثل رقمًا قياسيًا جديدًا، إذ قد يتجاوز الرقم القياسي السابق الذي يعادلُ 3775 دولارًا أميركيًا للطن، والذي كان في آذار 2011، إثر اندلاع الحرب الأهلية في ساحل العاج، ما تسبب في انقطاع الإمدادات.
9. انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في 2017
من المحتمل فوز حزب الاستقلال في المملكة المتحدة بنسبة 25٪ من الأصوات في الانتخابات العامة البريطانية التي ستعقد في 7 أيار 2015، ليصبح ثالث أكبر حزب في البرلمان بشكل استثنائي.
وعلى الرّغم من ذلك، فبسبب تخلي المملكة المتحدة في المقام الأول عن النظام السابق، إذ كان يجبُ على أحد الأحزاب تصدر نتيجة الدائرة الانتخابية للفوز بالمقعد البرلماني الوحيد، جنى حزب الاستقلال فقط ثلث المقاعد على مستوى كل من المحافظين والعمال.
وعلى الرّغم من ذلك فحزب الاستقلال في المملكة المتحدة، الذي كانت حملاته الانتخابية في شأن السياسة الحزبية المناهضة للاتحاد الأوروبي والمناهضة للهجرة، كانَ قد عادل ميزان القوى وسمح بانضمام ديفيد كاميرون من حزب المحافظين إلى حكومة ائتلافية. لقد أصبح رئيس الحزب نايجل فاراجي نائب رئيس الوزراء، كما أن كاميرون يدعو إلى عقد الاستفتاء المخطط له حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في 2017. كما ارتفعت عوائد الذهب ارتفاعًا حادًا، وذلك وفقًا لما أشارت إليه استطلاعات الرأي إلى أنَّ غالبية الشعب البريطاني سيصوت على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي تمامًا في ظل وجود تلك الفرصة. وهذا ما يعزّزُ صحة توقعاتنا في شأن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي في 2017.
10. زيادة سندات الشركات إلى الضعف
لم يكُن هذا النمو في أوروبا بقدر إجراءات البنك المركزي الأوروبي عينه، والتي دفعت إلى انخفاض عائدات سندات الشركات في أوروبا. فلقد انخفض العائد على مستوى سندات الشركات غير الاستثمارية بشكل ملحوظ منذ فترة الأوج الذي بلغه في الربع الرابع من 2011.
وكمثال على ذلك، انخفضت عائدات البنك الملكي الاسكتلندي على قسيمته الثانوية المقومة بالأورو بنسبة 6.934٪ والمستحقة في نيسان 2018 من 13.6٪ في 29 تشرين الثاني 2011 إلى 2.2٪ في 17 تشرين الثاني 2014. ونتيجة لذلك، زادت سندات الشركات غير الاستثمارية بنسبة 46٪ على أساس إجمالي العائد عن أدنى نسبة وصلت إليها في 7 تشرين الأول 2011 أو نسبة 13٪ على أساس سنوي.
ومع ذلك، توشك فترة تمتع الحزب بمعدلات الائتمان العالية على الانتهاء إذ فشلت سياسات البنك المركزي الأوروبي الجديدة في تحقيق النمو لاستحالة تعويض السياسات النقدية لنقص النمو في القطاع الخاص.
ومن المتوقع أن يتسبب النمو الإقتصادي في التقليل من دفع المستثمرين بشكل متكرر للتساؤل عن السياسات العامة. فبينما تحافظ البنوك المركزية على سيادتها وعدم السماح بعوائد “الأوراق المالية المدعومة بأصول”، فلن يكونَ البنك المركزي الأوروبي المنقذ في سندات الشركات الأوروبية غير الاستثمارية إذ لا يدخل هذا في اختصاصاته، وبالتالي لن يسمحَ له البنك الاتحادي الألماني بكل بساطة بذلك.
وفي ضوء هذه الاتجاهات من التخبط في مؤشرات العوائد العالية في 2015، فسيُترك المستثمرون بمفردهم لمواجهة انخفاض السيولة وغلو الأسعار للخروج من هذه المواقف. ونتيجة للفشل في نهاية المطاف في الائتمانات ذات العائد المرتفع فستضرب موجات الأزمات مرة أخرى أسس الاقتصاد الأوروبي الضعيف.
وبينما يعد اشتمال “مؤشر ماركِت آي تراكس أوروبا كروس أوفر” على 75 مقايضة عجز ائتماني متساوية في شأن كيانات الشركات الأوروبية غير الاستثمارية الأكثر سيولة أفضل ما يعكس صحة قطاع سندات الشركات الأوروبية. وبالتالي فسيكون هذا المؤشر المقياس الذي نعتمد عليه لقياس التنمية في سندات الشركات الأوروبية غير الاستثمارية.
يتداول المؤشر فيما يقرب من نحو 350 نقطة أساسية وتشير توقعاتنا إلى انفجار المؤشر إلى 700 نقطة أساس على الأقل إذ يسعى المستثمرون للخروج منه.