Site icon IMLebanon

تراجع النفط السريع يذكر المصارف بكابوس الانهيار العقاري

DollarOIl
باتريك جنكينز

الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية، وتكاليف التغيير التنظيمي، والغرامات بسبب الغش في البيع، وفضائح التلاعب في الأسواق، تظهر إلى حد كبير في الماضي.

هذه المرة، هناك قطاع آخر يعاني سلسلة من الضربات. في غضون أشهر قضى انخفاض أسعار النفط على ما يصل إلى 25 في المائة من القيمة السوقية لشركات النفط الرئيسية. لكن هل يمكن القول إن الوقت لم يحن بعد حتى يبتسم المصرفيون فرحا بما يجري؟ هل يمكن لاضطراب سوق النفط أن يصبح كابوس المصارف المقبل؟

في الشهر الماضي كان هناك تلميح لما يمكن أن يحدث من أمور، عندما ظهر أن ويلز فارجو وباركليز معرضان لخسارة كبيرة محتملة على أحد قروض النفط – بالتحديد، 850 مليون دولار من التمويل تم منحه في وقت سابق من العام لدعم عملية الدمج بين شركتي النفط الأمريكيتين، سابين وفوريست.

وكانت المحاولات لتجميع القرض من عدة مصارف قد فشلت وسط تراجع أسعار النفط. بالتالي، المصرفان، اللذان تصدرا عملية جمع الأموال يجدان أن دفاترهما تشتمل على خسائر كبيرة في القيود، بحسب القيمة السوقية تُقدّر بما يصل إلى 40 في المائة.

منذ ذلك الحين، انهيار أسعار النفط ازداد سوءاً. في الأسبوع الماضي، وصل خام برنت إلى مستوى منخفض جديد هو الأدنى منذ خمس سنوات؛ بحدود 60 دولارا فقط. وهذا انخفاض بنسبة تبلغ نحو 50 في المائة عن ذروته في فصل الصيف. الارتفاع الطفيف يوم الإثنين – الناجم عن إغلاق محطتي تصدير في ليبيا – انعكس بحلول نهاية اليوم.

هذا الاتجاه يعد بشرى سارة بالنسبة للزبائن. والخاسرون الأكبر معروفون بالقدر نفسه – وهم، شركات النفط الرئيسية. الأمر الأقل وضوحاً، لكن يحتمل أن يكون أكثر ضرراً، هو التأثير في المصارف التي دعمت توسع الصناعة الهائل على مدى الأعوام القليلة الماضية.

ذلك التمويل لعملية الدمج بين سابين وفوريست لم يكُن سوى واحدة من بين عدة عمليات تمويل. فقد تصاعد تمويل النفط والغاز على مدى الأعوام القليلة الماضية، ليهمين على النهاية المحفوفة بالمخاطر في سوق السندات. ووفقاً لبيانات جمعها باركليز، تُشكل سندات الطاقة الآن نحو 16 في المائة من سوق السندات الخطرة البالغة 1.3 تريليون دولار – أكثر من ثلاثة أضعاف نسبتها قبل عشرة أعوام. ونحو 45 في المائة من القروض المجمعة من الدرجة غير الاستثمارية هذا العام كانت في مجال النفط والغاز.

لكن طلب المستثمرين لم يُطابق مستوى الصفقات، وهو ما أدى إلى نتيجة مثيرة للقلق، هي أن ما يصل إلى نصف التمويل واجب السداد، الذي تم في العامين الماضيين، ربما يصبح عالقاً في دفاتر المصارف، بحسب بعض المحللين.

ويسلط بحث جديد من شركة أليانس بيرنشتاين الضوء على المدى الذي أصبحت فيه المصارف الأمريكية مكشوفة. مصرف ويلز فارجو يتصدر القائمة. فقد شارك في القروض من الدرجة غير الاستثمارية بقيمة 37 مليار دولار منذ عام 2012 حتى عام 2014. وحده مصرف جيه بي مورجان، مع 31.7 مليار دولار من الصفقات، قريب منه.

باركليز والمصارف البريطانية المشابهة، وهما إتش إس بي سي ورويال بانك أوف اسكتلاند، تعتبر منخفضة نسبياً في الترتيب التسلسلي، مع ما بين 11 مليار دولار و12 مليار دولار لكل منها. في الوسط توجد خمسة من المصارف الأخرى في أمريكا الشمالية ومصرف ميتسوبيشي يو إف جى في اليابان.

هناك وجهة نظر متفائلة عن انخفاض أسعار النفط – وهي أن هذه مجرد طريقة تتصرف بها الأسواق وأن الأسعار ستتعافى في الوقت المناسب.

لكن بالنسبة لكثيرين سعر النفط البالغ 60 دولارا يبدو أنه سيكون هو الوضع السائد. الطلب المنخفض سيستمر لأعوام، بسبب الآفاق الضعيفة بالنسبة للصين وأوروبا، في حين أن العرض قد توسّع بسبب إنتاج النفط الصخري المزدهر في الولايات المتحدة وارتفاع إنتاج منظمة أوبك بعناد. إذا كان هذا الرأي صحيحاً، فهناك أوجه تشابه صارخة مع انهيار سوق العقارات الأمريكية الذي بشّر ببداية الأزمة المالية العالمية عام 2008 – وقلب المصارف رأساً على عقب على طول الطريق. هناك احتمال كبير في أن المصارف التي لديها تعاملات في النفط على دفاترها قد تبقى عالقة مع خسائر كبيرة.

مع ذلك، المصارف التي لديها أكبر الأمور على المحك في هذه السوق عالية المخاطر تعد من بين المصارف التي تتلقى أعلى التقديرات من المستثمرين.

ويلز فارجو، وهو واحد من المصارف ذات القيمة الأعلى في العالم، تمتع بارتفاع سهمة بنسبة بلغت 23 في المائة هذا العام. ومن المغري الاعتقاد أن الوقت قد حان منذ فترة لا بأس بها لأن يفقد الحظوة – مثل غيره من المصارف المحبوبة الأخرى في السوق المصرفية ما بعد الأزمة، ولا سيما ستاندر تشارتر وبي إن بي باريبا. وإذا كانت تعاملات ويلز فارجو تتماشى مع متوسط تقديرات الصناعة، فإن هذا قد يعني خسارة محتملة تبلغ ثمانية مليارات دولار.

من ناحية أخرى، مصرف ويلز أصبح آلة ربحية إلى درجة أنه بالنظر إلى نمو أرباحه الحالي، من الممكن أن يستعيد مثل هذا المبلغ في غضون خمسة أشهر. لكن هناك مصارف أخرى ربما لا تكون محظوظة بهذا الشكل.

لذلك، استعراض العضلات الأخير من المنظمين جاء في وقته. في الولايات المتحدة يمارس “الاحتياطي الفيدرالي” مزيدا من التشديد على نسبة رأس المال المطلوبة من المصارف. وفي الأسبوع الماضي كشف عن 22 مليار دولار تمثل نقصا في رأس المال في جيه بي مورجان وحده. ومن المقرر أن يقدم بنك إنجلترا تقارير عن نتائج اختبارات الإجهاد للمصارف البريطانية. كذلك من المتوقع أن يركز تقرير الاستقرار الذي سيصدر عن لجنة السياسية المالية التابعة لبنك إنجلترا على أسعار النفط، من بين قضايا أخرى.

لم يحن الوقت بالنسبة للمصارف حتى تقول إنها تريد وضع المشكلات وراء ظهورها.