رائد الخطيب
لم تعد الأسعار الملتهبة لمادة البنزين هاجساً يطاردُ اللبنانيين، بل بات جدول تركيب الأسعار منتظراً، خصوصاً أنَّ التراجعَ هو المسيطر على السوق المحلية بدءاً من حزيران الماضي، مع تراجع أسعار النفط العالمية منذ ذلك التاريخ بنحو 40 في المئة،
فأمس، وصلت أسعار البرنت الى نحو 59 دولاراً، قابلها سعر صفيحة البنزين 25300 ليرة 95 اوكتان الذي يستحوذ على 80 في المئة من الاستهلاك المحلي، وبتراجع نحو 9200 ليرة عن حزيران حين وصلت الصفيحة الى 34500 ليرة. وهذا يعني ان الحد الأدنى للاجور البالغ 675 الف ليرة، كان يعادل بقيمته نحو 19،5 صفيحة بنزين، فيما بات اليوم يعادل 26،6 صفيحة أي بفارق 7 صفائح بنزين.
هذا «المكسب» الجديد، وان اضاف نوعا من البحبوحة الى المواطن، لكنه ليس كذلك بالنسبة الى خزينة الدولة التي تعوّل على عائدات المشتقات النفطية ولا سيما من مادتي البنزين 98 اوكتان و95، والتي تقدّر بنحو 1250 مليار ليرة، منها 480 مليار ليرة رسوما جمركية ونحو 680 مليار ليرة الضريبة على القيمة المضافة.
ويقدّر الخبير الاقتصادي غازي وزني خسارة الدولة بحدود 250 مليار ليرة كمعدلٍ وسطي. فيما تقدر رئيسة شركة «الوردية القابضة« للمحروقات، دانيا نكد، الخسائر بنحو 400 مليار ليرة. لكن الباحث الاقتصادي، محمد شمس الدين، يعتبر أنَّ انخفاض اسعار المحروقات سيوفر قوة شرائية جديدة لدى المواطنين قد تؤدي الى زيادة معدلات الاستهلاك وتعوض تقلص ايرادات الضريبة على أسعار المحروقات.
والأهم، بحسب شمس الدين، هو في ما ستوفره الدولة في عملية شراء الوقود لزوم معامل انتاج الكهرباء، والتي تبلغ فاتورتها نحو ملياري دولار، حيث ان الوفر سيصل الى نحو مليار دولار. ولفت شمس الدين الى أنَّ ما يستورد من مشتقات نفطية لصالح السيارات الحكومية أيضاً سيكونُ فيه وفر كبير على «جيبة الدولة».
وتشكل فاتورة البنزين نحو 35 في المئة من مجمل الفاتورة النفطية في لبنان، وتستهلك السوق المحلية ما معدله بين 250 الف صفيحة بنزين و300 ألف يومياً أو ما يعادل نحو 5 ملايين ليتر في اليوم.
ويتألف سعر الصفيحة في السوق المحلية من: ثمن البضاعة، ونوعين من الرسوم الداخلية والجمركية، ومن حصة شركة التوزيع، وعمولة صاحب المحطة، وأجرة النقل، والضريبة على القيمة المضافة. وفي حين ان حصة شركة التوزيع، وأجرة النقل، وعمولة صاحب المحطة هي من الثوابت في جدول تركيب الأسعار، فإن ثمن البضاعة والرسوم والضريبة على القيمة المضافة (10في المئة)، تتحرك وتتغير مع تغير أسعار النفط ومشتقاته في الأسواق العالمية.
وتشكل الرسوم والضريبة على القيمة المضافة نحو 37،2 في المئة من السعر الإجمالي للصفيحة، ويبلغ سعر طن البنزين الآن نحو 533 دولاراً واصلاً الى لبنان متراجعاً عن 1440 دولاراً بلغه في حزيران 2014. وتتم عمليات الاستيراد بواسطة 14 شركة اعضاء في مجموعة «ابيك«، ويخضع الاستيراد لقوانين صارمة تخص نوعية المنتج.
وتقول نكد، إنَّ خسارة الدولة هي في ضريبة القيمة المضافة، أي الـ10 في المئة. فالرسوم تراجعت من 13900 ليرة في حزيران الماضي الى نحو 8400 ليرة اليوم، ما يعادل نحو 5500 ليرة. وبحسب نكد، فان خسارة الدولة وصلت الى نحو 400 مليار ليرة منذ بدء التراجع، أو ما يعادل 1،3 مليار ليرة يومياً.
وتضيف نكد أن الخسارة الاكبر هي للشركات المستوردة للنفط، والتي لا يمكنها أن تخزن مدة تزيد عن الشهر، و«طبعاً ستتأثر الشركات مع كل انخفاض«. وتوقعت انخفاض الصفيحة الأسبوع المقبل نحو 1100 ليرة.
كتاب تجمع شركات النفط
إزاء هذه التطورات المتسارعة، والخسائر التي تتكبدها الشركات النفطية، فإنَّ تجمع الشركات المستوردة للنفط ارسلت كتابا عاجلا الى وزير الطاقة آرثور نظريان، حصلت «المستقبل» على نسخةٍ منه، طالبت فيه الشركات باسترداد 80 ليرة من حصتها، تفادياً من وقوعها في خسارات. كما طالبت باستبدال مرجعية الكثافة النوعية Reference Density، وتعديل جعالة شركات التوزيع داخل الجدول لتتناسب مع زيادتي غلاء المعيشة، وتحديث عنصر جدول تركيب اسعار المشتقات النفطية.
وجاء في الكتاب «لما كان تجمع الشركات المستورة للنفط قد سبق له ان قدم الى وزارة الطاقة والمياه مجموعة من الدراسات والوثائق التي تثبت وتؤكد الحاجة الى اقرار الزيادات التي طرأت على غالبية عناصر التكلفة في الجدول والتي لم يتم تعديلها مطلقاً منذ العام 2002.
ولما كانت اسعار كلفة المنتجات النفطية المستوردة الى لبنان لحاجة الاستهلاك المحلي، قد شهدت في الآونة الاخيرة تغييرات حادة مما انعكس تغايرات مماثلة في اسعار المبيع للمستهلك، حيث كبدت هذه التغييرات الحادة شركاتنا خسائر باهظة اثمرت سلباً على امكاناتنا في ادارة المخزون من هذه المنتجات تأميناً لاحتياجات سوق الاستهلاك المحلي.
وحفاظاً على استمرارية عمل شركاتنا وديمومة عمل اجرائها، يتوجه تجمع الشركات المستوردة للنفط عبر هذا الكتاب بالطلب من معاليكم المبادرة الى تعديل بعض عناصر الجدول الواردة ادناه، بما ينصف هذه الشركات ويحافظ على حقوقها، ويؤمن مصالحها المشروعة.
1- استرجاع 30 ليرة لبنانية التي كانت قد اقتطعت من حصة الشركات المستوردة للنفط في جدول تركيب الأسعار الأسبوعي الذي تصدره وزارة الطاقة، حيث بتاريخ 16/10/2012 تم هذا الاقتطاع من حصة الشركات المستوردة للنفط المحددة في جدول تركيب الاسعار الاسبوعي الذي تصدره وزارة الطاقة لمصلحة قطاع النقل.
2- استبدال مرجعية الكثافة النوعية «Reference Density» التي يتم الارتكاز عليها كمرجعية في طريقة احتساب السعر في جدول تركيب الأسعار الاسبوعي لكي تصبح 0،755 بدل 0،750 لمادتي البنزين و0،845 بدل 0،840 لمادة المازوت حيث على مدى السنوات الماضية تم الاحتساب على اساس 0،750 لمادتي البنزين و 0،84 لمادة المازوت وانه منذ العام الذي تلي صدور الجدول يتم شراء مادتي البنزين على اساس 0،755 ومادة المازوت على اساس 0،845 فقط.
3- زيادة جعالة شركات التوزيع داخل الجدول بما يتناسب مع الزيادات على غلاء المعيشة التي لحقت هذه الشركات منذ العام 2002 حيث انه لم يتم تعديل حصتها منذ العام 2003 ولغاية تاريخه رغم زيادتي الأجور التي طرأت في العام 2006 ولعام 2012 والتي تم تطبيقها بالكامل من قبل الشركات والتي شكلت اعباء كبيرة على كاهل الشركات وأدت الى تآكل الجزء الأكبر من جعالتها.
4- وضع حد اقصى للتغيير الاسبوعي السلبي في عنصر سعر التكلفة في جدول تركيب الأسعار حيث تقترح ان يكون هذا الحد في حدود 500 ليرة لبنانية للأسبوع الواحد.
(ان تطبيق مثل هذا الاجراء يحافظ على مبدأ انعكاس الأسعار العالمية المنخفضة على سعر المبيع للمستهلك لكن على فترة اطول من اسبوع واحد مما يؤدي الى امتصاص اية تغيرات سلبية حادة بشكل تدريجي).
5- تحديث عناصر جدول تركيب الاسعار الحالي بزيادة الجعالة بما يتناسب مع الزيادات التي لحقت بهذه العناصر منذ العام 2002 حيث انه لم يتم تعديله منذ العام 2003 ولغاية تاريخه رغم تطور عناصر التكلفة العالمية سلباً التي ادت الى تآكل الجزء الاكبر من جعالة الشركات المستوردة للنفط«.