IMLebanon

أسعار المواد الغذائية تتراجع متأثّرة بانخفاض أسعار النفط تراجع تدريجي يصل إلى 20 و30% في أول السنة الجديدة

FoodMarket
سلوى بعلبكي

منذ أن بدأت اسعار النفط تتراجع عالمياً، بدأ اللبنانيون يترقبون تراجع اسعار السلع والمواد التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بهذه المادة الحيوية. ولكن يبدو وفق المعنيين، أن ما ينتظره المواطنون لن يتحقق فورا بل تدريجيا بدءا من السنة المقبلة.

انخفاض الأسعار مسألة حتمية إذا ما استمر انخفاض اسعار النفط، ولكن هذا الانخفاض سيكون تدريجاً في لبنان، على اعتبار أنه لدى التجار مخزون يكفي لشهرين أو ثلاثة، وتاليا لن يعمدوا الى خفض اسعارها بالنسب عينها لإنخفاض اسعار النفط، وفق ما يشرح نقيب تجار مال القبان ارسلان سنو. وبمعنى آخر يقول “ان التاجر الذي لديه مخزون في المستودعات سيبدأ خفض اسعارها تدريجاً في موازاة شرائه بضائع جديدة وذلك حتى يمتص المخزون الذي لديه الى ان تستقر الأسعار بعد تصريفه للمخزون”.
وفي الحديث عن المواد الغذائية التي سيشملها الخفض، يشير سنو الى نوعين من هذه المواد: سوق المواد الزراعية مثل الذرة والحبوب والزيوت التي بدأنا نلحظ انخفاض اسعارها فوراً، فطن القمح كان سعره 340 دولاراً فأصبح 270 دولاراً، فيما انخفض سعر طن الزيوت من 930 دولاراً للطن الى 870 دولاراً، وكذلك الحال بالنسبة الى الذرة والشعير وغيرها من الحبوب التي بدأت اسعارها في الانخفاض. اما النوع الثاني فهو سوق المواد الصناعية التي لن نلحظ انخفاض اسعارها الآن، لسبب بسيط وهي أنها تحتاج على الاقل الى 3 اشهر لكي يتم تصنيعها وطرحها في الاسواق على اساس الاسعار الجديدة.
بالنسبة الى المواد الغذائية التي تدخل ضمن تجارة “مال القبان”، شهدت وفق سنو ارتفاعاً بالأسعار في الاعوام الماضية، ما حدا بالمنتجين الى تحسين نوعية انتاجهم تكنولوجياً، وهذا اثر على تحسين نوعية الانتاج، فعمدوا الى زيادة العرض، وتالياً الى انخفاض الأسعار تلقائياً.
ولكن في مقابل العوامل العالمية التي ستساهم في خفض الاسعار، يلفت سنو الى عوامل داخلية يمكن ان تلجم هذا الانخفاض او لا تجعله ينخفض بالنسب العالمية. ومن هذه العوامل، يشير الى مسألة التشدد في المراقبة والقرارات التي صدرت اخيرا بفحص كل المنتجات المستوردة، ما ادى الى زحمة وتراكم الفحوص في المختبرات ويؤدي في الكثير من الاحيان الى عدم صدور النتائج في فترة السماح المحددة للتجار بأسبوع واحد، وهذا الامر يضطرهم الى دفع غرامات تخزين يضيفونها الى كلفتهم. عدا عن زحمة السير وتنظيم حركة الشاحنات (نقلة واحدة يومياً). الا انه ورغم كل هذه المعوقات يتوقع أن تنخفض الاسعار بين 20 و30%، بدءاً من اول السنة المقبلة حتى شباط.
هل يمكن أن ينسحب انخفاض الأسعار على اللحوم؟. يقول سنو: “بما ان اسعار الذرة والصويا ستنخفض، فإن اسعار الدجاج في المزارع اللبنانية ستنخفض حتماً، وهذا يشجع اللبنانيين على استهلاك “الفروج” والتخفيف من استهلاك اللحمة التي سينسحب عليها انخفاض الاسعار نتيجة زيادة العرض وانخفاض الطلب”.
ومسألة تراجع الاسعار يؤكدها كذلك النقيب السابق لمستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية والمشروبات جوزف عور الذي اعتبر انه اذا انخفضت اسعار النفط، فإن اسعار العديد من السلع والمنتجات ستنخفض حتما، خصوصا تلك التي تعتمد في صناعتها على الفيول والمازوت. وسيكون لانخفاض اسعار النفط انعكاسات غير مباشرة تصب في مصلحة انخفاض اسعار الغذاء، منها ان مدخول الدول الغنية بالنفط سيتقلص وتالياً سيخف الطلب على الاستهلاك لديها، يضاف الى ذلك عامل انخفاض اسعار الشحن والنقل بحراً وجواً وبراً، خصوصاً من الدول البعيدة مثل الصين والولايات المتحدة. وكذلك سيشمل الانخفاض اسعار الكرتون والورق والتعليب. كل هذه العوامل تشكل سلسلة مترابطة، تؤثر بعضها على بعضها الآخر بما يجعل الاسعار تنخفض حتماً.
أمام هذا الواقع يتوقع عور ان تنخفض اسعار المواد الغذائية بين 10 الى 15% تدريجاً، على ان نلحظ انخفاضاً أكبر في أول ثلاثة اشهر من السنة المقبلة إذا بقيت اسعار النفط بحدود 60 دولاراً للبرميل كما هو اليوم، لأن مخزون التجار الذين اشتروا بأسعار مرتفعة وعلى سعر صرف أورو مرتفع يكون قد شارف نهايته، وتاليا فإن مشترياتهم الجديدة ستلحظ الانخفاض بكل العوامل التي ذكرناها سابقاً. علماً أننا بدأنا نلحظ نسب الانخفاض هذه في لبنان والدول الأوروبية والولايات المتحدة واليابان.
هل سيشمل انخفاض الاسعار كل السلع والبضائع؟ ليس بالضرورة، يقول عور “مثلا استبعد ان يشمل الانخفاض البندق مثلا وغيره من الحبوب التي كان موسمها عاطلاً جداً في الموسم الماضي. ولكن بالتأكيد ستنخفض اسعار الاسمنت عالمياً والصلب وحديد البناء وغيرها، لأن صناعتها تعتمد على نحو اساسي على الفيول ومشتقاته، إضافة الى كل المواد والسلع التي تعتمد على الاستخدام الكبير للفيول”.
ومن البديهي ان يؤثر انخفاض الاسعار على ارباح التجار سواء تجار المأكولات أو تجار سلع أخرى، ولكنه ليس العامل الوحيد، وفق عور الذي يشير الى عوامل أخرى داخلية ومنها سوء الأوضاع في لبنان على كل الصعد، سياسية كانت او أمنية أو اقتصادية، التي قلّصت حجم الأسواق الداخلية وخلقت خللاً في الأسواق في ظل المساعدات الانسانية المجانية لمئات الالوف من اخواننا السوريين وغيرهم من النازحين، والتي تستورد مباشرة عبر المنظمات الدولية وليس عبر التجار اللبنانيين في السوق المحلية والتي في بعض الاحيان يبيعونها بأسعار زهيدة يضاربون بها التجار اللبنانيين.