Site icon IMLebanon

ضغوط تراجع الأسعار تؤرق شركات صناعة النفط العملاقة

OilReserves1
كريستوفر آدامز وإد كروكس

شركات النفط الكبرى الدولية، خاصة تلك التي تدير صناعة وملاحة الناقلات العملاقة، من الصعب عليها الالتفاف في عجلة من أمرها، لكنها منذ فترة مضطرة إلى رسم مسار جديد، حيث إن تراجع أسعار النفط يعمل على تغيير وجه صناعة الطاقة.

انخفاض أسعار النفط، التي تراجعت بأكثر من 45 في المائة منذ منتصف حزيران (يونيو)، يضغط على حركة النقد لديها، ما يضطرها إلى خفض التكاليف وتقليص الإنفاق. ومن المتوقع أن يعلن أكثرها عن تخفيضات كبيرة للنفقات الرأسمالية مع نتائجها للعام بأكمله في عام 2015

وحتى بالنسبة لشركة ضخمة مثل إكسون موبيل، فإن الآفاق قاتمة. ويقدر فاضل غيث من “أوبنهايمر” أنه عند أسعار نفط تبلغ نحو 65 دولارا للبرميل يمكن أن تواجه “إكسون” عجزا نقديا قدره 15 مليار دولار سنويا.

وقال “إذا بقيت هذه الأسعار مستمرة لمدة سنتين، فإن هذا سيشكل فجوة 30 مليار دولار. وسيحدث ذلك أضرارا، حتى بالنسبة لشركة إكسون”.

في نواح كثيرة، الشركات الكبرى في وضع أفضل بكثير من منافساتها الأصغر، من حيث الصمود في وجه الاضطرابات المقبلة، فمكاسبها أقل تقلبا بكثير، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن لديها عديدا من مصادر الدخل بما في ذلك المصافي التي تستفيد من انخفاض أسعار النفط الخام.

وهي تعتبر أقوى من الناحية المالية، مع قروض أقل وتصنيفات ائتمانية أفضل. ويمكنها الاستفادة من انخفاض الأسعار للاستحواذ على شركات وأصول بأسعار منافسة من الشركات الصغيرة التي تضطر للبيع.

الشركات الكبرى أيضا أكثر قدرة على استيعاب تقلبات الأسعار على المدى القصير، عموماً، بسبب الآفاق الزمنية الطويلة جدا التي تعمل عليها.

حقول النفط التي اكتُشِفت في آلاسكا وبحر الشمال في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات لا تزال تشكل أصولا قيّمة. بدأت شركة شيفرون في وقت سابق من هذا الشهر الإنتاج في مشروع جاك سانت مالو في خليج المكسيك. وقد تم اكتشاف حقل سانت مالو للمرة الأولى في عام 2003.

بات يارنجتون، كبيرة الإداريين الماليين في شركة شيفرون، سلطت الأضواء على هذه النقطة في مكالمة مع محللين في نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، حيث قالت: الشركة “اتخذت رؤية طويلة الأجل حول الأسعار” – واستثماراتها “ستستمر لعقود”.

وقالت “إننا لا نزال نعتقد أن الطلب العالمي على النفط والغاز الطبيعي سينمو، في حين إن المصادر الحالية للإمدادات ستنخفض حتما”.

وحتى مع ذلك، فإن تأثير انخفاض الأسعار الحالي سيكون كبيرا. في بعض الحالات، سيكون انخفاض حركة النقد غير كاف لتغطية الإنفاق الرأسمالي.

ومن غير المرجح أن يكون هناك كثير من التحسن في الأسعار في المستقبل، إذا أردنا الاسترشاد بتوقعات الأسعار على المدى الطويل. انخفض متوسط سعر مزيج برنت المتداول دوليا للتسليم في غضون خمس سنوات من نحو 94 دولارا للبرميل في حزيران (يونيو) إلى نحو 76 دولارا هذا الأسبوع.

شركات النفط هي الأكثر احتمالا للاستجابة لانخفاض الأسعار عن طريق الحد من الاستثمار. القرارات بشأن مشاريع جديدة بتكلفة أعلى، من المرجح أن يتم تأجيلها، في مجالات مثل الرمال النفطية الكندية وبحر الشمال.

محللو الصناعة برسم مقارنات مع انهيار السعر في فترة 2008-2009، عندما حلّت الأزمة المالية وكان رد فعل الصناعة من خلال خفض الإنفاق الرأسمالي بأكثر من 90 مليار دولار أو نحو 20 في المائة.

لم يكن هبوط أسعار النفط هذا العام حتى الآن بالحدة التي كان عليها عندما هوى السعر من ذروة بلغت 147 دولارا في تموز (يوليو) 2008، إلى أقل من 33 دولارا في كانون الثاني (يناير) عام 2009.

ومع ذلك، تعتبر شركات النفط الكبيرة في موقف أضعف الآن مما كانت عليه قبل ست سنوات، لأن تكاليفها تواصل ارتفاعها وهوامش أرباحها قد تقلصت.

كثير منها كان بالفعل يحد من إنفاقه، استجابة لنداءات المساهمين للتصرف في وجه ارتفاع التكاليف والعوائد الضعيفة على رأس المال، ولكن بعد أن فقد مسند ارتفاع الأسعار، يجب عليها الآن الحفر أعمق. يقول سيمون فلارز في “وود ماكينزي” لاستشارات الطاقة: “ستضطر الشركات جميعا إلى تخفيض ميزانياتها”.

الخطر هو أن تأثيرا مدمرا على حركة النقد سيجعل من الصعب تغطية توزيعات الأرباح. الأرباح، على حد تعبير أحد كبار التنفيذيين في النفط، أمر “غير قابل للتفاوض”، إلا أن حسابات بنك مورجان ستانلي تشير إلى أن غطاء الأرباح يبدأ في الاختفاء من جزء كبير من قطاع الطاقة، عندما تصل أسعار النفط إلى 70 دولارا أو أقل.

تخفيضات الأرباح من قبل شركات النفط الكبرى أمر نادر للغاية. حيث خفضت “إيني” الإيطالية توزيع الأرباح في ذروة الأزمة المالية، وعلقت “بريتيش بتروليوم” عملية توزيع الأرباح لديها، خلال أزمة ديب ووتر هورايزن في عام 2010.

وعلى الرغم من ذلك، لم تخفض شركة شل توزيعات أرباحها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

إعادة شراء الأسهم تعتبر عملية تخفيضها أسهل بكثير، ومن المحتمل أن تختفي. شركات النفط والغاز في الولايات المتحدة تخصص مبلغ 35.4 مليار دولار في عمليات إعادة الشراء هذا العام، وفقا لوكالة ديلوجيك. ومن المتوقع أن يتضاءل ذلك إلى نحو الصفر في العام المقبل، كما فعلت في عام 2009.

بالنسبة للشركات التي تعاني انخفاضا في المديونية، فإن الاقتراض الإضافي سيكون وسيلة أخرى لتغطية المدفوعات. يمكن لشركات النفط الكبرى أيضا بيع الأصول، حيث اتخذت شركات مثل شيفرون وبريتيش بتروليوم وشل وغيرها بالفعل هذا الإجراء. ومع ذلك، فإن وجود خام رخيص يعني أنه سوق للمشترين، وستكون الشركات مترددة في السماح بفقدان الأصول إلا إذا كانت مضطرة لذلك. بالنسبة لشركة شل، فإن هدفها لأجل عامين، هو التخلص من 15 مليار دولار من الأصول، وهو هدف يمكن تحقيقه بحلول نهاية هذا العام، بافتراض نجاح بيع أعمالها في نيجيريا.

ومع ذلك، فإن مزيدا من المبيعات في مرحلة ما قبل الإنتاج قد يكون من الصعب تحديده، وبالتالي فإن التركيز سيتحول إلى الوفورات في التكاليف: ميزانيات التشغيل، بما في ذلك التوظيف والعقارات وأنظمة تقنية المعلومات، والإنفاق الرأسمالي ستكون جميعها في الإطار.

الشركات الأخرى في مواقف مماثلة. فقد خفضت شركة كونوكو فيليبس الإنفاق الرأسمالي المتوقع لها لعام 2015 بنسبة 20 في المائة.

وأشارت “بريتيش بتروليوم” الأسبوع الماضي إلى تخفيضات إضافية في النفقات الرأسمالية في العام المقبل. شركة توتال، التي أصبحت في العام الماضي واحدة من أولى شركات النفط الكبيرة التي تشير إلى تخفيضات في الإنفاق الرأسمالي، تعتزم الآن خفض مزيد في العام المقبل.

ومن المحتمل أن يكون هناك تأخير في تسليم المشاريع ومبيعات الأصول، على الرغم أن من “توتال” لا تزال ملتزمة بحزم بمشروع يامال للغاز الطبيعي المسال في سيبيريا، الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار الذي تعمل على تطويره مع “نوفاتيك” الروسية.

وستحاول شركات النفط الكبرى تمرير أكبر قدر ممكن من الألم إلى صناعة خدمات النفط التي توفر لها الحفارات وغيرها من المعدات والوظائف. وهذا، بدوره، قد يؤدي إلى موجة من عمليات الاندماج بين شركات التوريد.

ومع ذلك، في الوقت الذي تحاول فيه شركات النفط الحد من الانفاق، سيكون هناك قدر كبير لا يمكنها خفضه، لأنها ملتزمة باتفاقيات سابقة في عمليات تطوير تمتد طوال عدة سنوات. المشاريع الأصغر وأكثر مرونة، بما في ذلك عمليات النفط الصخري الأمريكي، من المرجح أن يتم تخفيضها أولا.

يقول مارتين راتس من بنك مورجان ستانلي، “عندما تحدث مثل هذه الأمور، تغيّر شركات النفط النفقات الرأسمالية التي يمكن أن تتغير بسرعة، (لكن) إذا كان هناك مشروع كبير ضمن اقتصادات فقيرة، فسيكون من الصعب وقفه”.