طوني رزق
تتحرك أسعار الذهب حالياً بتأثير من الأنباء الآتية من روسيا ومن الولايات المتحدة الاميركية. فالأولى تسعى لاستخدام الذهب بغية توفير السيولة بالعملات الصعبة ودعم الروبل، والثانية تتوجّه الى رفع أسعار الفائدة. فهل ينقذ الذهب الروبل بعدما فشل في رفع الفائدة الروسية الى 17 في المئة؟
بعد عجز الخطوة الروسية المفاجئة برفع أسعار الفائدة الى اكثر من 17 في المئة في محاولة لوقف تدهور الروبل، يبدو انّ الخطوة التالية لمعالجة الاقتصاد الروسي الذي تضرر كثيراً من تدهور اسعار النفط ومن العقوبات الغربية سوف تكون اللجوء الى بيع الذهب. ولدى روسيا حالياً 1169,5 طناً من الذهب بحسب تصريح من البنك المركزي الروسي خلال الشهر الماضي، أي نحو 10 في المئة من احتياطياتها الاجنبية.
وكانت روسيا قد أضافت الى رصيدها الذهبي 150 طناً هذا العام، غير انه ومع تراجع السيولة الى أدنى مستوى لها في خمسة اعوام وبعد أن أنفقت الحكومة أكثر من 80 مليار دولار لإبطاء تدهور الروبل، فإنّ العملة الروسية تابعت تراجعها لتنخفض اكثر من 50 في المئة هذا العام، وأدى ذلك الى خسارة روسيا لجزء من العملات الصعبة التي هي بحاجة اليها لمواجهة العقوبات الغربية.
قرأ الكثيرون عودة الذهب الى التراجع كنتيجة لمراهنات في الاسواق، على انّ روسيا سوف تبيع الذهب من احتياطها. واذا ما أقدمت فعلياً على بيع الذهب فإنّ الاسعار سوف تسجّل المزيد من الهبوط في الفترة المقبلة. وكان الذهب قد تراجع بنسبة 23 في المئة في العام 2014.
وكانت روسيا قد زادت ثلاثة اضعاف احتياطها من الذهب منذ العام 2005، ويمكنها استخدام بيع الذهب لدعم موجوداتها النقدية من العملات الاجنبية او استخدامه كضمانة في التعاملات الدولية. وكان الذهب قد تراجع بنسبة 8,4 في المئة خلال الفصل الثالث من العام 2014 نتيجة تحسّب الاسواق لأيّ احتمال رفع اميركي لأسعار الفائدة مع تحسّن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الاميركية. وقد بدأ البعض يقول في الكواليس انّ روسيا قد بدأت فعلياً في بيع الذهب، او على الاقل إنها الآن في طور عقد الاتفاقات لبيعه…
حركة الاسواق المالية
للمرة الاولى منذ سبعينات القرن الماضي اعتمدت السلطات النقدية السويسرية سياسة أسعار الفائدة السلبية لتصبح كلفة الودائع المصرفية تحت الطلب 0,25 في المئة، على أن يبدأ سريان مفعول هذا القرار في 22 كانون الثاني من العام 2015.
وجاء القرار السويسري بعد موجة إقبال عالمية على شراء الفرنك السويسري في تداعيات للأزمة الروسية والمخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، والتي تستدعي سياسات أكثر جرأة لتحفيز النمو. ويبقى الهدف السويسري هو عدم تراجع اليورو عن مستوى 1,20 فرنك سويسري.
امّا في الولايات المتحدة الاميركية، وعلى رغم تمسّك الاحتياطي الفدرالي الاميركي بإبقاء أسعار الفائدة قرب الصفر حتى نهاية الفصل الاول من العام المقبل، الّا انّ رفع الفائدة بعد ذلك سيصبح جدياً وكأنّ من شأن هذه التطورات تخفيض أسعار اليورو بنسبة 0,11 في المئة الى 1,2328 دولار، كما تراجع الدولار بنسبة 0,07 في المئة الى 118,57 يناً.
وانخفض الفرنك السويسري بنسبة 0,33 في المئة الى 0,9763 مقابل الدولار الاميركي، وكان لافتاً أن تراجَعَ الدولار 0,57 في المئة مقابل الجنيه الاسترليني، و0,87 في المئة مقابل الدولار الاوسترالي، و0,45 في المئة مقابل الدولار الكندي بعد أن خسر بعض بريقه من جرّاء تراجع احتمالات رفع الفائدة في القريب العاجل.
امّا في بورصات الاسهم العالمية فسجّل ارتفاع عام أمس مع التوجّه العالمي للابقاء على أسعار الفائدة متدنية جداً، فزادت الاسهم في بورصة وول ستريت الاميركية بين 0,69 في المئة و2,12 في المئة، كما زادت بورصات الاسهم الاوروبية بين 1,12 في المئة و2,50 في المئة، وارتفعت الاسهم في آسيا بين 1,09 في المئة و2,32 في المئة.
لكنّ الاسهم اللبنانية عاكست الاتجاه العالمي مع استمرار معاناة السوق المحلية من أجواء البلاد غير المستقرة اقتصادياً ومالياً وسياسياً وأمنياً. فتراجعت البورصة اللبنانية 0,94 في المئة بقيادة أسهم بنك عودة وبيبلوس وسوليدير، فقد تراجعت الاولى 3,66 في المئة والثانية 0,62 في المئة. أمّا أسهم سوليدير الفئة (أ) فتراجعت 0,53 في المئة الى 11,10 دولاراً والفئة (ب) 0,45 في المئة الى 11,04 دولاراً.
ومع سياسات اسعار الفائدة المتدنية المتجددة، وجدت اسواق السلع العالمية دعماً قوياً أمس، فارتفع سعر الذهب 1,18 في المئة الى 1208,60 دولاراً للأونصة، وزادت الفضة بنسبة 1,49 في المئة الى 16,17 دولاراً للأونصة. كما ارتفع سعر النفط الاميركي بنسبة 2,67 في المئة الى 57,68 دولاراً للبرميل بدعم من تراجع الاستهلاك المحلي، كما ظهر من حجم المخزونات الاحتياطية الاميركية النفطية، وارتفع سعر نفط برنت الخام في لندن بنسبة 2,63 في المئة الى 62,91 دولاراً للبرميل.