بقي اقتصاد عام 2014 في مربع الانتظار المحكوم تجاوزه في 2015 بجملة من المؤثرات السياسية والأمنية في مقدمها: حسم ملف الرئاسة الأولى إعادة احياء دور المؤسسات الرسمية، حلّ قضية الجنود المخطوفين، نجاح الحوار بين تيّار المستقبل وحزب الله، وأخيراً وليس آخراً ضبط الوضع الأمني الداخلي، والابتعاد قدر الإمكان عن النار الإقليمية المشتعلة في سوريا وغيرها من الدول العربية التي تشهد أوضاعاً أمنية متدهورة.
وإلى ما تقدّم ينتظر اقتصاد عام 2015 ليعاود نشاطه، ويعوّض ما خسره في عام 2014، معالجة حاسمة لملف النزوح السوري المكلف والباهظ الثمن على الاقتصاد وعلى الوضع الاجتماعي.
في غضون ذلك طاردت مؤسسات التصنيف الدولية سندات الدين الحكومية، وبعض المصارف بإشارات سلبية عشية انقضاء العام 2014، إذ عمدت وكالة موديز العالمية إلى تصنيف لبنان الإئتماني بدرجة واحدة من (B1) إلى (B4) مع نظرة توقعات مستقبلية سلبية.
وعزت الوكالة قرارها إلى سبب رئيسي يتمثل بما سمته، ارتفاع المقاييس الرئيسية للدين الحكومي العام، مضافاً إليه سبب آخر مرتبط بالآثار السلبية غير المباشرة الناتجة عن تداعيات الأزمة السورية على مالية الدولة والنمو الاقتصادي والاستقرار السياسي. وقدرت الوكالة انها قد تخفض تصنيف لبنان مجدداً إذا ما شهد البلد تدهوراً اضافياً لمقاييس الدين الرئيسة وارتفاع حدّة التوتر السياسي الداخلي، كما لوّحت أن تخفيضاً اضافياً أمر ممكن حصوله اذا جرت سحوبات كبيرة ومتواصلة من الودائع المصرفية يكون من شأنها أن تُهدّد قدرة هذا القطاع الحيوي في تمويل احتياجات الدولة.
إلى ذلك خفضت موديز تصنيف ثلاثة مصارف لبنانية: عودة، لبنان والمهجر وبيبلوس من B1 إلى B2، وتأتي هذه الخطوة استكمالاً لخطوة الوكالة الدولية التي خفضت بموجبها تصنيف السندات الحكومية للبنان من B1 إلى B2. يعكس ذلك رأي موديز في ان ضعف الجدارة الإئتمانية للحكومة يثقل التصنيف الإئتماني الخاص بالبنوك، نظراً إلى الارتباط بين ميزانياتها ومخاطر الإئتمان السيادي، ويعكس أيضاً انخفاض قدرة الحكومة على دعم المصارف في حالة الضرورة. في غضون ذلك أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في اللقاء الدوري – الشهري الذي جمعه مع مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان قبل أيام على استقرار معدلات القطع والفائدة في السوق، وقال ان مصرف لبنان ينسق مع وزارة المال لإنجاح الإصدار بالعملات الذي تنوي تنظيمه في إطار قانون المليارين ونصف المليار.
على الصعيد النقدي قدّر الحاكم ان الودائع ستسجل معدل نمو للعام 2014 قدره 6 في المئة.
وهذا أبرز ما جاء في لقاء الحاكم مع جمعية المصارف:
< أولاً - التطورات النقدية والمصرفية:
رأى سعادة الحاكم أن معدلات القطع والفائدة، مستقرة و،لا قابلية عالمياً لرفع الفوائد. وأن انخفاض أسعار النفط تجعل المصارف المركزية تركز أكثر على ضخ السيولة لتنشيط الاقتصاد بدل ضبط التضخم.
وأعلم المصارف أن مصرف لبنان ينسق مع وزارة المالية لإنجاح الإصدار ب العملات الذي تنوي تنظيمه في إطار قانون المليارين ونصف المليار دولار. واكتتاب المصارف يمكن أن يتم من خلال محفظة الـCD’s بالدولار مما لا يضغط على سيولة العملات الأجنبية لديها.
على الصعيد النقدي قدر الحاكم أن الودائع ستسجل معدل نمو للعام 2014 قدره 6٪ وهو كافي لتمويل التسليفات المتوقع نموها بنسبة موازية. وأشار إلى قرار المجلس المركزي المتعلق بحزمة حوافز للعام 2015 تسمح للاقتصاد اللبناني بالنمو، فالتسليف المصرفي هو حالياً السبب الرئيسي للنمو في لبنان.
< ثانيا - موضوع المؤونات الإجمالية (Collective Provision):
تمنّت الجمعية أن يُعاد االنظر بتعميم المؤونات الاجتماعية في سياق ما كان الحاكم قد اقترحه بأن يجري تكوينها كإحتياطي (Reserve).
وأعلم الحاكم الجمعية بأن المجلس المركزي لمصرف لبنان أدخل تعديلاً يقضي بترك الحرية للمصرف للاختيار بين المؤونات الاجتماعية والاحتياطي، على ان يتضمن التعميم الجديد الذي سيصدر سائر التفاصيل. فالمهم بالنسبة للسلطة النقدية أن تكوّن المصارف ما يكفي لمواجهة أية مخاطر غير متوقعة.
< ثالثاًَ - مصرف لبنان والقروض الممنوحة ضمن البروتوكول مع المؤسسة العامة للاسكان:
من المعلوم أن التزامات المؤسسة العامة للإسكان المكفولة قانوناً من الدولة ما زالت غير مسدّدة نظراً لحالة التعثر عملياً التي تعاني منها منذ شهر حزيران، وأبدى مصرف لبنان اهتماماً بالموضوع متمنياً على المصارف المعنية عدم تحميل الزبائن كما تنص عليه العقود مع المؤسسة فوائد إضافية يصعب عليهم تحملها، وطلب إلى لجنة الرقابة الطلب من المصارف إبلاعها بحجم محفظة هذه القروض وتوزعها ليصار إلى إيجاد حل يستمر من خلاله المقترضون وهم من ذوي الدخل المحدود جداً بدفع ذات الفوائد التي اعتادوا على دفعها عندما كانت المؤسسة العامة للإسكان تعمل دون تعثر وبانتظار أن توفي وزارة المالية بالتزاماتها تجاه المؤسسة.