عصام شلهوب
يرتاح المواطن اللبناني، وتنفرج اساريره كلما صدر جدول تركيب أسعار المحروقات عن وزارة الطاقة مسجلاً مزيداً من الانخفاض في أسعار المحروقات، فمنذ تموز الماضي وحتى اليوم تراجعت صفيحة البنزين عشرة آلاف ليرة وثمانية آلاف ليرة لصفيحة المازوت، والحبل على الجرار، حيث من المتوقع ان يتراجع السعر ما بين 1700 و2000 ليرة في الأسابيع المقبلة على ما يُؤكّد الخبير الاقتصادي غازي وزنة وصاحب «مجموعة براكس للمحروقات» جورج براكس لـ«اللواء».
وزنة
فقد توقع وزنة ان يتراجع سعر صفيحة البنزين في الأسابيع المقبلة بوتيرة ابطأ لكي تصل إلى 2000 ليرة إضافية، وأن لهذا التراجع انعكاسات إيجابية على الوضع الاقتصادي، فهو من جهة سيقلص حجم العجز في الموازنة، بحيث ينخفض عبء الخزينة في تحمل نفقات مؤسسة كهرباء لبنان بمقدار 650 مليون دولار، ما يساهم في تحسين أوضاع المالية العامة، وتقليص حجم الانفاق التجاري بنسبة 5٪.
ومن جهة ثانية، فإن هذا الانخفاض سيؤدي إلى تراجع العجز في الميزان التجاري، بحيث تتقلص كلفة المستوردات من النفط، وبالتالي تخفيف الضغط عن الليرة والمحافظة على ثبات سعرها.
ورأى وزنة ان تراجع أسعار المحروقات سيساهم في زيادة مؤشرات النمو الاقتصادي في لبنان، ومن المفترض أيضاً ان يبدأ المواطن الاستفادة من هذا الانخفاض من حيث تدني أسعار النقل وسعر رغيف الخبز بالإضافة إلى تراجع أسعار السلع الاستهلاكية الأخرى، وأن بوتيرة بطيئة خصوصاً وأن نتائج هذا التراجع لن تظهر الا مع حلول السنة الجديدة، بعد ان يتخلص التجار من المخزون الموجود لديهم.
ويعتبر وزنة ان لهذا التراجع سلبيات إلى جانب الإيجابيات فهو سيؤدي إلى تراجع الإيرادات الضريبية المفروضة على صفيحة البنزين وهي بحدود 7 آلاف ليرة، وكذلك ستنخفض حصيلة الضريبة على القيمة المضافة كلما انخفضت الأسعار على السلع الاستهلاكية.
وأكّد ان كل ما تشهده سوق النفط العالمية سببه أزمات جيوسياسية.
براكس
اما رئيس «مجموعة براكس» فيقول: تشكّل أسعار النفط الميزان الحقيقي للاقتصاد العالمي، وتؤثر به جملة عوامل سياسية وجيوسياسية، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية ومعدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية ومنطقة اليورو وحجم الإنتاج في الصين.
واوضح: العامل السياسي يتمحور حول ما يدور من احداث في العراق وسوريا واوكرانيا وليبيا، وانعكاس ذلك على السوق النفطية، بالإضافة إلى دخول عامل الضغط الاقتصادي لأسباب جيوسياسية، حيث ان الولايات المتحدة الأميركية وبالتنسيق مع المملكة العربية السعودية والمنتجين للنفط في الخليج، تخلوا عن استراتيجية «كي الاذرع» مع إيران وسوريا وروسيا.. وانتقلوا إلى استراتيجية الضغط الاقتصادي على روسيا وإيران آملين الحصول على مكاسب في سوريا والعراق واوكرانيا.
وتقدر خسائر روسيا بنحو 100 مليار دولار سنوياً من هذا الضغط، بالإضافة إلى ان الروبل انخفض بمعدل 37٪ تجاه الدولار، وكذلك بالنسبة إلى ايران التي تستنزف في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى ان عدم معرفة الجميع بموعد توقف هذه السياسة.
وأوضح لا توجد حتى الآن أية إشارة لعودة ارتفاع سعر البرميل، وذلك لأسباب عديدة، فالولايات المتحدة لديها اكتفاء ذاتي من النفط، وهي بدأت بانتاج النفط الصخري، والمملكة العربية السعودية تبيع نفطها باسعار متدنية جداً في منطقة آسيا، كما ان الدول الأوروبية مرتاحة لهذه الأسعار التي تساهم في خفض فاتورتها النفطية بشكل كبير، وكذلك دول شرق آسيا مثل كوريا واليابان والصين..
وأكّد انها معركة عض أصابع، لذلك لا يعرف إلى متى سيستمر انخفاض أسعار البترول، وإلى أين سيصل.
واعتبر براكس ان هذا الوضع جيد بالنسبة إلى لبنان وارتداداته ستكون إيجابية على الصناعة بحيث تنخفض كلفة فاتورتها النفطية، وكذلك ستنخفض كلفة المواد الغذائية والاستهلاكية وستنخفض أيضاً كلفة النقل.
وأكّد ان المستفيد الأوّل هو المستهلك اللبناني الذي سيشعر بتدني مصروفه على البنزين والمازوت وما سيوفره سيسمح له بشراء سلع أخرى كان بحاجة إليها.
وشدّد براكس على ان اصحاب محطات المحروقات سيستفيدون من هذا الوضع، لأن الجعالة على المبيع محددة بـ1600 ليرة للصفيحة وهي متعلقة بحجم الاستهلاك فكلما ازداد استهلاك المواطن لصفيحة البنزين كلما ازدادت مبيعات محطة المحروقات، بالإضافة إلى ان تموين مخزون المحطات أصبح يحتاج إلى تمويل أقل يعني ذلك وفراً للديون والفوائد على أصحاب المحطات.
وعن توقعاته لأسعار المحروقات في السوق اللبنانية قال براكس: ربما انخفضت أسعار المحروقات يوم الأربعاء المقبل 1100 ليرة والاسبوع الذي يليه سينخفض السعر حوالى 1000 ليرة.
وأكّد ان صفيحة البنزين ستصل إلى 20 ألف ليرة خلال شهر كانون الثاني المقبل وأن أسعار المازوت ستصل إلى أقل من 17 ألف ليرة، وهذا الأمر يريح جيوب المواطنين ساحلاً وجبلاً.
وفي حال استمر انخفاض سعر برميل البترول وهو أمر يُصرّ عليه معظم الخبراء فان المستفيد الأكبر سيبقى المواطن اللبناني.