IMLebanon

تراجع سعر النفط يثبط عزيمة شركات الطاقة المتجددة

OilPricesDown1

بيليتا كلارك

لطالما كان يُنظَر إلى تراجع أسعار النفط باعتباره عاملاً يضعف شركات الطاقة النظيفة القوية – وبالفعل سجلت أسعار أسهم بعض مجموعات الطاقة المتجددة الأكثر شهرة في العالم تراجعا بعد أحدث هبوط في أسعار النفط الخام.

الأسهم في فيستاس الدنماركية، أكبر مورد توربينات رياح في العالم، هوت بعد قرار منظمة أوبك عدم خفض الإنتاج في تشرين الثاني (نوفمبر)، والأسعار لا تزال منخفضة بنسبة 11 في المائة وبشكل ملحوظ أقل من السوق الأوسع.

وعانت كل من شركة الألواح الشمسية الصينية، وينجلي للطاقة الخضراء، وتيسلا موتورز، شركة صناعة السيارات الكهربائية الأمريكية، حتى بشكل أكثر حدة تراجع أسعار النفط. وارتفاع النفط الخام المفاجئ بمقدار ثلاثة دولارات للبرميل أخيرا لم يفعل شيئا يذكر لوقف التدهور.

وحتى قبل قرار “أوبك” كان يبدو أن انخفاض أسعار النفط يؤذي مبيعات السيارات الهجين في السوق الأمريكية، التي تراجعت بنسبة 11 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر)، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وكانت مبيعات بعض موديلات سيارات الاستخدامات الرياضية ذات الاستخدام العالي للوقود أعلى بنسبة 91 في المائة الشهر الماضي عما كانت عليه عام 2013. هذا الاتجاه قد لا يكون واضحا حتى في البلدان الصناعية الأخرى حيث تشكل الضرائب النسبة الأكبر من أسعار البنزين مما هي عليه الحال في الولايات المتحدة. ويقول بعض المحللين “إن السوق تبالغ في رد فعلها عندما يتعلق الأمر بالرياح وشركات الطاقة الشمسية”.

والسؤال الكبير الذي لا يزال عالقا هو كيف يمكن للفترة الطويلة من انخفاض أسعار النفط الخام أن تؤثر في الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة، الذي ارتفع من 60 مليار دولار في عام 2004 إلى نحو 251 مليار دولار العام الماضي.

وجزء كبير من هذا الاستثمار قد تم دعمه من نمو دعم الطاقة المتجددة، ويقول محللون “إن نوبة مستمرة من النفط الرخيص تبدد الحجج التي تقدمها كثير من الحكومات، التي تقول “إن المستهلكين هم أفضل حالا في التعامل مع تمويل مصادر الطاقة المتجددة، لأن أسعار الوقود الأحفوري من المرجح أن ترتفع بينما تنخفض أسعار طاقة الرياح والطاقة الشمسية”.

وقال إيان تمبيرتون، من كابيتال لتغير المناخ، وهي شركة متخصصة في الاستثمار الآمن تملكها شركة بانج للأعمال الزراعية العالمية، “لقد تم تبرير السياسة كثيرا في السنوات الأخيرة على أساس ندرة المواد الهيدروكربونية والتزايد المستمر في أسعار هذه المواد”.

وربما يكون من الواجب تعديل هذه الحجة حتى لو خفت حدة أحدث اضطراب في أسعار النفط، لأن الحكومات إذا انتهى بها الأمر إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري، مثل اتفاق المناخ الدولي الذي سيختتم في باريس العام المقبل، فإن ذلك سيخمد استخدام الوقود الأحفوري.

وقال تمبيرتون، “يجب على صناع السياسة التصالح مع حقيقة أنه إذا كانت الخطة هي إيقاف استخدام الهيدروكربونات قبل أن نستهلكها بالكامل، عندئذ سيزداد عرضها وسينخفض سعرها على المدى الطويل”.

في الوقت الراهن، لا يزال من المبكر جدا أن نكون قادرين على تمييز التأثير الملموس لانخفاض أسعار النفط في اتجاهات الاستثمار في الطاقة المتجددة. لكن للوهلة الأولى يشير التاريخ إلى أن الأثر يمكن أن يكون خطيرا.

نتيجة للارتفاع الحاد في أسعار النفط الخام خلال الحظر النفطي العربي في السبعينيات، نشأ ما يشبه العصر الجديد من الطاقة النظيفة، خصوصا في الولايات المتحدة، حيث وضعت الألواح الشمسية على سطح البيت الأبيض الذي كان يشغله في ذلك الحين الرئيس جيمي كارتر، وفي الوقت نفسه تم إطلاق عدد من التدابير للحفاظ على الطاقة وارتفعت معدلات العزل.

لكن مع انخفاض أسعار النفط غادرت الألواح الشمسية سطح البيت الأبيض في عهد الرئيس رونالد ريجان، وانخفض الاستثمار في طاقة الرياح الوليدة وصناعة الطاقة الشمسية. وارتفعت من ناحية أخرى مبيعات السيارات التي تستهلك كثيرا من البنزين.

لكن اليوم برز برنامج تشغيل جديد للاستثمار في الطاقة النظيفة على شكل مخاوف من الاحتباس الحراري. ولم يكن هذا هو الحال في القرن الماضي، عندما تركزت المخاوف على الاعتماد الكبير جدا على واردات النفط الأجنبية.

وبحسب ماريا فان دير هوفن، المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية “في تلك الفترة، لم يكن أحد يرى أن احتمال تغير المناخ يمكن أن يمثل شاغلا سياسيا”. وقالت، “اليوم نحن نعرف ذلك”، مضيفة “إن على الحكومات أن تستفيد من أحدث تراجع في أسعار النفط لتشجيع الاستثمار المنخفض الكربون، من خلال القضاء على إعانات الوقود الأحفوري ووضع سعر منطقي على الكربون”.

وهناك الآن أكثر من 480 قانونا بخصوص تغير المناخ في البلدان في جميع أنحاء العالم، وهو عدد أعلى بكثير من أقل من 40 قانونا في عام 1997، وفقا لـ “جلوب إنترناشونال”، وهي الهيئة المشرعة التي تقيم سنويا قوانين مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويتضمن ذلك الدعم لمحطات الرياح ومحطات الطاقة الشمسية التي دفعت استخدام الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم، خاصة في بلدان مثل ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، حيث تشكل الطاقة المتجددة الآن أكثر من ربع الكهرباء المستخدمة.

هذا الدعم، إضافة إلى حقيقة أن محطات الطاقة التي تستخدم النفط المكرر انخفضت بشكل حاد في كثير من البلدان، هو كما يقول محللون أحد أسباب أن انخفاض الحصة السوقية لدى بعض شركات الطاقة المتجددة قد يكون أمرا مبالغا فيه.

وقال مارك فريشني، المحلل في كريدي سويس، “تقول الحكمة التقليدية “إذا انخفضت أسعار النفط، فإنها ستجرجر معها أسعار الكهرباء، وتجعل الرياح والطاقة الشمسية تبدو أكثر تكلفة”. لكن العلاقة أكثر تعقيدا الآن، “وأعتقد أنه لا يزال هناك تصور في السوق حول وجود ارتباط”.

بعض أجزاء صناعة الطاقة النظيفة، مثل الوقود الأحيائي، قد تواجه خطرا أكبرا من النفط الرخيص. لكن يرى محللون أن التوقعات الاستثمارية الأوسع تعتبر أمرا غير مؤكد.

ويقول أنجوس ماك كرون، من بلومبيرج لتمويل الطاقة المتجددة، وهي مجموعة أبحاث، “نحن لا نتوقع كثيرا من التأثير ما لم ينخفض سعر النفط بشكل كبير أبعد من ذلك ويبقى على تلك المستويات الدنيا”.

وبحسب كرون، حتى في المناطق التي ترتبط فيها أسعار النفط مع بعض عقود الغاز، مثل أوروبا، من الصعب أن نرى تأثيرا على المدى القصير في مصادر الطاقة المتجددة.