Site icon IMLebanon

المواجهات الإقليمية والدولية وانعكاساتها اللبنانية ( بقلم رولا حداد)

 

( بقلم رولا حداد)

يترقب اللبنانيون الحوار المنتظر بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” من دون تفاؤل يُذكر، ومن دون تعويل على النتائج، لاعتبارات داخلية وخارجية عدة، وأولها أن لا شيء تغيّر في المعادلات الداخلية والإقليمية ليغيّر أي من الأطراف الداخلية موقفه، وبالتالي فإن الحوار يبقى حوار الصورة، أو حوار المسكنات في أفضل الأحوال. فداخلياً يستمر كل طرف على موقفه، وتحديدا من الحرب السورية: المستقبل من رفض مشاركة “حزب الله” في الحرب السورية، والحزب في إصراره على القتال في سوريا مهما كانت الأثمان داخليا.

أما خارجياً فالمواجهة تكاد تبلغ ذروتها مع طلب المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة إدراج “حزب الله” على لائحة الإرهاب، إضافة الى الحرب النفطية التي تخوضها المملكة من خلال منظمة “أوبك” عبر تخفيض سعر برميل النفط الى حوالى الـ55 دولاراً حتى اليوم، مع التقديرات بأن يبلغ عتبة ما دون الـ40 دولاراً، ما يعوّض رفع العقوبات عن إيران بفرض مزيد من الخناق الاقتصادي على الجمهورية الإسلامية، وما يسبّب انهياراً اقتصادياً روسياً عنوانه الأبرز وصول الروبل الروسي الى مستوياته الدنيا منذ عقود!

ويضاف الى هذه الصورة الإقليمية المعقدة واقع أن المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن تتأجل من تمديد الى تمديد في ظل مصلحة الطرفين عدم إعلان فشل المفاوضات، فالرئيس الأميركي لا يريد أن يذهب مرغماً الى ضرب طهران عسكرياً كما التزم تجاه الإسرائيليين في حال إعلان فشل المفاوضات، ولا طهران ترغب بالعودة الى العقوبات الاقتصادية المشددة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه.

هكذا تبدو الصورة الإقليمية والدولية أقرب الى السوداوية منها الى ترقّب انفراجات لا تبدو ممكنة في الأفق المنظور. ولا تعكس هذه الصورة أي مناخات انفراج داخلي في لبنان، في ظل إعلان كل أطراف الداخل عجزهم وانتظارهم لتبلور الصورة الإقليمية.

لا بل إن بعض المناخات الإيجابية التي حاول البعض أن يبني عليها بعد زيارة كل من الموفد الرئاسي الروسي نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف والموفد الرئاسي الفرنسي جان فرنسوا جيرو تبددت سريعاً، وينقل المطلعون أن زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الاثنين الى لبنان تأتي لإعادة لملمة أفرقاء 8 آذار ووضعهم في صورة المناخات القاتمة جدا في المنطقة والطلب إليهم التشدّد داخلياً في لبنان، والذي لا يزال يشكل بالنسبة الى الدولة الفارسية إحدى الأوراق المهمة التي تلعبها في مواجهتها مع الغرب من جهة ومع دول الخليج العربي وفي طليعتها المملكة العربية السعودية.

بناءً على كل ما تقدّم ينبغي على اللبنانيين عدم الإفراط في التفاؤل حيال أي نتائج لحوار المستقبل- “حزب الله”، لا بل إن الداعين الى الحوار يدركون تماماً أن حصر مستوى المتحاورين بالمستشارين السياسيين هو اعتراف مسبق بحدود الحوار. لا بل يذكّر بعض العارفين بأن حوار تيار المستقبل مع “التيار الوطني الحرّ” الذي مثّل المستقبل فيه مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري في مقابل الوزير جبران باسيل من الجهة العونية لم يؤدِّ الى أي نتيجة، ليس لعدم أهلية ممثلي الأطراف في الحوار، بل لأنه حين تكون الظروف مهيّأة للوصول الى حلول يجري الحوار عندها على مستوى الصف الأول.

وبالتالي فإن كل المناخات الإقليمية تشي بعواصف وليس بانفراجات، وما على اللبنانيين إلا التنبّه والحذر من انعكاسات هذه العواصف، والتي لا يمكن أن تكون حوارية على الإطلاق، ولا أن تنتج أي رئيس للجمهورية في ظل انسداد كل الأفق!