IMLebanon

عدوى الروبل الروسي تنتقل ببطء إلى الأسواق الناشئة

RussiaRubbleMarket
جوناثان ويتلي

في الوقت الذي تتسرب فيه أزمة الأسواق المالية في روسيا إلى غيرها من الاقتصادات الناشئة، فإن المسألة التي تواجه المستثمرين وصنّاع السياسة هي: أي العوامل ستُسيطر؛ التمييز أم العدوى؟

نيل شيرينج، مختص الاقتصاد في “كابيتال أيكونوميكس” في لندن، يقول، “بالتأكيد كان من الصحيح أن الأسواق كانت مستعدة للتمييز من حيث التداعيات المترتبة على تراجع أسعار النفط حتى وقت قريب جداً. لكن بما أن أسعار النفط مستمرة في التراجع، والمشكلات في روسيا أصبحت أعمق من قبل، فإن العدوى بدأت تنتشر”.

كثير من البلدان التي كان من المتوقع أن تستفيد من انخفاض أسعار النفط شهدت عملاتها تعاني من ذلك. ومع استمرار الروبل في التراجع سجلت الروبية الهندية التي ينبغي أن تستفيد من وضع الهند باعتبارها دولة مستوردة للنفط، خسارة بلغت 2.6 في المائة هذا الشهر مقابل الدولار الأمريكي، بما في ذلك انخفاض بنسبة 2.1 في المائة الأسبوع الماضي. كذلك سجلت الليرة التركية والراند الجنوب إفريقي، اللذان ينبغي أيضاً أن يستفيدا من انخفاض أسعار النفط، تراجعا بنسبة 6.5 في المائة و5.8 في المائة هذا الشهر، على التوالي.

وبحسب سايمون كويجانو إيفانز، رئيس قسم أبحاث الأسواق الناشئة في كوميرتس بانك في لندن، “هناك نفور عام من المخاطر، وهو ينتشر إلى كافة عملات الأسواق الناشئة. وهناك بالفعل كثير من الأسئلة التي يتم طرحها”.

قياس اتجاه أسعار الصرف هو أمر صعب دائما، لكن هناك محللون يحذرون من أن القيام بذلك أصبح صعباً بشكل خاص وأحد الأسباب هو سعر النفط. فالأسعار المنخفضة التي عادةّ ما تُعتبر إيجابية للنمو العالمي وفي الأسواق الناشئة، هذه المرة تُثير المخاوف بين بعض المستثمرين الذين يشعرون بالقلق ويرون أنها من أعراض ركود النمو بدلاً من كونها إيذانا بقدوم الانتعاش.

سبب آخر هو الصراع الجيوسياسي على أوكرانيا بين روسيا والغرب. هنا، أيضاً، الآراء منقسمة، بين أولئك الذين يرون دلائل على وجود حل وآخرين يرون الأزمة تتصاعد، في الوقت الذي تجد فيه روسيا المسلحة نووياً نفسها مضطرة للدخول في وضع أكثر صعوبة بسبب أسعار النفط، والعقوبات الغربية، والمشكلات التي يعانيها اقتصادها.

هناك سبب ثالث هو انخفاض معدل التضخم في منطقة اليورو، وفي أوروبا الوسطى والشرقية، وآسيا. هذا الأمر جيد بالنسبة لكثير من الاقتصادات الناشئة، لكنه يُضيف إلى الصعوبة بالنسبة لمحافظي البنوك المركزية من حيث قياس توقعات التضخم.

ثم هناك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وما إذا كان سيبدأ في زيادة أسعار الفائدة، ومتى، وإلى أي درجة. زيادة أسعار الفائدة في وقت أبكر مما هو متوقع قد تؤدي إلى تراجع بشكل غير منظم من مستثمري الأسواق الناشئة. سبق أن حدث هذا حين تحدث الاحتياطي الفيدرالي أول مرة في أيار (مايو) من عام 2013 عن الحد من برنامجه لشراء الأصول، المعروف باسم برنامج التسهيل الكمي.

إضافة إلى كل هذا هناك المخاوف الخاصة بكل بلد، التي تعانيها أجزاء كبيرة من بلدان الأسواق الناشئة. البرازيل، مثلا، أخافت وأزعجت المستثمرين من خلال تطبيق سياسات اقتصادية تتسم بالتدخل. كذلك أصبحت تركيا غارقة في أزمة سياسية محلية أخرى، في أعقاب اعتقال نحو 30 شخصا الأسبوع الماضي، من بينهم عدد من الصحافيين. وهذا شكَّل ما وصفه بينوا آن، رئيس قسم استراتيجية الأسواق الناشئة في سوسييتيه جنرال في لندن، بأنه “تهديد خطير لثقة المستثمرين”.

وأشار كويجانو إيفانز إلى أن القرار المفاجئ، الذي يأتي في وقت من التوتر الشديد في السوق، من قِبل “ستاندرد آند بورز” في 12 كانون الأول (ديسمبر) بتخفيض التصنيف السيادي لبلغاريا إلى الدرجة غير الاستثمارية، أثار تساؤلات حول البلدان الأخرى التي تواجه خطر تخفيض التصنيف، مثل البرازيل وجنوب إفريقيا وروسيا.

وقال كويجانو إيفانز، “لن أذهب إلى حد القول إن هذا هو أزمة الأسواق الناشئة”. لكنه يعتقد بالفعل أنها ستصل إلى أزمة سياسية عالمية، لأن إخفاقات السياسة في كافة أنحاء العالم تضطر محافظي البنوك المركزية “لاستلام زمام الأمور وتولي المسؤولية من جديد”.

مع ذلك، يتوقع كثير من المحللين أن يصعد التمييز إلى الصدارة في عام 2015، حين تصل أسعار النفط إلى المستوى النهائي للهبوط، ووضوح غيرها من عوامل اللبس، مثل اتجاه السياسة النقدية الأمريكية.

حتى الآن، الصورة ليست قاتمة عالمياً بالنسبة لعملات الأسواق الناشئة. الزلوتي البولندي، الذي طالما كان يعتبر بمثابة ملاذ في الأسواق الناشئة، تراجع بشكل ضئيل فقط هذا الشهر ـ تمكن من تحقيق مكاسب مقابل الدولار الأمريكي في الأيام الأخيرة. كذلك كسب الوُون الكوري، المُحصنّ بفائض الحساب الجاري في بلاده، ما يُقارب 3 في المائة مقابل الدولار هذا الشهر.