Site icon IMLebanon

جعجع لـ”الجزيرة”: علاقة لبنان بالمملكة ليست مستجدة بل هي علاقة تاريخية

 

أكد رئيس حزب “القوات اللبناينة” سمير جعجع أن علاقة لبنان والقادة السياسيين فيه بالمملكة العربية السعودية، ليست مستجدة بل هي علاقة تاريخية بدأت منذ الاستقلال وبقيت مستمرة من دون انقطاع كل الوقت، لافتا الى أن “كل ما تريده السعودية من لبنان هو بالفعل أن يكون لبنان، بمعنى أن تقوم فيه دولة قوية تحفظ حدوده وتسهر على أمنه واستقراره وعلى ازدهار شعبه، وللإخوة السعوديين نظرة خاصة جدًا إلى لبنان فهو بنظرهم “شيء مختلف” عن كل شيء آخر في المنطقة، هو جوهرة يجب الحفاظ عليها بأم العين وهذا هو سبب تمسكي بالعلاقة مع المملكة”.

جعجع، وفي حديث لـ”الجزيرة” من معراب، أضاف: “الهبة السعودية هي في الحقيقة أربعة مليارات وليس ثلاثة، كما ليست المرة الأولى، فكم من مرات ومرات ساهمت المملكة فعلاً وليس قولاً عند الحاجة في لبنان، كم من مرة ومرة وضعت السعودية ودائع ضخمةً جدًا بالعملات الأجنبية في مصرف لبنان لدعم الليرة اللبنانية، واللافت في دعمها أنه يعطى دائمًا من خلال الدولة ومؤسساتها بمعنى أنه يعطى للبنانيين جميعًا على مختلف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والسياسية والفكرية والمناطقية”.

وأكد أنه جدي جدًا في الحوار مع العماد ميشال عون، وقال: “لن ألو جهدًا في عمل أي شيء لمحاولة الوصول إلى نتيجة ما، واعترف أنه حتى اللحظة لم نوفق في تقريب المسافات بما يتعلق بموضوع رئاسة الجمهورية لكنني سأتابع السعي ولن أيأس، بالإضافة إلى أن هناك أمورًا كثيرة غير رئاسة الجمهورية هي موضع نقاش بيننا، وانطباعي بأننا سنتمكن من التقدم على هذه المحاور”.

وعن الوفود الدولية التي تزور لبنان ويدعون لضرورة انتخاب رئيس، قال جعجع: “أنا صراحةً أرفض كل هذا المنطق باعتبار أن عملية انتخاب رئيس هي عملية لبنانية بامتياز تتوقف على ست أو سبع كتل نيابية لبنانية ولكن من يعطل هذا الاستحقاق الآن هما كتلتان من هذه الكتل”، سائلاً “لماذا البحث بعيدًا والتفكير بجهد دولي لحل مسألة بطبيعتها محلية وسيادية؟”.

 

وأكد أن تيار “المستقبل” على تنسيق مستمر مع حزبه ومع باقي حلفائه في 14 آذار بما يتعلق بالتحضير لهذا الحوار، مضيفًا “للأسف لن يتطرق الحوار لموضوعات حساسة مثل سلاح “حزب الله” وقتاله في سوريا، أو مثل تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية واستكمال بناء المؤسسات الدستورية، ولكن يبقى أن هذا الحوار بمجرد انعقاده ممكن أن يسهم في تخفيف التشنجات المذهبية في لبنان، وهذا بحد ذاته هدف مشكور”.

وردًا على سؤال، أوضح جعجع أنه ليس متحالفًا مع السنة بل مع تيار “المستقبل” انطلاقًا من نظرة معينة إلى لبنان، وقال: “الخلاف بين “حزب الله” الشيعي وتيار “المستقبل” السني ليس على شيعية حزب الله أو سنية تيار المستقبل بل على النظرة إلى لبنان، وبالتالي ليست المسألة مسألة تقارب بين سنة وشيعة بقدر ما هي مسألة مشروعين سياسيين متناقضين”.

وأضاف: “إذا كان هناك من محاولة يجب القيام بها فهي محاولة التقريب بين المشروعين السياسيين لفريقنا والفريق الآخر ولكننا حاولنا من خلال الحوار الوطني مرات عدة القيام بهذا الأمر ولم نوفق بأي نتيجة على الإطلاق”.

وجدد جعجع تأكيده أن الربيع العربي سيزهر ولكن المسألة هي مسألة وقت، مضيفًا “بدأ يزهر هذا الربيع كما هو حاصل في تونس حيث استطيع القول إن الربيع قد أزهر، وفي هذا المجال تجري الأمور في التاريخ ليس على طريقة “كوني فكانت”، فمثلاً عصر النهضة والتنور في أوروبا بالذات أخذ مئات من السنين حتى وصلت أوروبا إلى ما وصلت اليه، فأقله علينا إعطاء الربيع العربي عشرات قليلة من السنين للوصول إلى أهدافه المنشودة”.

وأسف الى كل الدماء التي تسيل في المنطقة التي سببها الأساسي ليس الربيع العربي كما يدعي البعض بل طبيعة المنطقة المعقدة ومجتمعاته المركبة التي رأت في الربيع العربي فرصةً ذهبية لكل منها للتعبير عن نفسها بعد سبات قسري طويل ولكن في نهاية المطاف هذه حركة التاريخ كما حصل في مناطق أخرى من العالم ولا بد أن الربيع العربي سيصل للأهداف المرجوة.

وعن الوضع في سوريا، قال جعجع: “لقد كنا بمشكلة في سوريا فأصبحنا باثنتين، ولكن يبقى أن أكثرية صامتة من الشعب السوري تعمل لمواجهة المشكلتين سويا، أما كيفية التوصل إلى حل في سوريا فهو عبر حل سياسي بامتياز، قوامه الأساسي إزاحة نظام الأسد من جهة والتخلص من المتطرفين من جهة ثانية”، معتبرًا أن “ليس قصف التحالف الدولي هو الذي سينهي “داعش” والتطرف في العالم العربي، بل إن ما سينهيه هو عملية سياسية صحيحة”.

وأضاف: “القصف الجوي من قبل الائتلاف الدولي في هذه المرحلة هو ضرورة لإيقاف تمدد “داعش” وتدمير بناه التحتية لكن لن يكون كافيًا بأي حال من الأحوال، نحن بحاجة إلى عملية سياسية بدأت خجولة في العراق وعلينا استكمالها بزخم أكبر، وهذه العملية السياسية لم تبدأ بعد في سوريا، أن الذي أوجد داعش في سوريا هو نظام الأسد، ولن نستطيع القضاء على داعش إلا بإزالة أسباب نشوئها”.

وعن مشاركة السعودية في الحلف ضد “داعش”، قال جعجع: “هذا ليس بجديد على السعودية، لقد كانت سياساتها في المنطقة والعالم دومًا سياسات معتدلة جدًا، بغض النظر عن أنماط عيش المواطن السعودي التي هي حق له أن يختارها. فأنا لم أفاجئ بموقف المملكة من داعش نظرًا لمتابعتي للسياسة السعودية منذ زمن”.

وعن دور ايران في المنطقة وامكانيتها القيام بدور ايجابي في إنهاء الملفات الصعبة في العالم العربي على وقع مفاوضاتها مع أمريكا والغرب، أشار الى أنه من الممكن لها أن تقوم بهذا الدور ولكن شرط أن تغير جذريًا بنظرتها إلى الأمور وأن تسعى إلى الدخول إلى مجتمعات المنطقة ودولها من أبوابها العريضة وليس من الأبواب الخلفية أو الشبابيك.

وتابع: “تستطيع إيران لعب دور إيجابي كبير عندما تتبنى المقاربة الإيجابية للأمور وتتبنى أمن واستقرار الدول كما تراه تلك الدول بعيدًا عن النظرة الايديولوجية المحددة التي تعتمدها الجمهورية الإسلامية في الوقت الحاضر”.