رسلان منصور
لم تترك بلديات عكار وسيلة إلا وقامت بها لتحصيل حقوقها المكتسبة ومستحقاتها من أموال الضرائب والهاتف الخلوي، فزارت وفود من اتحادات البلديات كل الزعماء السياسيين والوزراء المعنيين لحل هذه المشكلة وفكفكة العقد التي تعيق معالجة هذا الملف، الذي يبدو وفق رؤساء البلديات والمعنيين «بسبب التجاذب السياسي الحاصل»، حيث يؤكدون ان «هذا الأمر سيضعنا أمام افلاس شامل وبخاصة البلديات البعيدة والنائية، التي اضطرت للاستدانة لحل مشكلاتها العالقة خصوصاً في عكار، وأهمها عدم قدرتها على إزالة النفايات ورفعها وتنفيذ أعمال التأهيل والترميم المحلية في البنى التحتية وغيرها من القضايا اليومية العالقة التي تحتاج الى سيولة مادية غير متوفرة».
وبدأت ترتفع في عكار صرخات موظفي البلديات وشرطة البلدية التي تعد بالعشرات، فمنهم لم يقبض راتبه منذ شهرين أو أكثر بسبب غياب الأموال في الصناديق البلدية، وبالتالي، بدأت تداعيات هذا الأمر تظهر من خلال تراكم النفايات في الشوارع وعدم القدرة على ازالتها، فضلاً عن المياه الآسنة التي تملأ الطرقات وسوى ذلك من مشكلات خصوصاً في أماكن التواجد الكثيف للنازحين السوريين، والمنتشرين في كل أنحاء عكار، في جردها ووسطها وساحلها ومناطقها الحدودية.
في هذا السياق، قال رئيس اتحاد بلديات ساحل ووسط القيطع أحمد المير «إننا نواجه الاستحقاقات والأعباء المادية الهائلة التي تواجه البلديات، يضاف إليها المهام الجديدة التي وضعت أمامنا، ومنها الأمنية حيث جرى التعاقد مع شرطة لتأمين الحراسة والاهتمام بالوضع القائم»، مضيفاً «كل ذلك يحتاج الى مبالغ مادية ولكن سئمنا من كل الكلام والوعود، لقد زرنا جميع المسؤولين ويبدو أن فحوى الذي نسمعه من كلام ايجابي يتنافى تماماً مع التنفيذ والتطبيق، فنخرج خاليي الوفاض، ويبدو أن هناك محاولات لتمييع القضية، فأموالنا هي حقوقنا وهي أموالنا ومستحقاتنا ولا نسمح بحجزها لغايات في نفس يعقوب»، لافتاً إلى ان «وضع البلديات بات صعباً بسبب حجب الأموال، حيث أننا اليوم نواجه أزمتين، الأولى على مستوى دفع المستحقات والديون وتأمين العائدات للموظفين والعمال والمتعاقدين والشرطة البلدية، والثانية الأعباء الناتجة عن الوجود السوري والنزوح الذي يحتاج الى ميزانية ضخمة».
وتابع «نحن أمام خيارات صعبة، ونفكر جدياً بالاستغناء عن العمال والشرطة والموظفين الإداريين، وهنا نحمل المسؤولية للدولة»، مضيفاً «قمنا بزيارات عدة لكن دون جدوى (..) نحن أمام خيار وحيد، ويبدو أننا متفقون عليه كبلديات، بأن نتوجه الى محافظ عكار ونعيد اليه اختامنا ونعلن تخلينا عن رئاسة البلديات، لكوننا بتنا امام انفجار اجتماعي كبير».
في المقابل، اعتبر رئيس بلدية بلانة الحيصة محمد علي حسين المعلا أن «هناك تجنٍ علينا، وتعاطي الدولة معنا فيه ظلم، خصوصاً أن البلديات التي تعتمد على مواردها ومما يأتيها من عائدات الضرائب، أصبحت مفلسة والوضع مذر الى أبعد الحدود»ـ مضيفاً «الأمور تجاوزت الخط الأحمر ونحن بصدد تحركات بعد الأعياد وتنظيم احتجاجات واعتصامات حتى استعادة حقنا المسلوب بإرادة البعض وهو حق لنا».
أما رئيس اتحاد بلديات الدريب الأوسط شهير محمد، فقال «إننا أسرى المزايدات السياسية الكبرى، وقد زرنا وزير المالية علي حسن خليل ووزير الاتصالات بطرس حرب، ثم النائب ميشال عون بعد أن قيل إن وزراءه يعرقلون الملف»، مضيفاً «المشكلة أنهم يحاولون ربطنا بملفات سوكلين وغيرها، ولكن ما شأننا نحن بسوكلين حتى يطالبوا بخصم أموالنا بنسب مختلفة تراوح بين الـ20 و70 في المئة»، متسائلاً: «هل سوكلين ترفع النفايات في عكار ام في بيروت.. أم أن الأموال التي ستخصم من حقوقنا ستذهب لبعض البلديات في جبل لبنان، ويتم استثمار هذا الملف سياسياً لصالح بلديات على حساب أخرى؟».
وتابع «نحن نعلم أن المبالغ المستحقة تبلغ 693 مليار ليرة من 11-1-2001 الى 13-5-2014، وقيل لنا إن الجداول أعدت وكل بلدية تعرف مستحقاتها، فلماذا يتم لفلفة الأمور ولماذا لا يتم الموافقة على صرف الأموال»، مضيفاً «إذاً، الملف شائك ويحتاج الى تحرك كبير، اليوم نحن أمام مشاكل مستعصية والكارثة تكبر، والمصاريف تزداد، وهناك أموال يجب أن تصرف على النفايات والبنى التحتية»، لافتاً في السياق عينه إلى ان «حقوقنا تهدر أمام اعيننا بسبب التجاذب السياسي الكبير والبازارات الانتخابية، لكننا لن نسكت على هذا الحق ولنا تحركات سنقوم بها في القريب العاجل».