IMLebanon

الأزمة والهجرة .. تداعيات في منطقة اليورو

CrisisMigration

لا تزال الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأميركية في خريف عام 2008 تتفاعل على الساحة الأوروبية، كما في بقيّة مناطق العالم. وقد أثارت تلك الأزمة ردود أفعال كبيرة على مختلف المستويات بحيث تبدو انعكاساتها أحياناً على الصفحات الأولى من مختلف وسائل الإعلام.

ومن بين الميادين التي يتم التعرّض لها كثيراً تلك التي تتعلّق بنتائج الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على الهجرة في بلدان الاتحاد الأوروبي تحديداً. وتحت عنوان «الأزمة والهجرة» تقدّم مجموعة من الباحثين وأساتذة الجامعات في السويد وبريطانيا وهولندا كتّاباً يبحثون فيه، «من موقع الأكاديميين الجامعيين، نتائج الأزمة على منطقة اليورو وعلى سياسات الهجرة»، كما يقول العنوان الفرعي للكتاب.

تدلّ الإحصائيات المقدّمة أنه يوجد في بلدان الاتحاد الأوروبي الـ 28 حالياً أكثر من 50 مليون مهاجر وحيث تشكل نسبة تقارب 10 بالمائة من مجموع السكان المعنيين هم من الذين وُلدوا في بلدان خارج نطاق الاتحاد الأوروبي. وتدل تقارير المفوّضية الأوروبية أن ثلث المهاجرين إلى أوروبا يملكون مؤهّلات أعلى من مستوى الأعمال التي يمارسونها.

ولعلّ من أهم النتائج التي يتم التوصّل إليها في مساهمات المشاركين بالكتاب، رغم اختلاف المنظورات والزوايا ومناهج البحث، تكمن في القول إن الوضع المأزوم على المستويين الاقتصادي والاجتماعي القائم في الغالبية الساحقة من بلدان الاتحاد الأوروبي ليس مجرّد «ظاهرة حادّة ومؤقّتة» ستنجلي بالتالي بعد وقت من الزمن. ولكن بالأحرى هو تعبير عن «أحد الأعراض التي تدل على توجّه منحدر مستدام بالنسبة للاتحاد الأوروبي» بشكل عام. ذلك بالقياس إلى المناطق الأخرى من العالم.

ويرى المساهمون في الكتاب أن هناك تعاظماً في مشاعر «الحذر»، إن لم يكن «العداء» حيال الهجرة والمهاجرين في السياق الحالي لما بعد أزمة 2008.

ومن النقاط التي يتفق حولها المساهمون في الكتاب أنه يمكن للكساد الاقتصادي وما ينجم عنه من تعاظم ظاهرة البطالة أن يلعب دور «الصاعق» أو «الشرارة» التي تفجّر مشاعر العداء للمهاجرين. الأمر الذي لا بدّ من أن تكون له انعكاساته على سياسات الهجرة ودفعها نحو التشدد أكثر فأكثر.

وتشير الأمثلة التاريخية التي يذكرها المساهمون على مثل هذا التوجّه في سياسات الدول عموماً.

والإشارة أن الهجرات كانت تنطلق آنذاك من البلدان الأكثر فقراً في جنوب القارّة الأميركية وشرقها نحو العالم الجديد، الولايات المتحدة الأميركية. بهذا المعنى يتم تحديد القول إن الأزمات الاقتصادية في كل الأزمنة والأمكنة تترك بالضرورة آثارها على الهجرة وسياساتها.