الفونس ديب
في مشهد غير مسبوق تحول موسم الاعياد في نهاية العام، الذي من المفترض ان يكون فترة الذروة التجارية، إلى فترة كساد. وإذا كان التجار ينتظرون بفارغ الصبر حلول الاعياد المجيدة لالتقاط انفاسهم، فان الوقائع المسجلة على الارض جاءت مخيبة للآمال، حيث سجلت المبيعات تراجعا راوح بين 15 في المئة و20 في المئة مقارنة مع العام الماضي، والذي كان بالاصل سيئا للغاية.
كما تم تسجيل غياب السياح لا سيما الخليجيين، الذين لهم ثقل كبير في الحركة التجارية في اسواق العاصمة والمناطق المجاورة خلال هذه الفترة.
وبحسب المعنيين بالقطاع التجاري، فان اسباب التراجع كثيرة، لكن ابرزها عدم الاستقرار الامني الذي انعكس سلبا على ثقة المستهلك اللبناني، وتراجع القدرة الشرائية لدى الاسر اللبنانية، بالاضافة الى غياب السائح الخليجي.
إذاً التراجعات التي تسجلها الحركة التجارية لا تزال تتراكم منذ العام 2011، وهذا ما اضعف قدرة المؤسسات على الصمود، فيما سجل في العام 2014 بشكل لافت، اقفال اعداد كبيرة من المحال التجارية.
شماس
وفي هذا الاطار، وصف رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس حركة الاسواق بـ»الخجولة«، مشيرا لـ»المستقبل» الى ان الاسواق تحركت منذ ثلاثة ايام فقط، وهذا الامر لا يعوض أشهراً من التراجع.
وبالنسبة للحركة في العام 2014، قال «انها مخيبة مقارنة مع العام 2013، وهي استمرار للمسار الانحداري منذ العام 2011 «. اضاف «اليوم لا وجود لاجواء الميلاد في الاسواق، فالميلاد بالنسبة الى الاسواق تحول الى ذكرى في روزنامة وليس لحظة اقتصادية وتجارية حاسمة». وكشف ان التراجع في العام 2014 بين 15 في المئة و20 في المئة مقارنة مع العام 2013، «وهذا رقم كبير يضاف الى التراكمات المسجلة منذ العام 2011».
وابدى تخوفه من ان تتجمع المعاناة الفردية وتتحول الى معضلة مالية في لبنان. وقال «حتى اليوم الامور مخبأة وغير مكشوفة، فكل تاجر يتدبر امره مع المصارف والدولة والموردين، لكن اذا طالت الأزمة، ممكن ان يتحول هذا الموضوع الى معضلة اقتصادية ومالية وطنية».
وقال شماس «اذا عانى القطاع التجاري، فان كل الاقتصاد الوطني والقطاعات الاخرى ستعاني، نظرا لحجمه الكبير وثقله في تركيبة الاقتصاد الوطني».
عيد
رئيس جمعية تجار الاشرفية طوني عيد، قال لـ»المستقبل ان «الحركة التجارية تحسنت بعض الشيء قبل ايام من عيد الميلاد، لكن الحركة تبقى اقل بنحو 15 في المئة مقارنة مع فترة الميلاد في العام 2013». ولفت الى الحركة التجارية في العام 2014 كانت اسوأ بكثير من العام 2013، حيث بلغت التراجعات 40 في المئة، متوقعا ان تكون الحركة في كانون الاول 2014 اقل بنسبة 20 في المئة مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي.
وقال عيد «حتى الآن لم نر سياحاً عرباً واجانب الذين كانوا يعجون في الاشرفية في مثل هذه الايام قبل العام 2011، في حين حركة المغتربين اللبنانيين لا تزال خجولة».
واوضح ان «جمعية تجار الاشرفية انجزت كل التحضيرات استعداداً للأعياد المجيدة، فقامت بتزيين الشوارع، ونظمت بالتعاون مع بلدية بيروت مهرجان لاطلاق القرية الميلادية. ورغم ان النشاطات كانت اكثر من الاعوام السابقة الا ان الحركة جاءت خجولة».
وعزا عيد تراجع النشاط التجاري الى انعكاس الوضع السياسي والامني في البلاد على الوضع الاقتصادي برمته الذي شهد تراجعات كبيرة على كل المستويات، معتبرا ان «المستهلك اللبناني يحجم عن الشراء بسبب ضعف القدرة الشرائية وخوفه من المستقبل».
فاكهاني
وقال رئيس جمعية تجار مار الياس عدنان فاكهاني لـ»المستقبل» «ان حركة الاسواق مفقودة». واضاف «الاسواق تحضرت جيدا لموسم الاعياد على مستوى البضائع والزينة والمهرجانات والتنزيلات، لكن كل ذلك لم يحرك للأسواق ساكنا. فحركة العيد غير موجودة لان وضع الناس صعب جدا، ولولا الضرورة لا احد يقدم على الشراء». وتابع «كنا ننتظر مجيء السياح من الخارج، لكن حتى الآن لم نر أحدا«.
وقال «إذا كانت السنة الماضية سيئة، فالسنة الحالية اسوأ بكثير، حيث تراجعت ارقام المبيعات بشكل مخيف». واشار الى ان «الوضع الصعب دفع التجار الى اجراء حسومات كبيرة، وهي وصلت الى حد المضاربة بين التجار، وذلك بهدف الحصول على بعض الاموال النقدية كي يتمكنوا من سداد مصاريفهم والدفعات المترتبة عليهم للدولة والمصارف والموردين في نهاية العام«.
وحذر فاكهاني من أن الوضع بات صعبا للغاية، فعدد كبير من المؤسسات اقفلت، في حين هناك الكثير منها تسير على هذا الدرب، في حال لم تتحسن الاوضاع»، داعيا الى الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية واعادة تفعيل المؤسسات الدستورية وتوفير الامن، الذي يعتبر أوكسيجين الاقتصاد».
حلوة
رئيس جمعية تجار طرابلس فواز حلوة دق ناقوس الخطر، محذرا من موجة اقفال مؤسسات تجارية كبيرة في طرابلس. وقال حلوة لـ»المستقبل» «شهدنا خلال الاشهر الماضية اقفال عدد كبير من المؤسسات التجارية في عدد من شوارع المدينة، هذا الامر يبدو انه سيستمر لأن الحركة التجارية لم تشهد اي تحسن خلال الاشهر الماضية رغم تنفيذ الخطة الامنية واستتباب الامن في طرابلس ومحيطها».
ولفت حلوة الى تراجع كبير في حركة اسواق طرابلس قبل الاعياد. وقال «الحركة خجولة ولا تعكس اجواء الاعياد»، متوقعا ان يكون التراجع في هذه الفترة بنسبة 60 في المئة مقارنة مع العام الماضي».
اما بالنسبة للحركة التجارية في العام 2014، قال حلوة «الحركة شبه معدومة، وهي تقل عن 90 في المئة مقارنة مع السنوات العادية». واضاف «هناك الكثير من التجار لا يبيعون اي شي خلال ايام، فكيف يمكن لهم ان يستمروا؟».