انور عقل ضو
لم ترتق الحركة التجارية في قضاء عاليه والمتن الأعلى إلى ما كان يتوقعه التجار في هذه الفترة، وإن كانت الآمال معقودة على القادم من أيام، عشية عيدي الميلاد ورأس السنة. إلا أن المشكلة ما عادت مرتبطة بموسم كونها تعدت ذلك إلى أزمة تتهدد القطاع التجاري برمته، خصوصا من استثمروا في هذا القطاع اعتمادا على فترة النهوض التي شهدتها مناطق الاصطياف قبل سنوات خمس.
وسط الواقع القائم تبدو حركة الأسواق عادية، مع فارق بسيط أن الشوارع والساحات ازدانت بمعالم الزينة، وهي لا تشي بأن ثمة أعيادا على الأبواب، من المتن الأعلى إلى جرد عاليه والشحار وصولا إلى الشويفات. الحركة السياحية شبه معدومة، ومن كانوا يؤمون لبنان من الخليجيين في هذه الفترة فضلوا تمضية العيد في بلدان أوروبية، حتى أن مجيئهم الى لبنان بات مقتصرا على تفقد ممتلكاتهم وإدارة استثماراتهم العقارية فحسب، فيما المغتربون اللبنانيون يتخوفون من الظروف السياسية والأمنية، ما يعني أن الحركة التجارية ستنشط في حدود متواضعة جدا، أخذا في الاعتبار أن المواطنين محكومون باستحقاقات تحرمهم من التسوق مع التزامات المدارس ومستلزمات التدفئة، فضلا عن أن جل المواطنين مرتهنون للمصارف لجهة تسديد أقساط سيارة أو شقة سكنية.
ففي المتن الأعلى تتخوف مرام السوقي (صاحبة محل شتول وأزهار) «من عدم بيع شتول الميلاد»، وتقول: «قمت أيضا بتحضير عشرين هدية عبارة عن توليفة شتول بأسعار تتراوح بين 20 و30 و40 و50 ألف ليرة لبنانية لتناسب سائر المواطنين حسب ميزانيتهم، وإلى الآن لم أبع منها شيئا ولكنني أظل متفائلة».
ويرى التاجر شوقي العريضي أن «الاقبال سيكون مقتصرا على محال الحلويات في حمانا وخلوات فالوغا وفي مدينة عاليه»، لافتا الانتباه إلى أن «الاقبال على قطاع الملبوسات سيبقى متواضعا، فيما محال الألعاب قد تشهد إقبالا خجولا بفضل جمعيات أهلية وبلديات تقوم عادة بشراء كميات من الألعاب وتوزيعها».
أسيرة الواقع
بعيدا من المحال التي اضطرت للإقفال بسبب الجمود المستمر منذ سنوات عدة، تبقى المؤسسات التجارية الصامدة أسيرة الواقع المأزوم، وكذلك القطاعات السياحية كالفنادق التي لم تغامر في تشريع أبوابها لملاقاة موسم الأعياد باحتفالات وبرامج فنية كبيرة باستثناء عدد قليل لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة.
يشير سلطان المغربي (موظف فندق في منطقة عاليه – الزهار) إلى أن «هناك حجوزات وبرامج فنية نظرا الى أن الفندق افتتح الصيف الماضي ويضم قاعات سباحة شتوية وقاعة (بولينغ) وغيرها»، ويلفت إلى أن «الفندق يعتبر واحدا من شبكة فنادق عالمية عريقة تؤمن حجوزات لفروعها المنتشرة في العالم».
ويقول فريد معوض مدير مؤسسة سياحية: «لا يمكن أخذ فندق واحد نموذجا، فالفنادق معظمها مقفلة وهذا ينعكس سلبا على سائر القطاعات المرتبطة بالسياحة كالتجارة وقطاع تأجير السيارات»، ويضيف: «أقصى ما نريده في هذه الفترة هو تأمين مقومات الاستمرار».
أما المؤسسات التجارية في الأسواق الصغيرة في قرى وبلدات الاصطياف فهي تواجه خيار الاقفال، باستثناء أسواق عريقة وناشئة في قبرشمون والشويفات، فيما البلدات التي تعتمد قطاع السياحة الموسمية فلم يغامر التجار فيها بفتح مؤسساتهم، فكم بالحري في فصل الشتاء.
في مدينة عاليه، تبدو الصورة مختلفة، فالمدينة لم تعد كما كانت في سبعينيات القرن الماضي، حركة سياحية استثنائية صيفا، وحالة جمود شتاء، بمعنى أن عاليه فضلا عن كونها عاصمة القضاء، شهدت في السنوات العشر الماضية تغيرات كبيرة، فَتَطَوُّرُ القطاع العقاري جذب إليها الآلاف من أبناء بيروت ومناطق عدة، لذلك تبدو أسواقها التجارية ناشطة على مدار العام.
موسم متواضع
البعض من التجار يرى أن ما هو قائم «حركة بلا بركة»، فيما آخرون يرون أن ما هو قائم في ظل الظروف الصعبة يعتبر جيدا، فالتاجر نسيب العموري يشير إلى أن «موسم الاعياد ما زال متواضعا»، ويلفت إلى أنه «في العادة تنشط الحركة التجارية قبل ثلاثة أيام من الاعياد».
أما رئيس «جمعية تجار عاليه» سمير شهيب، فيؤكد أنه «وسط الواقع الصعب القائم، نسعى كجمعية لتشجيع الاستثمار بالجبل لا سيما في عاليه واسواقها».
ويقول: «بالتعاون مع بلدية عاليه التي أنجزت زينة استثنائية كما هي العادة في كل عام، لا نعدم وسيلة لتفعيل الحركة التجارية، وفي هذا المجال وبالتنسيق مع المؤسسات التجارية والفاعليات والمسؤولين في كل القطاعات الاقتصادية والتجارية، أطلقنا مؤخرا بالتعاون مع أحد المصارف «بطاقة جمعية تجار عاليه للتسوق»، وهي تعطي حاملها فضلا عن سلة الخدمات المقدمة من البنك، حسومات من الاسواق التجارية لمدينة عاليه».
لكنه يرى أن «ما نتطلع اليه هو الاستقرار السياسي والأمني لانه المدخل الأساس لتفعيل وتنشيط القطاعات الاقتصادية كافة».