اعلنت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن زيادة الدور الإقتصادي للقوات المسلحة يؤدي إلى مزيد من المزاحمة للقطاع الخاص الذي يعاني بالفعل مزاحمة الحكومة له من خلال تمويلها لعجز الموازنة عبر البنوك المحلية.
واصدرت المفوضية دراستين تناقش فيهما بعض سمات التوجه الإقتصادي في مصر خلال الفترة الراهنة. وجاءت الدراسة الأولى تحت عنوان “تقرير عن البيان المالي للموازنة وأمور اخرى”، والدراسة الثانية جاءت تحت عنوان “مدخل لفهم اقتصاد الجيش في مصر”.
وانتقدت الدراسة الأولى قيام الحكومة بإتخاذ قرار خفض الدعم في ميزانية 2014/2015 بدون وضع نظم بديلة تحمي الفقراء من الآثار السلبية المترتبة على ذلك.
واعتبرت أن ما قامت به الحكومة من زيادة في عدد الأسر المستفيدة من معاش الضمان الإجتماعي من 1.5 مليون أسرة إلى 2.3 مليون أسرة هو أقل القليل في ذلك الصدد، حيث أوضحت أن أكثر من نصف عدد الأسر الفقيرة في مصر غير مشمول بمعاش الضمان الإجتماعي، كما أن قيمة ذلك المعاش لأسرة مكونة من أربع أفراد تبلغ 450 جنيها فقط، بينما تبلغ قيمة ما تحتاجه فعلياً للإنفاق على الطعام والشراب 856 جنيه.
كما انتقدت الدراسة تضارب الأهداف الاقتصادية للقائمين على الملف الإقتصادي في مصر، فأوضحت إنه وبالرغم من القرارات التقشفية الأخيرة فإن الحكومة تستهدف زيادة معدل النمو إلى 3.2%، وهو ما رأت إنه يصعب تحقيقه خصوصا مع عزوف القطاع الخاص سواء محلي أو أجنبي عن ضخ إستثمارات جديدة نظرا لعدم الإستقرار السياسي والأمني الذي تشهده البلاد.
أما عن التضارب بين السياستين المالية والنقدية فاتضح في قرار البنك المركزي بزيادة سعر الفائدة على الإيداع والإقتراض بواقع 100 نقطة أساس، حيث أوضحت الدراسة أن زيادة سعر الفائدة على الإقراض سوف يؤدي بدوره إلى إرتفاع تكلفة الإقتراض الحكومي وزيادة عبء خدمة الدين المحلي، نظرا لأن الحكومة تعتبر أكبر مقترض من القطاع المصر في المصري، وهو ما رأت الدراسة انه يتعارض مع الهدف الذي من أجله قامت الحكومة بإتخاذ القرارات التقشفية الأخيرة.
وأوضحت أن هذا القرار سوف يؤدي كذلك إلى إرتفاع تكلفة الإقتراض للقطاع الخاص، وهو ما سوف يؤدي بدوره إلى تباطؤ في وتيرة الإستثمارات الخاصة، الذي من شأنه يعرقل الوصول لمعدل النمو المستهدف.
كما تناولت الدراسة بشكل عام التغييرات التي تم إدخالها علي السياسة المالية مع بداية العام المالي الحالي 2014/2015، وتطرقت الدراسة إلى قرار ضم 10% من إيرادات الصناديق والحسابات الخاصة للموازنة العامة.
وأوضحت أن ذلك القرار جاء بعد قرار سابق من وزير المالية الأسبق بضم 20% من إيراداتها، وتسائلت الدراسة عن سبب خفض تلك النسبة رغم حاجة الدولة الماسة لمثل تلك الإيرادات. كما استنكرت بالأساس وجود مثل تلك الصناديق والحسابات الخاصة وطالبت بضمها إلي الموازنة العامة كاملة.
وقد طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات الحكومة المصرية البدء في تأسيس شبكة أمان إجتماعي قوية تحمي الفقراء من الأثار السلبية لانسحاب الحكومة من دعم الطاقة، والتي يأتي معاش الضمان الإجتماعي كبداية لتأسيس مثل تلك الشبكة من خلال زيادة قيمته زيادة كافية، وعلى أن يشتمل جميع الأسر الفقيرة في مصر، كما طالبت بتطوير شبكة المواصلات العامة ورفع كفائتها وجعل تعريفة الركوب في متناول يد الفئات الأكثر إحتياجا، وخلصت الدراسة الأولى كذلك إلى غياب التنسيق الجيد بين السياستين النقدية والمالية.
وتأتي الدراسة الثانية كورقة بحثية حول تزايد الدور الاقتصادي للمؤسسة العسكرية وخاصة بعد 30 يونيو 2013، متناولة إنخراط القوات المسلحة في الإقتصاد المصري من خلال المؤسسات والهيئات الإقتصادية التابعة لها كالهيئة الهندسية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية والهيئة القومية للتصنيع والهيئة القومية للإنتاج الحربي.
وحللت الدراسة طبيعة العلاقة بين مؤسسة القوات المسلحة وبين الدولة المصرية بمختلف مؤسساتها. وركزت على بعض مشاريع التعاون الإقتصادي بين مؤسسة القوات المسلحة ودول الخليج الفارسي التي منحت مصر حزمة ضخمة من المساعدات الإقتصادية بلغت 17 مليار دولار. من بين هذه المشاريع “مشروع اعمار سكوير”و”مشروع محور قناه السويس” والعديد من مشروعات البنى التحتية التي يتم تمويلها من خلال دول الخليج الفارسي وتقوم بتنفيذها القوات المسلحة.
وخلصت الدراسة إلى أن زيادة الدور الإقتصادي للقوات المسلحة يؤدي إلى مزيد من المزاحمة للقطاع الخاص الذي يعاني بالفعل مزاحمة الحكومة له من خلال تمويلها لعجز الموازنة عبر البنوك المحلية.