رسلان منصور
فيما يشدد أغلبية مزارعي بساتين الحمضيات والليمون في عكار على جودة موسم هذا العام، فإن تحسناً طرأ على موضوع الأسعار والتصريف، بسبب استقرار الأوضاع الأمنية شمالاً ما انعكس على الموسم الحالي ايجاباً، وأعاد بعض الارتياح الى المزارعين بخلاف العام الماضي، الذي شهد توترات أمنية في عز الموسم ما أدى الى خسائر اقتصادية فادحة، أُضيفت اليها العوامل المناخية وقلة الأمطار، ما قد يعوض بعض الخسائر التي مُني بها هؤلاء في السابق، في حال لم تحدث عواصف وتبدلات مناخية كبيرة.
ورغم الجو السائد، بقيت صرخة المزارعين والضامنين نفسها كما في كل عام، لجهة مطالبة الوزارات المعنية بتأمين حماية هذه المواسم، عبر السعي لعقد الاتفاقيات الاقتصادية مع دول عربية وأوروبية لتأمين تصريف الانتاج اللبناني، الذي يعتبر من أهم الانتاج على المستوى العربي، وعلى مستوى حوض البحر المتوسط بشهادة عدد كبير من الخبراء والمزارعين والمصدرين والتجار.
كذلك بقي التصريف عبر البر مشوباً بالكثير من المخاطر لجهة المصاعب الأمنية التي تواجه برادات الخضار والفواكه العابرة عبر الأراضي السورية الى الأردن والخليج العربي، بسبب الأحداث المتفاقمة وما تتعرض له قوافل الشاحنات من اعتداءات، ما يترك آثاره على عملية التصدير ليبقى البحر الوسيلة المفضلة رغم ارتفاع التكاليف.
ويقترح المزارعون للتعويض عن ذلك، حث الدول الصديقة على شراء المواسم اللبنانية، ويقول أحمد ابراهيم «أبو ابراهيم»ـ وهو من كبار المزارعين في سهل عكار «أسعارنا مقبولة مقارنة بغيرنا من الدول المنتجة لليمون، والقيام بعقد اتفاقيات تبادلية تخفف من الأعباء والرسوم«، مضيفاً «هذه الاتفاقيات ستساعد المزارع اللبناني كثيراً، خصوصاً أن الحمضيات في لبنان لا تحتاج الى دعاية وهي تنافسية بامتياز، رغم المزاحمة التي قد نلقاها من الجانب التركي ومصر وسوريا وفلسطين، لكن الفارق الوحيد أن هناك دعماً اقتصادياً وتشجيعا للمزارعين في هذه الدول يزيل الأعباء عن كاهل المزارعين ويخفف من تكاليف التصدير التي تضاف في الواقع الى تكلفة الانتاج المرتبط بالري والسماد والقطاف وأجور اليد العاملة والتوضيب والتخزين وسوى ذلك، بينما نحن متروكون لا ناقة لنا وجمل، نبحث عن مخارج لأزماتنا بأنفسنا حيث تغيب الخطط في هذا المجال«.
ويشدد في السياق نفسه على أن «المطلوب وضع برنامج لحماية هذه الزراعة على غرار التفاح والقمح والشمندر والتبغ والتنباك، واتخاذ التدابير عينها في موضوع البطاطا، كل هذه الاجراءات من جهة توفر على المزارع التكاليف وتشجعه أكثر فأكثر على الزراعة والاهتمام بالانتاج وجودته، ومن جهة ثانية ندخل اسم لبنان كبلد منتج ومصدر من الدرجة الأولى، وهو امر واقعي وممكن باعتراف الكثير من العاملين في هذا المجال«.
ماذا عن الواقع الحالي؟
يلفت مزارع من بلدة بلانة الحيصة في سهل عكار محمد فريوان، إلى ان «القلق يبقى الهاجس الدائم من احتمال تدهور الأوضاع الأمنية وعودة الأمور الى سابق عهدها، عندها سنصاب بخسائر كبيرة، اليوم ومع الخطة الأمنية فإن الظروف افضل من دون أدنى شك، وبالتالي فإن المنتوج العكاري يصل الى أسواق طرابلس ودير عمار والمنية وأنحاء شتى من الشمال وجبيل وغيرها دون عوائق، كذلك الأمر فإن سوق الخضر في قبة بشمرا أيضاً أصبح مكاناً ملائماً للتصريف والبيع بالجملة والمفرق ويرتاده الكثير من التجار لشراء منتوجنا، حيث حلت الى حد بعيد مشكلة التخزين«، مضيفاً «هناك نقاط بيع عدة على الطرقات أيضاً تسهم بتصريف فائض الانتاج، لكن أملنا الأكبر بالتصدير الخارجي الذي يعيد الاعتبار لزراعتنا ويعوض علينا بعض التكاليف«.
وتابع «الى ذلك الحين فإن الصورة تبقى على حالها وتكلفة الانتاج مرتفعة نسبياً، وتبقى المشاكل هي عينها، اليوم يتراوح سعر البيع للصندوق الواحد بين 10 آلاف و12 ألفاً وهذا سعر مقبول، لكن إذا تقدم القطاف فإن الأسعار ستنحدر وستصل الى 7 آلاف وربما 6 آلاف، هنا نشعر بآثار الخسارة الكبرى علينا«، مضيفاً «نحن لا نرفع الصوت فقط من أجل تكرار الكلام الذي نسمعه من كل المزارعين مع كل موسم (النق كما يقال)، فالشأن الزراعي يحتاج الى سياسة واضحة تبدأ بدعم التصدير وتنتهي بدعم النقل وأسعار الوقود، وأعتقد أن الانخفاض العالمي في أسعار الوقود سيكون له انعكاسات ايجابية في موضوع تكلفة النقل الخارجية والداخلية، ما سيسهم بتخفيض الأسعار، وبالتالي تبقى هذه النقطة هي الايجابية الوحيدة في هذا المجال«.