IMLebanon

الحياة تعود إلى مدينة طرابلس خلال الأعياد: أسواقها التجارية تنتعش وشوارعها تعجُّ بالسيارات

TriploiChristmas
روعة الرفاعي
نجحت مدينة طرابلس وكما كان متوقّعاً لها، في اجتياز كل المحن التي أصابتها، والاهتزازات الأمنية التي عصفت بها، وتمكّنت «بسحر ساحر» من أنْ تنفض عنها غبار «الموت والاحباط» لتؤكد للجميع لاسيما أولئك الذين يتّهمونها بالفوضى والتشدّد وأحياناً بالتخلّف، أنها مدينة «محبة للحياة»، تستحق الاضاءة عليها ايجابياً، بعدما ارتدت أبهى حللها اليوم وهي تحتفل بعيدَيْ الميلاد ورأس السنة، حتى ان المراقب يؤكد على أن أهم زينة «للميلاد» شهدتها طرابلس هذا العام، فإلى جانب شجرة الميلاد، التي اعتاد أبناء المدينة على اضاءتها في شارع النيني منذ أربع سنوات، ارتفعت اشجار الميلاد في كل شارع ومنطقة فضلاً عن الانارة التي حوّلت ليلها نهارا، وأنشطتها الثقافية والفنية والتي أعادت للمدينة ألقها وتألقها، والصورة الحقيقية عنها.
فهنا فرحة العيد لا تشبه أي منطقة أخرى، ربما لأنّ هذه المدينة طالبت وفي أكثر من مناسبة «بأحقيتها بالعيش الكريم» ورفعت الصوت عالياً في سبيل نبذ العنف، الذي استهلكها لسنوات طويلة دون أن يكون لشعبها الطيب أي دور فيه، والذي بعكس كل التوقّعات وقف في وجه الظلم، تصدّى له أبناء طرابلس واجهوا العنف بالسلم، سلاحهم «المحبة»، عنوانهم «الصبر» والايمان بمدينتهم التي تلقّت الضربات الواحدة تلو الأخرى بصدور عارية وربما لهذا السبب «استحقت الحياة».
اليوم طرابلس تزدان بأشجار الميلاد، وهي التي تُتّهم بالتشدّد والطائفية، شوارع طرابلس أُنيرت ليلاً وهي المتّهمة «بالعتمة والسواد الأعظم»، طرابلس تعمّها الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية» وهي المتّهمة دائماً بالعزلة.
أسواقها تعج بالزوار من داخل وخارج المدينة، الغالبية العظمى منهم يؤكدون أهمية هذه الأسواق ومدى اشتياقهم للتجوال فيها والتبضّع منها نظراً لأسعارها التي لا تشبه أي سوق آخر، طرابلس «أم الفقير» و«أم كل الشعب اللبناني» تحتضن اليوم أبناءها في أبهى حلّتها.
كثيرة هي الأنشطة الميلادية التي شهدتها مدينة طرابلس، وساهمت بها المراكز والمؤسسات الثقافية، والتي كان لها وفي أحلك الظروف الدور البارز في انعاش الحياة في المدينة التي أنهكتها الفوضى والشائعات والمحاربات والتي انهالت عليها من كل حدب وصوب، ومع ذلك استمرت مؤسسة الصفدي في إحياء الأمسيات الثقافية في أكثر من مناسبة فضلاً عن الندوات والاحتفالات، تماماً كما مركز العزم الثقافي، الذي لم يكل ولم يهدأ طيلة الفترة السابقة ليكلّلوا نجاحاتهم مع نهاية العام بإضاءة «شجرة الميلاد» وإحياء الاحتفالات التي تدخل البهجة الى نفوس الأطفال، ولا يغيب عن الذهن جهود بلدية طرابلس في سبيل انارة الشوارع ليلاً عبر الزينة التي نشرتها على طول البولفار ومنطقة الضم والفرز والأسواق الداخلية اضافة الى شجرة «النيني» والتي باتت تقليداً سنوياً هذا الى جانب الزينة التي ساهم بها تجار المدينة إيذاناً منهم بعودة الحياة لمدينتهم.
مؤسّسة الصفدي
وللمناسبة، لفت المدير العام لمؤسسة الصفدي السيد رياض علم الدين إلى ان «المؤسسة» تنظم مهرجانها السنوي الخامس «عيش الميلاد» في «مركز الصفدي الثقافي» بطرابلس، بهدف التأكيد على المعاني الإنسانية التي يمثّلها هذا العيد والقائمة على المحبة والسلام، ولتؤكد أيضاً مع شركائها، أنّ الثقافة هي أرقى أساليب الحوار والتواصل بين الشعوب، وللتشديد على مبادئ الانفتاح والعيش المشترك، وإرادة الحياة، وهي مزايا لطالما تمتعت بها مدينة طرابلس ولا تزال.
هذا العام، برنامج المهرجان، إضافة إلى الكبار، فإنّه يستهدف بالدرجة الأولى الأطفال والشباب من خلال الأنشطة التي تمنحهم في معظمها، الفرحة والإحساس الحقيقي بعيد الميلاد بما يتلاءم مع روحية هذه المناسبة، القائمة على الألفة والتضامن والمشاركة.
وفي هذا السياق، شارك فريق نادي المتحد طرابلس بكرة السلة في إدخال البهجة إلى الأطفال ضمن نشاط رياضي ترفيهي شارك فيه 60 طفلاً من مدرسة الأنطونية في الميناء وشباب الصليب الأحمر اللبناني، وذلك على أرض ملعب نادي المتحد.
وعن هذا النشاط تحدّث مدير النادي سامر نشّار قائلاً: من أهم أهداف نادي المتحد إدخال الفرحة والبهجة إلى نفوس الأطفال من كل المناطق والأعمار والطوائف. النشاط يتضمّن ألعاباً ترفيهية بوجود اللاعبين وبالطبع فإن هذا من شأنه إعطاء الصورة الحقيقية والحضارية لمدينة طرابلس.
وختم نشّار متوجّهاً بالتهنئة لكل الشعب اللبناني ولأهالي مدينة طرابلس والذين ينشدون السلام والأمان، واليوم فإنّ هذه المدينة أثبتت بالفعل أحقيتها بأن تنعم بالأمن وتعيش حياة مستقرة.
{ اللاعب عمر الترك أكد أنها السنة الأولى التي يشارك فيها مع نادي المتحد طرابلس، وبالرغم من انني ابن بيروت الا انني أعشق هذه المدينة وأزورها بقصد الاستجمام والراحة، ما يربطني بها هو شعبها الطيب وعاداتها التي لا نراها في أي منطقة أخرى. للحياة في طرابلس نكهة خاصة، ولا يجوز الاساءة لها، وأنا اشكر نادي المتحد والذي يقوم بأنشطة بمناسبة الأعياد، الأطفال هم العيد ويحق لهم أن يعيشوا حياة الفرح.
ورداً على سؤال يقول: للأسف نسمع الكثير من الاتهامات بحق هذه المدينة، والتي ان عشنا فيها فإننا نتلمس بالفعل جماليتها، هي بالفعل مدينة «الحياة». نتمنى للجميع ميلادا مجيدا وعاما سعيدا وكفانا ما عانيناه في السنوات السابقة وآن لنا العيش بسلام.
مركز العزم الثقافي
{ المديرة الفنية بمركز العزم الثقافي – بيت الفن نادين العلي قالت: بفضل الوضع الأمني الجيد فإن مدينة طرابلس احتفلت بعيد الميلاد بطريقة مميّزة عن بقية المناطق اللبنانية، وكمركز عزم قمنا بعدة أنشطة، منها استقبالهم العروض للأطفال إضافة الى مهرجان للميلاد بمشاركة الأب جورج حبيقة، فضلاً عن مشاركة عبد الرزاق قرحاني، الذي تحدث عن ميلاد المسيح في القرآن الكريم، وكان هناك احتفال أحياه آل طنب حيث غنوا أغاني الميلاد، وكورال الفيحاء، الذي يعد بيت الفن الراعي الرسمي له، فضلاً عن نشاطات كلاسيكية. وتابعت العلي: الواقع إنّ هذا المركز يهتم بكل الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية والتي تشهد الاقبال الشديد ما يعطي الصورة الحقيقية عن هذه المدينة المحبة للحياة، وأهلها الذين يتابعون الأحداث الثقافية بعكس ما يُثار عنهم من شائعات، حتى إنّ بعض الأنشطة تشهد اقبالاً من خارج المدينة وهذا بالفعل ما نسعى له في مركز العزم. الحياة عادت لمدينة طرابلس، وبهذه المناسبة نتوجه بالتهنئة لكل أبناء الوطن عامة، ولأبناء طرابلس خاصة بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة ونتمناها سنة خير للجميع، رسالتنا مجابهة السلاح بالثقافة.
شجرة الميلاد في طرابلس
{ مدير مركز الرأي البناني للدراسات جوني نحاس تحدّث عن شجرة الميلاد القائمة في شارع النيني قائلاً: هناك البعض ممن يهاجمون مدينة طرابلس ويتهمونها بالتشدّد، وهو من خارج المدينة، لأن أهلها يعيشون حياة مشتركة وهذه السنة فإن زينة الميلاد تعد أكبر وأهم من كل المناطق اللبنانية. بالنسبة لي هي مدينتي التي أعيش فيها وأرغب البقاء مع أولادي، اليوم تثبت هذه المدينة حبها للعيش وكل هذا نلمسه من مدى حركة السير فيها وعودة الحياة الى طبيعتها، المدينة تشهد في ظل الوضع الأمني المستتب حركة اقتصادية وتجارية مهمة وقد عاد ابن الأقضية ليزورها ويستمتع بأنشطتها المتنوعة. لقد عادت طرابلس الى سابق عهدها وهذا بالفعل ما ننشده منذ زمن طويل.
وتابع نحاس: سنستمر في تقديم الدعم لمدينتنا التي نعشق الحياة فيها بكل ما للكلمة من معنى، نحن نعيش جنباً الى جنب مع كل الطوائف والأديان، القلة القليلة لن تؤثر سلباً على واقع هذه المدينة العريقة والتي تستحق العيش بأمان، نتمناها أعياداً مجيدة للجميع وعاماً سعيداً.