في أعقاب تعهد الاحتياطي الفيدرالي بأن يكون “صبورا” فيما يتعلق بزيادة أسعار الفائدة، خرج المؤمنون بالسوق الصاعدة للأسهم بقوة، على الرغم من أن المشاركين كانوا أيضا يراقبون أسواق النفط بحذر، لأن المكاسب السابقة لأسعار النفط الخام تحوّلت إلى خسائر حادة.
البنك المركزي في سويسرا كان من ضمن الأخبار عندما قام بإدخال أسعار فائدة سلبية على الودائع تحت الطلب، في محاولة لوقف ارتفاع قيمة الفرنك، الذي عزاه بعضهم إلى التدفقات الخارجة من روسيا بعد تراجع الروبل.
لكن الاحتياطي الفيدرالي هو الذي أخذ القسط الأكبر من الأضواء، مع سعي الأسواق لاستيعاب بيانه الأخير، والمؤتمر الصحافي لرئيسة مجلس الإدارة، جانيت ييلين، بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، الذي أدى إلى تفسيرات متباينة من المحللين.
قال جيم ريد، مختص الاستراتيجية الكلية في دويتشه بانك: “النتيجة النهائية، إنهم ربما أعطوا شيئا لكل من الحمائم والصقور، والكثير الآن يبدو أنه يعتمد على ما إذا كان التضخم سيبقى منخفضا أم يرتفع مرة أخرى نحو نسبة 2 في المائة”.
وأضاف: “إذا كان سيبقى منخفضا، من غير المرجح في هذه الحالة أن ترتفع أسعار الفائدة في عام 2015، وإذا كان سيرتفع، عندها سيرغب الاحتياطي الفيدرالي بزيادة أسعار الفائدة. بشكل عام، البيان والمؤتمر الصحافي هما علامة على ثقة الاحتياطي الفيدرالي أن بإمكانه البدء بالعودة إلى الوضع الطبيعي في وقت قريب، لكن كما في أي وقت مضى، هم يجعلون هذه البيانات مشروطة”.
بالتأكيد اعتمدت أسواق الأسهم موقفا يؤمن بالسوق الصاعدة. في وول ستريت، ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 1.5 في المائة ليصبح 2042 بحلول منتصف اليوم، ليقوم بتوسيع مكاسب يوم الأربعاء البالغة 2 في المائة، في حين أن مؤشر CBOE فيكس للتقلّب – المسمى “مؤشر الخوف” في وول ستريت – انخفض بنسبة 7 في المائة أخرى ليصبح 18 نقطة، بعد يومين فقط من وصوله إلى أعلى مستوى منذ شهرين بلغ أكثر من نقطة 25.
عبر المحيط الأطلسي، ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يورو فيرست 300 بنسبة 3 في المائة، وهو أكبر ارتفاع له في يوم واحد منذ أواخر عام 2011، في حين أن مؤشر نيكاي 225 في طوكيو ارتفع بنسبة 2.3 في المائة.
وجادل أدريان ميلر، مدير استراتيجية الدخل الثابت في جي إم بي للأوراق المالية، بأنه إضافة إلى بيان الاحتياطي الفيدرالي الذي استُقبل بصورة جيدة، كان هناك مساهم رئيس في السباق هو الانتعاش المبكر في أسعار النفط الخام.
وقال: “في الواقع، الانهيار الكبير في سوق الطاقة ألقى ظلالا على الأصول العالمية المحفوفة بالمخاطر، ما أثر سلبا في الأداء، وأدى إلى توسيع الفروق في أسعار الفائدة على السندات الحكومية والتجارية، وغالبا دون النظر إلى الأساسيات المتينة الكامنة”.
لكن خام برنت قام بعكس التقدّم الأولي، الذي جعله يرتفع إلى ما يصل إلى 63.70 دولار للبرميل، ويقف عند سعر أقل بمقدار 1.12 دولار عند 60.06 دولار. خام غرب تكساس المتوسط، وهو مؤشر النفط المرجعي في الولايات المتحدة، عانى تراجعا مماثلا.
هذا بدوره وضع الضغط على الروبل الذي كان قد مدد مبدئيا اندفاع يوم الأربعاء بعد مؤتمر صحافي للرئيس فلاديمير بوتين. وكان آخر سعر تداول للعملة الروسية بقيمة 61.27 روبل لكل دولار، مقارنة بـ 60.15 روبل عند الإغلاق يوم الأربعاء.
وتخلى الدولار عن بعض مكاسبه السابقة التي جعلته يقترب من أعلى مستوى منذ خمسة أعوام مقابل مجموعة من العملات. وكان مؤشر الدولار قد ارتفع أقل من 0.1 في المائة ليصبح 89.201 نقطة، بعد أن وصل إلى 89.39 نقطة. كما ارتفعت العملة الأمريكية مقابل الين لتصبح 118.96 ين، في حين أن اليورو انخفض بنسبة 0.5 في المائة ليصبح 1.2283 دولار.
كذلك تجاهل الذهب نوبة قوة الدولار ليرتفع بمقدار سبعة دولارات ويصبح 1195 دولارا للأونصة، على الرغم من أن هذا كان بعيدا عن مستوى مرتفع سابق بلغ 1212 دولارا.
وارتفع الدولار بنسبة 0.8 في المائة مقابل الفرنك السويسري. وقالت كاترين جوريتزكي، مختصة استراتيجية العملات الأجنبية في بنك يوني كريديت: “يبدو أن خطوة البنك الوطني السويسري هي خطوة استباقية لتبرير احتمال الإعلان عن المزيد من تخفيف السياسة النقدية من قِبل [البنك المركزي الأوروبي] والزيادة المحتملة في الطلب على الأصول التي تعتبر ملاذا على خلفية مخاوف منطقة اليورو”.
وأضافت: “من المنظور متوسط الأجل، الخطوة الأخيرة تُضيف إلى قناعاتنا أن الفرنك السويسري ينبغي أن يضعُف”.
أما اليونان، فتبقى من عوامل القلق الأساسية بشأن منطقة اليورو، بسبب استمرار عدم اليقين السياسي مع إطالة عملية انتخاب الرئيس.
مع ذلك، تراجعت المخاوف بشأن التأثير المحتمل من انتخابات عامة مبكرة ممكنة بعد أن قال زعيم حزب المعارضة الرئيس إنه ملتزم بإبقاء اليونان ضمن منطقة اليورو في حال تولى السلطة.
التعليقات المؤيدة من وزير المالية الألماني عملت أيضا على تخفيف المخاوف. وانخفضت عوائد سندات الحكومة اليونانية لأجل عشر أعوام بواقع 25 نقطة أساس لتصبح 8.67 في المائة، في حين أن مؤشر الأسهم العام في أثينا ارتفع بنسبة 1.5 في المائة.
واستمرت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية بالارتفاع في أعقاب بيان الاحتياطي الفيدرالي، حيث ارتفع العائد على السندات لأجل عشر سنوات سبع نقاط أساس ليصل إلى 2.21 في المائة. أما السندات لأجل سنتين، الحساسة بصورة خاصة لأسعار الفائدة، فقد ارتفعت ثلاث نقاط أساس ليصل العائد إلى 0.64 في المائة.
في ألمانيا ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 0.62 في المائة بعد أن ألمح مؤشر آيفو لمناخ الأعمال إلى احتمال انتعاش النشاط.